واصلت الدبابات السورية قصف مدينة اللاذقية لليوم الثالث على التوالي، وسط حملة اعتقالات واسعة، بينما قتل ثلاثة مدنيين وجرح آخرون أمس أثناء اقتحامات جديدة في محيط حمص وإدلب، في وقت تتواصل حملات الاعتقال على نطاق واسع في مختلف أرجاء البلاد، فيما نزح عدد من أهالي اللاذقية الساحلية التي كانت هدفاً لعملية عسكرية برية وبحرية.وكان اتحاد تنسيقيات الثورة قد أشار إلى سقوط 42 قتيلاً أمس الاول في عموم سوريا 27 منهم في اللاذقية وحدها، بينهم امرأة وطفلة إضافة إلى جرح أكثر من 50 آخرين، كما سقط ستة قتلى في محافظة حمص، واثنان في محافظة حماة، وواحد في إدلب، وثلاثة في درعا. وقال ناشطون وشهود إن القوات السورية المعززة بميليشيات موالية للنظام (الشبيحة) وسعت امس نطاق استهداف المناطق السكنية في اللاذقية. وقالت مصادر متطابقة إن الدبابات استهدفت الرمل الجنوبي، ومسبح الشعب، وقنينص، والصليبة، وسنكتوري، بالقذائف والرشاشات الثقيلة. وأعلن اتحاد تنسيقيات الثورة السورية أن الجيش اطلق في اللاذقية “عدة نداءات في مخيم اللاجئين وساحة الرمل وسكنتوري للأهالي بإخلاء المنطقة، واعتبار كل من يبقى فيها مقاوماً”. وأكد الاتحاد “استشهاد امرأة كانت تستقل حافلة تقل عائلة نازحة من حي السكنتوري”، في اللاذقية مشيراً الى “إصابة السائق وتهشيم جميع نوافذ الحافلة جراء إطلاق الرصاص عليها”. من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه “لدى اقتراب بعض النازحين من حاجز أمني في حي عين التمرة اطلق الرصاص عليهم، مما أدى الى إصابة ستة مواطنين بجراح خطرة توفي اثرها أحدهم متأثراً بجراحه”.واضاف المرصد “إن رجلًا مسناً قتل برصاص قناصة في قرية تلدو التابعة لبلدة الحولة” التي شهدت امس عملية عسكرية شاركت فيها دبابات من الجيش.وافاد ناشطون حقوقيون سوريون أن دبابات اقتحمت بلدة الحولة في محافظة حمص في عملية عسكرية تترافق مع إطلاق نار كثيف وحملة اعتقالات. وذكر المرصد أنه “تمت محاصرة بلدة الحولة بشكل أمني كثيف جداً من جميع المداخل ومن جميع الطرق الوعرة والفرعية” مشيراً الى “إطلاق نار كثيف جداً الآن لترهيب الأهالي”.وتابع المرصد “دخل الجيش وبدأ بتفتيش المنازل وبدأت حملة اعتقالات وهناك انتشار للشبيحة والأمن على جميع الطرق”. كما أفاد عن “تمركز عدد من الدبابات على دوار الحرية بتلدو وشمال وشرق تلذهب متزامناً مع إطلاق نار كثيف في بلدة عقرب شمال الحولة، بالإضافة الى انتشار الأمن والشبيحة في قرى الحولة والآن يقومون بإزالة الكتابات المعارضة للنظام الموجودة على الجدران”. وأشار المرصد “إن حيي الرمل الجنوبي وعين التمرة شهدا حركة نزوح جديدة فجر امس، وذلك بعد أن سمح الجيش للأهالي بالخروج منهما”.واضاف أن “سماع صوت إطلاق الرصاص استمر في حي الرمل الجنوبي”، مشيراً الى “انتشار القناصة على اسطح الأبنية”.وتابع المرصد الذي يتخذ من لندن مقراً له “سمع صوت إطلاق الرصاص في حي الصليبة عند الساعة العاشرة والنصف، وترافق مع حملة دهم للمنازل”. وأكد المرصد حصول “إضراب عام في الصليبة ومشروع الصليبة والقوتلي والأشرفية والطابيات وشارع هنانو وحي القلعة والعوينة”، مشيراً الى أن “الجيش يغلق ساحة اوجاريت ويسيطر على دوار اليمن بمحطة القطار ويقوم بتدقيق في الهويات، كما تم إغلاق شارع الحرش من الجهتين، وأقام الجيش نقاط تفتيش على كل مداخل اللاذقية تقوم بتفتيش السيارات بدقة واعتقالات تطول العديد من الشباب على الحواجز، حيث تجاوز عدد المعتقلين 300 معتقل”. وأبلغ الأهالي المرصد السوري لحقوق الإنسان انهم شاهدوا آليات عسكرية مدرعة تقصف بالرشاشات الثقيلة أحياء مسبح الشعب والرمل الجنوبي، كما شوهد تمركز للقناصة على الأبنية المقابلة للأحياء المحاصرة وانتشار لعناصر الجيش والأمن في الممرات بين الأبنية”. من جهته، أشار اتحاد تنسيقيات الثورة السورية الى “نزوح أهالي الصيداوي وأهالي الطابيات من بيوتهم ومنازلهم، وهم يتجهون باتجاه القرى والأماكن البعيدة عن القصف”.