معتز الشامي (دبي)

منذ أن تولى الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 2013، والمبادرات والأفكار بهدف التطور لا تهدأ، في إطار الانتقال للاحترافية الإدارية والتنظيمية، وتشديد المعايير المرتبطة بكل ما هو آسيوي في اتحاد يخدم 47 دولة بكبرى قارات العالم.
ولم تقل وتيرة العمل والتفاؤل، ولكنها تزيد عاماً بعد الآخر، ومن بطولة لأخرى، حتى أصبحت بطولات آسيا علامة فارقة، وليس أدل على ذلك من القيمة الفنية والتسويقية التي وصلت إليها بطولة كأس آسيا والتي شهدت زيادة منتخباتها في نسخة الإمارات 2019 إلى 24 فريقاً، ثم دوري الأبطال الذي بات يلامس مراحل أرحب من التطور القوي فنياً وتنظيمياً في الشرق والغرب، ما نتج عنه زيادة عدد الفرق إلى 40 بدلاً من 32، كما كان لاحقاً، كل ذلك وأكثر كان خلال 7 سنوات قضاها سلمان بن إبراهيم على عرش بيت الكرة الآسيوية، ومازالت القارة تنتظر منه الكثير خلال السنوات الأربع المقبلة.
وتنفرد «الاتحاد»، بحوار شامل وحصري، مع رجل كرة القدم الأول في آسيا، تحدث خلاله عن الكثير من الجوانب، على اعتبار أن اللقاء يحمل الإطلالة الأولى لرئيس الاتحاد القاري على الإعلام المكتوب، منذ سنوات، حيث خصنا في الكثير من الرؤى والأفكار، كما اطلعنا عن جانب من تفاصيل الاجتماعات التي دارت بينه وبين القيادات الرياضية الإماراتية، لبناء مرحلة جديدة من العلاقات تقوم على توطيد التواصل لخدمة الكرة الآسيوية، وفتح صفحة جديدة تقوم على التقارب المستمر بين الاتحاد ممثلاً في رئيسه، وبين الإمارات، كإحدى الدول المتطورة في كرة القدم بالقارة، فكان اللقاء التالي.
في البداية، كشف الشيخ سلمان بن إبراهيم جانباً من الزيارة الأخيرة للإمارات التي جاءت في توقيت تولي لجنة مؤقتة برئاسة الشيخ راشد بن حميد النعيمي مهمة إدارة دفة الكرة الإماراتية، كما حرص خلال الزيارة نفسها على لقاء سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، في لقاء ناقش خلاله العديد من جوانب التعاون بين الإمارات والاتحاد القاري في شتى المجالات.
وعن علاقة الاتحاد الآسيوي بالإمارات خلال المرحلة المقبلة، في ظل مؤشرات تؤكد وجود تقارب بين الجانبين، قال: «بالفعل التقارب موجود بيننا، وعلاقة الاتحاد الآسيوي بالإمارات ممتدة ومستمرة بلا حدود، ولم ولن تنقطع، ونحن نعتز بقيادات دولة الإمارات بشكل عام، وبالقيادات الرياضية على وجه التحديد، كما أن التواصل بيننا وبين القيادات الرياضية العليا، مستمر وقائم، كما أن العلاقة مع سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، مميزة للغاية، فهو قائد استثنائي، ويمتلك رؤية شاملة لكافة الأمور».
وأضاف: «خلال لقائنا بسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، استلهمنا من رؤيته خلال تلك الزيارة، وسنحرص على الاستفادة من أفكاره التي طرحها خلال الاجتماع، ورؤيته التي تناقشنا حولها لما فيه الفائدة والخير لكرة القدم بالقارة الصفراء، كما ناقشنا العديد من الملفات الخاصة بكرة القدم الآسيوية، وكيفية تحقيق التطور المنتظر للعبة، في ظل إطلاق مشروعات جديدة من جانب الاتحاد الآسيوي».
