تنسب قبيلة الزعاب التي حاربت الغزاة إلى الجزيرة الحمراء، حين تصدوا للبرتغاليين والبريطانيين، وأصول القبيلة، كما جاء في كتب القبائل وأصولها، وكما ذكر المستشرق جي لوريمرز الذي ألف كتباً في التاريخ والجغرافيا في الخليج العربي، أنهم من قبائل ساحل عمان ولا يزال قسم منهم يقيم فيها، أما من استقروا في الإمارات فقد اتخذوا من إمارة رأس الخيمة موطناً لهم والجزيرة الحمراء المقر المفضل لديهم، وهناك ولد حمد بن حمد بن قضيب الزعابي. في الجزيرة الحمراء معقل الزعابيين ولد حمد بن حمد بن قضيب الزعابي، وكان منزل الأجداد قرب قلعة الجزيرة الحمراء تماما، وقد توفي والده وهو في الشهر الثاني ببطن أمه، وتولت تربيته وقامت على رعايته ووفرت له كل ما يحتاج. ويتذكر حمد أنها كانت تجلس معه لتقرأ له وتساعده في حفظ النصوص والآيات، وكان وإخوته الكبار يشعرون تماماً بما كانت تكابد من أجلهم، ولذلك لا يتذكر أنه عصى لها أمراً أو شعر بالتأفف من توجيهاتها، فقد كان يعي أن كل ما تقول يصب في مصلحته. مرحلة الطفولة دخل حمد مدرسة خالد بن الوليد التي كانت ضمن إدارة مكتب المعارف التابع لدولة الكويت، وكان من رفاقه في الدراسة سالم البواب وعلي القطامي وعبدالله حمد عمران وعلي الغزالي، وجميعهم من أبناء الجزيرة الحمراء، وعندما ينتهي اليوم الدراسي كان البحر الوجهة الثانية والمفضلة لهم، خاصة في الصيف حيث يتوافر وقتاً جيداً للسباحة وممارسة ركوب الدراجات الهوائية، وفي موسم الشتاء يحلو له الذهاب إلى البر في رحلة قصيرة من دون مرافقة الأهل. من عمر 7 سنوات وحتى 12 سنة، كان حمد يحب ركوب الدراجة الهوائية لقضاء حاجات البيت، وللذهاب إلى أي مكان يرغب في الوصول إليه، ولكن عندما يؤذن لصلاة المغرب لم يكن يتلكأ ليبقى بعيداً عن البيت، لأنه يحب أن يسعد قلب والدته بتنفيذ رغباتها، وفي الليالي الرمضانية تتيح لهم البقاء خارج المنزل للسمر، وفي أيام الفطر كانت هناك ألعاب أخرى مثل لعب المسطاع والجبة أو كرة القدم ولعبة الغزالة، حيث يلحق أحدهم بالمجموعة ليمسك أحدهم، وهناك رحلة خلال فصل الصيف لجميع أهالي الجزيرة على منطقة خت أو الفحلين أو إلى كلباء لقضاء المقيض ولزيارة مزارعهم، وكان الصيادين المحترفين يرسلون الأسماك إلى خت وعبر مركبات لاندروفر، لأن الأسر تحتاج على وجبة السمك بشكل يومي في العادة. عندما وصل حمد إلى المرحلة الإعدادية انتقلت الأسرة إلى الشعبية الجديدة التي شيدت على نفقة الدولة وكان ذلك عام 1975، وبالنسبة للدراسة تم نقل طلبة الإعدادية إلى مدرسة الصديق وكانت المسافة 25 كيلو متراً بالحافلات المدرسية، وذلك فتح أمامه آفاق التعرف إلى الآخرين من مناطق الإمارة، ولا يزال يتذكر أن أفضل ما قام به لنفسه هو مشاركة صديق له في شراء هوري، وهو يعد من أصغر الزوارق للدخول إلى البحر القريب وكان يستخدم للصيد، وكان سعره 600 درهم ويسير بواسطة مجدافين. وبعد مرور عامين قاما بشراء ماكينة، وذلك للوصول إلى أماكن أبعد ربما يكون السمك فيها وفيراً، ويسبق ذلك شراء الخيوط والميدار أو الصنارة والطعوم كانت عبارة عن شنيوب وهو صغار القباقيب أو السلطعون، وفي أحيان أخرى يقومون بشراء النغر أو العومة كطعم ويسمى ييم، وبالنسبة للكمية التي يتم صيدها كان يتقاسمها مع صديقة ويذهب كل واحد منهم بحصته للأسرة، وقد كانت عملية الصيد هوايته الثانية بعد ركوب الهوري والدخول إلى البحر. تكوين الأسرة عندما وصل بن قضيب إلى المرحلة الثانوية درس في مدرسة رأس الخيمة الثانوية وكانت تقع على شارع الخران، وخلال تلك الفترة انتقلت الأسرة للسكن في البيوت الشعبية التي شيدها الشيخ راشد بن سعيد المكتوم رحمة الله عليه، وكان ذلك عام 