يقول د. سلطان أحمد الجابر : تشهد الإمارات العربية المتحدة هذه الأيام التحاق أول دفعة من أبنائها وبناتها بالخدمة الوطنية، وتعتبرُ هذه الخطوة لَبِنةً جديدة تنضمُّ إلى الصروح والإنجازات التي تُعزِّزُ مِنعةَ الوطن، وتحصّنُ استقراره، وتصونُ حقوقه. ويحق للإمارات أن تفخر بأبنائها الذين لبّوا نداء الواجب وسطروا أروع معاني الوفاء والتفاني من أجل رفعة الوطن ونهضته في ظل القيادة الحكيمة لسيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، حيث آمنت قيادتنا بضرورة الاستثمار في العنصر البشري والنهوض به لضمان استدامة النمو والازدهار الذي ينعم به وطننا العزيز. وأكد شباب وفتيات الإمارات أنهم الاستثمار الأمثل ورأس المال الذي ترتكز عليه الدولة، حيث عبّروا عن حبهم وانتمائهم لثَراها الغالي من خلال إقبالهم الكثيف للانتساب في الخدمة الوطنية تلبيةً لواجبٍ مقدس ومساهمةً في الذود عن المكتسبات والإنجازات التاريخية، وليكونوا سياجاً حصيناً ودرعاً منيعاً وسداً عصياً في وجه كافة الأخطار، وتأكيداً على وعيهم وإدراكهم لدورهم الهام في بناء الوطن. قمة «الناتو».. فرص وأهداف يقول فيليب بارهام: يواكب الشهر الجاري ذكرى اندلاع الحرب العالمية الأولى؛ ذلك الصراع المروّع الذي دمّر جيلاً كاملاً، ولا يزال مشهوراً بتسمية «الحرب العظمى». وقد كان جدي لأمي، الذي ولد عام 1899 واحداً من تسعة أحفاد لوالد والدته. وقتل ستة من أولئك الأحفاد التسعة في تلك الحرب. وأصيب جدي نفسه بجروح غائرة بينما كان في سن التاسعة عشرة. وكان يفترض أن تكون تلك الحرب نهاية للحروب كافة، لكنها لم تكن كذلك. وفي غضون ربع قرن آخر انزلق العالم إلى الحرب مرة أخرى. وقاد جدي لأبي الباخرة «أتش إم إس بيلفاست» التي ترسو الآن قبالة جسر لندن، وكانت تحمي القوافل المتجهة إلى روسيا، وأغرقت السفينة الحربية «شارنهورست»، وهاجمت دفاعات «نورماندي» في ساعة الصفر. ومنذ ذلك الحين، اندلعت صراعات كثيرة مرعبة، بين الدول وداخلها. ولا يزال الطمع في السلطة والأراضي والموارد والهيمنة الأيديولوجية يدفع بعض بني الإنس إلى ارتكاب أعمال غير إنسانية. لكن على مدى ما يقارب 75 عاماً حتى الآن، لم ينجرف العالم إلى مواجهة عالمية.. فما السبب؟ ثمة أسباب كثيرة، ليس أقلها إنشاء الأمم المتحدة، التي كنت أعمل فيها حتى وقت قريب نائباً لممثل المملكة المتحدة الدائم. وكثيراً ما تكون أطر عمل الأمم المتحدة الخاصة بالقانون الدولي والتعاون وترويج السلام والأمن والتنمية والتجارة والمساعدات الإنسانية والعدالة وحقوق الإنسان بطيئة وصعبة، لكن العالم أكثر أمناً بسببها. وبالمثل نشأت كيانات إقليمية كثيرة مثل الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي. الإمارات.. ومسيرة العمل الخليجي يقول تركي الدخيل: لم تزل دولة الإمارات العربية المتحدة علامة فارقة في مجال العمل الخليجي والعربي والدولي المشترك، وإذا كنا سنركز في هذه المقالة على العمل الخليجي المشترك، فلا يمكننا تجاوز الدور الذي أسسه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله حول حل الأزمات واستخدام سبل الحوار ودوره في حرب الخليج الأولى والثانية والثالثة من أجل فض الاشتباك وإيقاف التأزيم. بل يذكر الشيخ محمد بن زايد هذا القوي الأمين في وثائقي يحكي