وقال ابن إبراهيم: «أطلعنا سمو الشيخ منصور بن زايد عليها أيضاً، وهذا التواصل والتنسيق والتشاور مهم بالنسبة لنا جميعاً، كما يؤكد عمق ومتانة العلاقة بين الاتحاد الآسيوي والإمارات، كمساند استراتيجي مهم، فالإمارات من أهم الدول الداعمة لأنشطة وبرامج الاتحاد الآسيوي، كما أنها تقدم دعماً لوجستياً، وتهتم شركاتها الوطنية برعاية المسابقات القارية، فضلاً عن تطور الكرة الإماراتية المستمر، وبالتأكيد نحن نهتم بوجود تشاور دائم في كافة الملفات الخاصة بالكرة الآسيوية مع الدول الأعضاء، خاصة المؤثرين والمتطورين في القارة؛ لذلك أثق في أن هذا المستوى من التنسيق والتشاور سيكون له فوائد كبيرة على اللعبة مستقبلاً في القارة، وفي عمل الاتحاد الآسيوي بشكل عام».
وعن اجتماعه بالشيخ راشد بن حميد، عقب ساعات من توليه مسؤولية اللجنة المؤقتة، قال: «كان اجتماعاً إيجابياً، لقد رأيت حجم الطموحات التي يمتلكها الشيخ راشد بن حميد النعيمي، رئيس اللجنة المؤقتة، وأثق فيما لديه من رؤية شاملة هدفها تطوير كرة القدم الإماراتية، كما أبدى اهتماماً بمد جسور التواصل المستمر مع الاتحاد الآسيوي، بطريقة تخدم كلا الطرفين، وتحقق أهداف وتطلعات المرحلة المقبلة، سواء في الاتحاد القاري أو لدى الاتحاد الإماراتي، كما أن الأفكار والمبادرات التي ينوي رئيس اللجنة المؤقتة إطلاقها مستقبلاً، تعد بالفعل مبادرات جديدة وقادرة على تحقيق نقلة نوعية للعبة، وبشكل عام أنا متفائل كثيراً بتلك المرحلة المليئة بطموحات عالية بلا حدود بالنسبة للقيادة الحالية للكرة الإماراتية، وأتمنى كل التوفيق للشيخ راشد بن حميد النعيمي ولفريقه المعاون، ونحن من جهتنا في الاتحاد القاري، مستعدون لتقديم كل ما يلزم لإنجاح مهمة اللجنة الانتقالية في الاتحاد الإماراتي».
ولفت سلمان بن إبراهيم إلى أن الكبوة الحالية التي يمر بها المنتخب الإماراتي، في طريقها للزوال، مشيراً إلى أنها بمثابة كبوة جواد، مؤكداً ثقته في عودة الكرة الإماراتية لتوهجها القاري والدولي، وذلك لأن الكرة الإماراتية تملك مقومات كثيرة وقادرة على العودة للطريق الصحيح.

رؤية طموحة
وفيما يتعلق بطموحاته في رئاسة الاتحاد الآسيوي، وما إذا كان راضياً عما تحقق في قيادة دفة اللعبة منذ 2013 وحتى الآن، قال: «إدارياً وتنظيمياً واحترافياً، أنا راضٍ تماماً عن الإنجازات الكبيرة التي تحققت للكرة الآسيوية وللاتحاد القاري في آخر 7 سنوات، ولكن على المستوى الفني مازال لدينا هامش كبير للتحسن، فما أطمح به للكرة الآسيوية كبيراً، الطموحات يجب أن تكون بلا حدود، ولكن المستوى الفني للكرة الآسيوية في حاجة لمزيد من التطور، حيث أتمنى أن تنجح القارة في تقديم منتخبات قادرة على المنافسة بشكل مستمر على لقب المونديال، كلنا رأينا ظهوراً أقل من الطموح للكرة الآسيوية في مونديال 2014، ولكن مع موسكو 2018 رأينا منتخبات آسيا أقوى، وقدمت مستويات قوية مثل أستراليا وكوريا وإيران والمنتخب السعودي أيضاً الذي استعاد عافيته بعد مباراة الافتتاح، وما نأمله أن تكون المنتخبات الآسيوية قادرة على ترك بصمة مؤثرة في مونديال 2022».