1982، وبعد تسلم شهادة الثانوية العامة ذهب ليبحث عن وظيفة في وزارة الداخلية، وتم تسجيله في عدة دورات عسكرية من أجل الترقية، ومن راتبه قام بشراء قارب يبلغ طوله 10 أقدام ووضع عليه ماكينة قوتها 25 حصاناً. يتذكر حمد أنه كلما انتهى الدوام يذهب إلى البحر وفي ذات الوقت كان يجهز نفسه مادياً للزواج، حيث بدأ يفكر بشكل جاد في تكوين أسرة، وخلال وجوده في البحر يتداول مع ذاته كل الأفكار والخطط، ويتوقف قرب كاسر الأمواج، ومن ضمن الأفكار التي سيطرت عليه، إنشاء مركز للتدريب على الغوص، ولم يتردد حيث أسس المكتب عام 1990 في الجزيرة الحمراء وتزوج عام 1992 ليحقق ما سعى له. أخبره أحد أصدقائه أن في إمارة دبي مركزاً للتدريب على الغوص، فذهب مع أحمد إبراهيم الزعابي ومع علي القطامي وعاش تجربة جديدة، وفي عام 1989 حصل على أول رخصة تحمل مسمى “غواص مبتدئ”، واستمر في تلك الدورات حتى وصل للدورات الاحترافية، واستمر لمدة شهرين، حيث كان يذهب بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع، حتى حصل على شهادة مرشد غوص. ويعقب حمد قائلًا إن كل ذلك لأنني أريد فتح مركز تدريب لا يعني أن المدرب لديه آليات للتدريب على الغوص، ولذلك أراد أن يحترف لينطلق من نقطة الهواية إلى آفاق الاحتراف، وفي 1 مايو 1997 حصل حمد على رخصة دولية لتدريب غواصين، ولم يكن الموقع الذي أسسه مؤهلا لاستقبال الراغبين في تعلم الغوص، ولذلك تعاقد مع احد فنادق رأس الخيمة كي يدرب في مسبح الفندق المرحلة الأولى من كل دورة، أما المرحلة الثانية فهي أن يأخذ المتدربين إلى البحر، ولكنه بعد فترة وجد أن الفندق يحد من النشاط ومن التدريب بشكل صحيح. مرحلة جديدة انتقل حمد بعد ذلك إلى مرحلة جديدة وهي الذهاب مع الفريق إلى مسبح في إحدى المزارع، وأيضا لم يشعر بالارتياح لأنه سبق له السفر والإطلاع على مراكز التدريب على الغوص خارج الدولة، ولذلك قرر أن يجهز المركز بشكل يستوعب الأعضاء ويليق بالدورات التدريبية، فقام بشراء معدات حديثة للغوص، وقد اختار مساحة من الأرض تقع مباشرة على شاطئ البحر، وأصبح يشجع الشباب على الانخراط في تلك الدورات نظراً لما لها من فوائد عديدة. وفي عام 2006 أنشأ مسبحاً يتناسب تماماً مع طموحاته، وأجهزة تعبئة الهواء يبلغ سعر الجهاز الواحد ما يقارب الـ30 ألف درهم، وأعد استبانة يحصل عليها كل راغب في دورة من دورات الغوص للتحديد إن كانت لديه أي أمراض تؤثر على الغوص، ولتشجيع أولياء الأمور أعد رحلة لجزر الفلبين ضمت 16 شخصاً من بينهم أولياء أمور الأعضاء المشاركين في الرحلة، ولا يزال حمد يدير عمليات التدريب على الغوص بشكل يومي. وعند العودة للحديث عن الجزيرة الحمراء قال إنها رائعة ماضياً وحاضراً، ورغم أن جزءاً كبيراً منها أصبح مهجوراً، وجزءاً من آثارها قد دمر بفعل الزمن وعدم ترميمه، إلا أن هناك معالم لا يزال جزء منها باقياً، ويمكن للزائر أن يلاحظ تلك الأحجار التي أخرجت من البحر لتبنى بها المنازل، ولكل منزل حوش أو فناء كان المكان المفضل للأسرة، حيث تلتقي يومياً على حصيرة من السعف، ومن أجمل الأوقات التجمع في الصباح الباكر أو بعد صلاة العصر، وهناك تجمع ثالث للأسرة بعد صلاة المغرب لتناول العشاء. ويكمل حمد قائلا إن العائلات تصنع العشاء قبل المغرب، وهو عبارة عن خبز ولبن أو أرز وسمك مشوي، وربما في أوقات أخرى تتوافر كميات من وجبة الغداء التي يضاف لها ما يناسبها، وعندما يؤذن للصلاة من ذلك المسجد الذي أصبح أثرياً اليوم، تصلي القرية العشاء ويتسامر البعض لساعة أو ساعتين من الزمن، ثم تخلد القرية للنوم، ولكن كل ذلك أصبح يتغير في كل عام، بعد التطور الذي حدث في الدولة وأثر على كل مناطقها.