عن حياة الراحل أنه حاول ثني صدام حسين عن رأيه وحاول إقناعه بتفادي الحرب الأميركية عام 2003. ونعلم أن صدام كان يعرف جيداً حكمة الشيخ زايد، بل كان يستعين برأيه في تنمية العراق آنذاك وكان يدعوه لزيارة العراق وإلقاء نظرة على جديد المشاريع والخطط، لكن صدام تعنَّت واختار الطغيان على التنمية، ومرق وخرج على مدرسة زايد الحافلة بالتنمية والمحبة والسلام والحوار مع المخالفين. لكن هناك من دأب على مناكفة الإمارات منذ بعض الوقت، غير أن العقول الحكيمة غلّبت منطق الحوار وصبرت على إساءات عديدة، وحين اتخذت قرارات سيادية لم توقف الحوار، وبقيت الإمارات متخذةً النهج الحواري، ومحاوِلةً رأب الصدع ومؤمنةً بضرورة حل حواري سياسي يحفظ للإمارات أمنها الوطني وسيادتها السياسية وكرامة شعبها الإرهاب القادم من الغرب! يرى محمد خلفان الصوافي أن الزمن أثبت مصداقية موقف الإمارات حين قررت تنظيم استخدام «منابر المساجد» لمنع اختطافها وتوظيفها سياسياً لصالح أيديولوجيات متطرفة. اكتشف الغرب أن مجتمعاته تحتوي في داخلها على مجموعة كبيرة من المتطرفين الذين ينتمون إلى الإسلام المتشدد، أبرزهم ذلك الشخص الملثم الذي قام بجز رأس الصحفي الأميركي «فولي» مؤخراً. وهناك تسريبات أمنية نشرتها الصحف بأنه مواطن بريطاني من أصل عربي. وهذا الاكتشاف الغربي لم نألفه نحن أهل المشرق ولا الغرب نفسه، على اعتبار أننا تعودنا من الغرب أن يصدِّر لنا من ينوِّرنا في العلم والمعرفة والطب، حتى بات لدينا مصطلح يعبر عن كفاءة كل ما هو غربي، وهو «عقدة الخواجة» عند المصريين، و«بعيون زرق» عند أهل الخليج. لم نعهد منهم مَن يقوم بنحر رقاب الناس على طريقة تنظيم «القاعدة». وفي مقابل اكتشاف المجتمعات الغربية، هناك اكتشاف جديد في المشرق (ولكن من زاوية مختلفة كما أعتقد) وهو أنه أصبح هناك «وعي مجتمعي» بخطورة بعض الذين يدّعون التدين. فقد تناقلت وكالات الأنباء العربية أخباراً عن اعتداء بعض المواطنين في الأردن على أحد خطباء المساجد بعدما قام بتحريض أبناء القرية على الالتحاق بـ«داعش». والأمر كذلك في السعودية، حينما قام بعض المواطنين في قرية بشمال العاصمة «الرياض» بإبلاغ الجهات الأمنية عن ثمانية أشخاص يحرضون أبناءهم على الالتحاق بالحركات المتطرفة. أبناء الحِفظ والغِش.. يهدمون العش! يقول محمد أبو كريشة إذا ماتت (لماذا) وقد ماتت في هذه الأمة فإن ذلك يعني أن المرء يكون إمعة يحسن إذا أحسن الناس ويسيء إذا أساء الناس.. يتحول إلى ريشة في مهب رياح عاتية. «عش رجبا ترى عجباً».. هذا كان زمان، أما اليوم فإننا نرى عجباً كل دقيقة وكل ثانية، لكننا لا نعجب ولا نندهش كما قلت لكم من قبل، والأسئلة في هذه الأمة أضعاف أضعاف الأجوبة - لكن لا أحد يسأل - لأن كل الناس يتصورون واهمين أنهم يعرفون الإجابات. والمفتون بلا علم أضعاف المستفتين، والمتكلمون أضعاف السامعين، والكتاب أضعاف القراء، ولا أحد أبداً يقول: لا أدري، أنا وحدي الذي لا يدري، حاولت أن أدري وفشلت، والسؤال الذي ليست له إجابة في أمتنا هو لماذا؟ نحن نعرف ماذا حدث وكيف وأين ومتى ومن الذي فعل، وقيل لنا ونحن ندرس الصحافة في الجامعة إن الخبر المكتمل هو الذي يجيب عن أسئلة الشقيقات الخمس، أي أدوات الاستفهام الخمس: من ومتى وأين وكيف وماذا، لكن أحداً لم يتحدث إلينا عن الشقيقة السادسة الأهم والكبرى وهي (لماذا).. وقالوا لنا إن أداة الاستفهام (لماذا) لا جواب لها ولا وجود في الخبر.. وربما يجاب عنها في فن صحفي آخر هو التحقيق أو التقرير أو الحوار.. ومع مرور الأيام، لم أجد جواباً لأداة الاستفهام (لماذا). في أي مجال عربي، لم أجدها في الصحافة ولا في السياسة ولا في الفن ولا في الثقافة، والأهم أنني لم أجدها في نظام التعليم العربي كله القائم على رذيلتين، هما الحفظ والغش. كلنا خريجو نظام تعليم الحفظ والغش، نحفظ ونغش وننجح وربما نتفوق لكننا لا نفهم ولا نعرف لماذا. الحكومة الفرنسية.. وهوس التقشف! يقول وليام فاف : ما فتئت الحكومة الفرنسية السابقة تتولى مهام عملها، حتى أمر الرئيس فرانسوا هولاند بحلّها بعد ستة أشهر فقط في السلطة هيمنت عليها المعاناة والألم. ومن المؤكد أنه كان قد آن أوان التغيير؛ ذلك أن مستويات تأييد هولاند انخفضت إلى معدلات قياسية جديدة عند 17 في المئة، بينما خسر رئيس الوزراء «مانويل فالس» تسع نقاط مئوية في شهر واحد إلى 36 في المئة. ولكن في ظل تردده المعتاد، طلب هولاند من «فالس» تشكيل حكومة جديدة تطبق السياسات ذاتها، لتصبح الوزارة الثالثة في غضون عام واحد، ولكن مع إقصاء مثيري الشغب الذين تسببوا في الأزمة الراهنة. ومثير الشغب الأساسي هو وزير الاقتصاد السابق «أرنود مونتبيرج»، الذي زعم في نهاية الأسبوع الماضي وجود اختلافات لا يمكن حلها مع السياسات الاقتصادية التي ينتهجها الرئيس الفرنسي، وألقى صراحة باللوم على ألمانيا بسبب انزلاق باريس «إلى حافة الهاوية». ويريد «مونتبيرج» تغييرات يبدو أنها تلقى تأييداً كبيراً في كثير من الأماكن، لا سيما واشنطن والجامعة الأميركية (بفضل عالمي الاقتصاد الحائزين على جائزة نوبل «جوزيف ستيجليتز» و«بول كروجمان» الذي لا يعرف التعب. وتبدو الرغبة في التغيير قوية لدى الدول المنهكة في جنوب أوروبا، ومؤخراً لدى صندوق النقد الدولي في واشنطن، وحتى رئيس البنك المركزي الأوروبي «ماريو دراجي»، حسبما أظهر في مؤتمر «جاكسون هول» قبل أسبوعين. والرسالة هي: أوقفوا التقشف في أوروبا، أو على الأقل أظهروا بعض المرونة قبل فوات الأوان. «داعش»: صورة الإسلام وآثاره! يقول د. بهجت قرني إن اختزال الإسلام والمسلمين في «القاعدة» و«داعش»، يعيد الاعتبار لنظم سياسية دموية، مثل نظام بشار الأسد ونظامي القذافي وصدام حسين المنهارين. يصطدم المسافر هذه الأيام إلى خارج العالم الإسلامي، خاصة إلى الغرب، بمشكلة خطيرة ومتزايدة، وذلك حين يتم اختزال الإسلام والمسلمين الذين يزيد عددهم على مليار ونصف مليار نسمة، في سلوكيات جماعة واحدة هي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، خاصة تلك السلوكيات الهمجية التي عرفت عن التنظيم مثل قطع رؤوس الأسرى في الطريق العام، واغتصاب النساء وبيعهم فيما يشبه أسواق النخاسة في الماضي البعيد، وحرق وتدمير المباني العامة. وقد توارت الأخبار كثيراً عن التدمير الوحشي الذي اقترفته في غزة، وعن وحشية رجال بشار الأسد.. ليتركز الاهتمام في الميديا العالمية حالياً على ما يسمى «داعش»، ليس فقط إحياء لصورة سلبية عن الإسلام أدمنت هذه الميديا على نشرها وترسيخها منذ وقت طويل، ولكن أيضاً للإيحاء بأن هذا ينتظره وحتى يأمل فيه غالبية المسلمين.