وأكد الاتحاد أنه تم “قطع الطرقات المؤدية لأوجاريت وتلك المؤدية الى جهة المحطة، ليتم إحكام السيطرة على المناطق المحاصرة” في اللاذقية، مشيراً الى ان “الحركة في البلد شبه مشلولة”. وكان ناشطون تحدثوا عن مقتل مؤذن باللاذقية فجر امس برصاص قناص، بينما كان في طريقه إلى المسجد لرفع الأذان. وقال مدير صحة اللاذقية إن “مشافي المحافظة استقبلت شهيدين و 41 جريحاً من قوات حفظ النظام إضافة الى 4 قتلى مجهولي الهوية من المسلحين”.ونقل عن أهالي الحي “إنهم وجهوا نداءات واستغاثات للجهات المعنية لوضع حد للممارسات التي يقوم بها هؤلاء المسلحون وتعطيلهم للحياة العامة في الحي المذكور”. وتحدث ناشطون من اتحاد تنسيقيات الثورة السورية عن انشقاق عناصر من الجيش أحدهم برتبة رائد، ومحاولتهم تأمين الحماية للمدنيين والنازحين من القناصة وقوات الأمن الأخرى. وقال أحد السكان لرويترز عبر الهاتف “تجدد القصف في حي الرمل الفلسطيني وحي الشعب، هناك اطلاق كثيف للنيران من الدبابات على حي قنينص”. وقال شاهد آخر “يحاول السكان الفرار ولكنهم غير قادرين على مغادرة اللاذقية لأنها محاصرة. أفضل شيء هو الانتقال من منطقة لأخرى في المدينة ذاتها”. وقال اتحاد تنسيقيات الثورة السورية إن رجلا يدعى أحمد صوفي ويبلغ من العمر 22 عاماً قتلته قوات الأسد أمس الاول. وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” أمس أن أكثر من خمسة آلاف لاجئ فلسطيني فروا من مخيم الرمل في مدينة اللاذقية بسبب القصف السوري للمدينة، مطالبة دمشق بالسماح لها بدخوله. وقال الناطق باسم “أونروا” كريس جونيس لوكالة فرانس برس إن “آلاف اللاجئين فروا من المخيم، هناك عشرة آلاف لاجئ وهرب أكثر من نصفهم ما بين خمسة آلاف وعشرة آلاف شخص فروا، يجب أن ندخل إلى هناك ونعرف ما الذي يحصل”. وأعربت وكالة (أونروا) عن “بالغ قلقها” على وضع مخيم للاجئين الفلسطينيين في مدينة اللاذقية بينما أعربت منظمة التحرير الفلسطينية أمس عن “إدانتها الشديدة” لاقتحام القوات السورية مخيم الرمل الفلسطيني في مدينة اللاذقية الساحلية السورية وقصفه و”تهجير سكانه”، واصفة ما يجري بـ”الجريمة ضد الإنسانية”. وفي دير الزور، “توفي امس رجل (67 عاماً) متأثراً بجراح اصيب بها مساء الجمعة برصاص قناصة في شارع التكايا وسط مدينة دير الزور” بحسب المرصد.وأضاف المرصد أن “قوات الأمن نفذت حملة دهم واعتقالات في حي الجورة وقرى الصالحية وحطوة والحسينية واعتقلت 27 شخصاً”. وتابع “كما اقتحمت قوات أمنية كبيرة تضم 23 حافلة و10 سيارات رباعية الدفع تحمل رشاشات ثقلية ريف معرة النعمان الشرقي، الواقعة في ريف إدلب وشنت حملة اعتقالات شملت 8 أشخاص”. وشملت المظاهرات الجديدة مدناً وبلدات بينها عامودا في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، والزبداني ودوما بريف دمشق، وحي ركن الدين بالعاصمة دمشق، وحيي البياضة وبابا عمرو في مدينة حمص. وقال ناشط “نظام الأقلية يلعب بالنار. نحن نقترب من الوصول الى مرحلة سيحمل فيها الناس في الشارع أي سلاح يقع في ايديهم ويقاتلون بدلًا من أن يطلق عليهم النار أو يعتقلوا او يتعرضوا للإذلال”. واضاف “نحن نشهد حرباً أهلية في سوريا لكنها من جانب واحد. الأمل هو أن تسقط احتجاجات الشوارع والضغط الدولي النظام قبل أن يقتل المزيد من السوريين ويدفعهم الى حمل السلاح”.