وتحدث عن خططه للمستقبل، قارياً، في السنوات الأربع المقبلة، وقال: «سنعمل على تأسيس عملية تقييم العمل في المرحلة الماضية، وسنحرص على الاستعانة برؤى وأفكار الخبراء داخل القارة من اللاعبين القدامى والمدربين الكبار، حول النهوض بالجوانب الفنية في الكرة الآسيوية بشكل عام، كما سنراعي الاختلافات بين المناطق في الاتحاد الآسيوي، فنحن نعلم كرة القدم الآسيوية بتفاصيلها، وهناك تطور في الشرق والغرب، كما تبرز في الوسط كل من إيران وأوزبكستان، بينما الآسيان والجنوب مازال العمل المطلوب كبيراً، ونحن نريد التركيز في الاتحاد الآسيوي على المناطق التي تحتاج للتطوير، رغم أننا نرى تحسناً في تايلاند وفيتنام، كما نرى تنامي الاهتمام الكروي في قيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان على مستوى المراحل، بل وحتى في المنتخب الأول، لكن نحن نريد المزيد، نريد دولاً لديها خطط بعيدة المدى في الناحية الإدارية والفنية، وخطط فنية هدفها التنافس مع باقي المنتخبات والمدارس الأخرى في آسيا».
وأضاف: «أعتقد أن الكرة الآسيوية والاتحادات الوطنية باتت في حاجة للتمسك بالاستقرار الإداري والفني، ووضع خطط رامية للنهوض باللعبة، فرسم خريطة طريقة لتطوير اللعبة تحتاج لوقت وتواصل العمل الإداري وتحتاج إلى الاستقرار، وهذه رسالتي للقارة وللاتحادات، وبدون الاستقرار لن يتحقق أي تطور أو نهوض لكرة القدم الآسيوية؛ لأن آسيا عانت الكثير من عدم الاستقرار في دول عدة، نظراً لظروف وأسباب متعددة في بعض المناطق، أو لعدم وضع خطط مستقبلية للتطوير في مناطق أخرى، وهناك دول تعرضت فيها اللعبة سنوات للتجميد، أو الدخول في مشكلات داخلية مختلفة، أثرت كثيراً على انطلاقة اللعبة فيها».
وتابع: «لماذا نرى التطور كبيراً في الكرة اليابانية التي باتت في القمة، بالتأكيد لأنها تضع خططاً للتطوير على المدى البعيد، حتى لو لم تتحقق النتائج الإيجابية في الوقت الحاضر، ولكن مع مرور الوقت يتحقق الإنجاز، وهذا الأمر لن يتحقق إلا إذا كان هناك انضباط والتزام إداري وفني».
ووجه ابن إبراهيم رسالته لقارة آسيا في السنوات الأربع المقبلة، قائلاً: «نحن نتحدث عن التغيير إلى الأفضل دوماً، وهدفنا هو تقديم مجموعة مبادرات ترمي لإحداث النقلة المطلوبة للكرة الآسيوية، ونحاول دوماً الموازنة بين الاتحادات، وتقديم يد المساعدة لكل اتحاد يطلب ذلك هي فلسفة يتبعها الاتحاد القاري».

حقوق البث
وفيما يتعلق بملف حقوق البث والمتوقع خلاله بيع الحقوق لغرب آسيا، حيث تطلب الإمارات شراء حقوق مباريات الأندية والمنتخبات قال: «نحن ملتزمون بالشراكات والاتفاقيات التي سبق ووقعناها، وبالنسبة للحقوق في الدورة القادمة، فقد طرحناها منذ شهر يوليو الماضي لمنطقة غرب آسيا؛ وأردنا إعطاء الفرصة كاملة لدول الغرب للتقدم لشراء الحقوق».
وتابع: «نحن ملتزمون أمام الجمعية العمومية والمكتب التنفيذي، بضرورة تقديم كل ما يلزم لإنجاح مهمة الاتحاد وتحقيق دخل يوازي حجم المشاريع المستقبلية التي تهدف لتطوير اللعبة بالقارة، وسنعمل على اتباع الإجراءات النظامية فيما يتعلق ببيع الحقوق، خصوصاً أننا أثبتنا رغبة الاتحاد القاري في تقديم المساندة والدعم للدول الراغبة في الحصول على حقوق مبارياتها؛ في الوقت الذي نعتقد فيه أن هناك شركات وقنوات مهتمة تماماً بالحصول على الحقوق لمنطقة الغرب، لا سيما أن البطولات القارية باتت تشكل بيئة تسويقية جاذبة».