سعيد ياسين: مصطفى الشال من أهم المخرجين الذين أثروا الساحة بالدراما الدينية المتميزة خلال السنوات العشر الماضية، حيث قدم شخصيات عديدة، مثل ''الليث بن سعد'' و''الإمام إبن ماجة'' و''الإمام النسائي'' إمام الدعاة''•• ويرى ضرورة الاهتمام بتقديم المزيد من الأعمال الدينية في الوقت الراهن، لإظهار جوهر الاسلام الحقيقي من تسامح ومحبة ومعاملة حسنة وللرد على المزاعم التي تتهم العالم الاسلامي بالإرهاب والتطرف والعنف• ويطالب الدول العربية والاسلامية بتقديم الامكانيات لمثل هذه النوعية من الأعمال لأنها وثائق تاريخية• هل كنت تسعى لإخراج مسلسلات دينية؟ كانت النزعة موجودة حين عملت كمساعد مخرج في العديد من الأعمال الدينية مع أحمد طنطاوي وأحمد توفيق وممدوح مراد، وكانت لدي ميول لهذه النوعية من الأعمال، وعندما أتيحت لي الفرصة قدمت الجزء الأول من ''العشق الإلهي'' من تأليف عايد الرباط وكان يلقي الضوء على عدد كبير من الشخصيات الصوفية وكيف تحولت من شخصيات عادية الى صوفية من أمثال ابن عطاء الله السكندري وابن سيرين والحسن الشاذلي وابن القيم الجوزية و''المرسي أبو العباس''• ثم ''الليث بن سعد'' مرورا بـ''إبن ماجة'' و''صدق الله العظيم'' و''إمام الدعاة الشيخ الشعراوي'' و''أنوار الحكمة'' و''الإمام النسائي''• ما أقرب أعمالك لقلبك؟ مسلسل ''الليث بن سعد'' من تأليف عايد الرباط، لأن الليث شخصية مصرية لم تسلط عليها الأضواء وكانت سعادتي به كبيرة لأنه من الأئمة القلائل المصريين وكل تلاميذه أضاعوا ما كُتب عنه• وأعاد له المسلسل بعض حقه بدليل أن وزارة الثقافة المصرية وهيئة الأثار اهتمتا بالمكان الذي نشأ وتربى فيه في منطقة عين الصيرة بالقاهرة وتم ترميم مسجده• ما مقومات مخرج الأعمال الدينية؟ طالما يمتلك أدوات الإخراج فهو يستطيع تقديم شتى الأنواع كما حدث مع المخرج الراحل حسام الدين مصطفى الذي قدم أفلام الحركة والتراجيديا والكوميديا والمسلسلات الدينية متمثلة في ''الفرسان'' و''الأبطال'' و''أبي حنيفة النعمان'' و''عصر الائمة'' و''ابن حزم'' وغيرها، وهو ما ينطبق على صلاح أبوسيف وغير ذلك• والمخرج الجيد يستطيع التعامل مع أي نص• هل هناك فرق بين تناولك لشخصيات دينية قديمة ومعاصرة؟ المساحة الدرامية وحرية الإبداع أكثر في الشخصيات الدينية القديمة وغير المعروفة• أما الشخصيات المعروفة فأنا فيها مرتبط بتاريخ زمني يمثل قيدا للابداع، بدليل أن الجمهور لم يصدق أن المؤلف بهاء الدين ابراهيم عندما قدم شخصية الراقصة ''بدرية'' في مسلسل ''إمام الدعاة'' كان يرمز بها الى دور الشيخ الشعراوي في هداية بعض الفنانات، واعتقد الجميع أنها شخصية حقيقية عرفها الشيخ في حياته، إلى جانب أن الشخصيات المعاصرة تحيط بها بعض المشاكل من الورثة أو من عاصروها• صدمة فارتياح هل توقعت نجاح مسلسل ''إمام الدعاة''؟ لم أحسب في البداية مخاطر شخصية الشعراوي وتأثيرها في الوجدان العربي كله، وعندما بدأت أصطدم بمشاكل المسلسل قررت ألا أتصدى لأي شخصية معاصرة مرة أخرى لأن جماهيريتها ووقائعها والشخصيات المعاصرة لها تسبب متاعب كثيرة لكني سعدت بعد عرض المسلسل واستقبال الناس له، حيث مكثت فترة طويلة لا أنام لشدة التوتر والقلق والتفكير في عدم تفاعل الناس مع المسلسل ولو حدث هذا لتعرضت لصدمة كبيرة• لو أتيح لك إخراج مسلسل الشعراوي مرة أخرى هل كنت ستتفادى الأخطاء؟ بالطبع•• الشعراوي قدمناه في 30 حلقة، لأن المؤلف الدكتور بهاء الدين ابراهيم كان يلهث في الأحداث وكان يمكن تناوله في حلقات أكثر وهناك شخصيات عديدة كان تأثيرها في المجتمع اقل بكثير من الشعراوي ومع ذلك أخذت مساحة اكبر في التناول وكان يمكن أن تتواجد مساحة اكبر لابداع المخرج• هل يختلف استعدادك لإخراج عمل ديني عن آخر؟ تختلف الرؤية فأدوات العمل المعاصر موجودة بوضوح، أما العمل الديني فلابد من استعدادات خاصة باماكن التصوير التي تناسب الفترة الزمنية التي تدور فيها الاحداث الى جانب الملابس والديكور والاكسسوارات• هل الأعمال الدينية رسالة؟ لابد من الاهتمام الكبير بالعمل الديني لأن له تأثيرا على المشاهد وأتمنى تقديم اعمال دينية في هذه الفترة تظهر جوهر الدين الاسلامي من حيث التسامح والمحبة والمعاملة الحسنة، لأن البعض ينظر للعالم الاسلامي نظرة خاطئة• هل تترك الأعمال الدينية اثرا طيبا في نفسك؟ أن أي عمل ديني اتولى إخراجه أعيش في نطاقه وأتأثر نفسيا به اثناء تصويره، ويكفي جلسات تفسير القرآن الكريم والأحاديث والمشاهد التي تُظهر عظمة الاسلام، وكل هذه الأمور تؤثر في نفسيتي وسلوكي• هل أثرت نشأتك في تميزك؟ أنا من أسرة مسلمة مسالمة، ولا يوجد لديها تعمق في الدين ولكن يوجد التزام كامل بكل أركان الاسلام من خلال المحافظة على أداء الفرائض وكل هذا اثر في وجداني وترك اثره الجيد أثناء العمل• ما الذي يميز حسن يوسف عن غيره؟ صادق في الشخصية التي يؤديها سواء في الشكل الخارجي أو الداخلي، وله مصداقية لدى الجمهور من منطلق ان بداخله صدقا والتزاما ويؤدي هذه الأعمال لتقديم رسالة للمسلمين وهو يختلف عن أي فنان آخر يؤدي أكثر من شخصية في أكثر من عمل في وقت واحد لأنه اتخذ الأعمال الدينية خطا له بعد أن عاد إلى التمثيل• صعوبات ما الصعوبات في تصوير الأعمال الدينية؟ أماكن التصوير المحدودة وعدم امكانية الحصول على تراخيص بالتصوير في اماكن حقيقية من قلاع أو حصون، على عكس سوريا التي تقدم الدولة فيها كل التسهيلات للاعمال التاريخية، ولابد ان يفهم الجميع أن إنتاج هذه الأعمال لا يخضع للمكسب والخسارة فهي اعمال فنية قيمة تعيش فترة طويلة بدليل ان فيلم ''الناصر صلاح الدين'' موجود حتى الآن كوثيقة تاريخية في السينما لأن الدولة ساهمت في انتاجه وتصويره• كما تواجهنا صعوبات في المكياج والملابس والديكور والأكسسوارات، وكل ذلك بحاجة لمبالغ كبيرة• وميزانية العمل الديني اقل من الاجتماعي مع انه يُفترض أن يحدث العكس، إلى جانب أنه يُنظر للأعمال الدينية على أنها درجة ثانية لأن المسألة تحولت لتجارة وأصبح الكل ينظر للأعمال التي تدر دخلا من الإعلانات وشركات الدعاية والإعلان هي المسيطرة على المواعيد وليست قيمة العمل• بمن تأثرت من مخرجي الأعمال الدينية؟ استفدت من العمل مع احمد طنطاوي واحمد توفيق وممدوح مراد وحسام الدين مصطفى في فترة عملي كمساعد لهم، وكل مخرج له رؤيته، فطنطاوي كان يهتم بأداء الممثل وإحساسه أما احمد توفيق فكان يهتم بالحركة وتحريك المجاميع، وممدوح مراد يهتم كثيرا بالتكنيك والتفاصيل• هل حدثت نقلة في الأعمال الدينية؟ حدثت نقلة كبيرة للأمام حيث التصوير الخارجي الآن بالكاميرا الواحدة والكاميرات المفتوحة والجيوش وأماكن التصوير الخارجية وكل هذا أثرى الأعمال الدينية، ونأمل استغلال التكنولوجيا في المعارك والحروب والتحركات والمجاميع• يقال إن الأعمال الدينية نقل من الكتب؟ لا ينطبق هذا على كل الأعمال الدينية، فالكثير منها فيه رؤية وفكر ويقدم جرعة دينية كبيرة وعليك ان تتابع ''الليث بن سعد'' أو ''ابن ماجة'' لترى كيف كان الجهد الدرامي في كل منهما عاليا وليس مجرد سرد من الكتب والمراجع وكذلك ''الشيخ الشعراوي'' رغم ان كل الناس يعرفون الشخصية إلا أن الدراما كانت على مستوى العمل والشخصية عالية• من يعجبك من الممثلين الذين يؤدون أعمالاً دينية؟ اشرف عبدالغفور متمكن من أدائه وحسن يوسف ومحمود الجندي ومديحة حمدي وعبدالرحمن أبوزهرة ومحمد وفيق• هل حصلت أعمالك الدينية على جوائز؟ حصل مسلسل ''ابن ماجة'' على الجائزة البرونزية في مهرجان القاهرة للاذاعة والتليفزيون وحصل ''إمام الدعاة'' على الجائزة الفضية إلى جانب جائزة افضل ممثل لحسن يوسف•