توحدت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي امس وراء مطالبة الرئيس السوري بشار الاسد بالتنحي عن الحكم، واعتبار نظامه فاقدا للشرعية، مع الاعلان عن فرض عقوبات جديدة تطال النفط. في وقت ردت فيه السلطات السورية باتهام الغرب بالسعي الى تأجيج العنف في سوريا. وقاد الرئيس الاميركي باراك اوباما الدعوة الصريحة والمباشرة الى الاسد للتنحي، كما امر بتجميد فوري لكل أصول الحكومة السورية في مصارف الولايات المتحدة، وفرض حظر على الاميركيين للعمل او الاستثمار في سوريا، اضافة الى حظر استيراد النفط او منتجات النفط السورية، وعقد اي صفقات اميركية مع الحكومة السورية. وقال اوباما “لطالما كررنا، إنه يتعين على الأسد قيادة عملية انتقال ديمقراطي أو أن يفسح الطريق إنه لم يقد عملية التحول.. لقد آن الاوان كي يتنحى من أجل صالح الشعب”، واضاف “إن مستقبل سوريا يجب ان يحدده شعبها، لكن الاسد يقف في طريقه.. دعوات الرئيس السوري للحوار والاصلاح جوفاء، في حين يسجن شعبه ويعذبه ويذبحه”. لكن اوباما شدد على ان الولايات المتحدة لا تستطيع ان تفرض ولن تفرض عملية الانتقال على سوريا، وانما ستعرض دعمها كي تظهر سوريا ديمقراطية عادلة تحتضن كل السوريين. ووعد بالالتزام برغبة السوريين القوية في عدم وجود اي تدخل خارجي في حركتهم المطالبة بالتغيير، وقال “لقد حان للشعب ان يقرر مصيره، وعلينا ان نواصل الوقوف بحزم الى جانبه”. واضاف اوباما: “إن إصرار الشعب السوري على الانتقال السلمي للديمقراطية ألهم الشعب الأميركي.. قد تكلموا بمسيراتهم السلمية.. بصمتهم الذي ألحق العار بالنظام السوري، وبثباتهم الشجاع في وجه الوحشية”. وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون “على مدى شهور، شهد العالم ازدراء نظام الأسد لشعبه ورده على الاحتجاجات بوعود خاوية وعنف مروع.. التحول إلى الديمقراطية في سوريا بدأ والوقت قد حان لأن يبتعد الأسد ليفتح الطريق”. وقالت كلينتون “ان واشنطن تحترم رغبة شعب سوريا في عدم تدخل بلد أجنبي في الصراع، وستتخذ خطوات لتخفيف أي عواقب غير مقصودة على الشعب”. واضافت “ان العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على قطاع النفط السوري تضرب قلب نظام الاسد وتدعم مطالبتها له بالتنحي”. واضافت: “إن شعب سوريا يستحق حكومة تحترم كرامته وتحترم حقوقه وترقى لمطامحه، والأسد يقف في طريقه.. من أجل الشعب السوري حان الوقت كي يتنحى الاسد ويترك هذا التحول للسوريين أنفسهم، وهذا ما سنواصل العمل لتحقيقه”. لكن رغم دعوة اوباما الرئيس السوري الى التنحي، الا ان البيت الابيض اعلن ان الرئيس الاميركي لا يعتزم استدعاء السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد. وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي تومي فيتور “نحتاج الى ان يبقى السفير هناك”. واستبعد مسؤول اميركي ايضا استخدام العمل العسكري لإجبار الاسد على الرحيل، وقال “نحن على ثقة بأن الكفة قد مالت في سوريا، وان الشعب لم يعد خائفا من الاسد، ولن يصبر على حكمه”، واضاف “واشنطن على يقين بأن الأسد في طريقه للرحيل”. وقال البيت الأبيض في بيان حول العقوبات الجديدة “هذا هو أقوى تصرف مالي اتخذناه ضد النظام السوري حتى الآن.. هدفنا وضع نهاية فورية لاستخدام الحكومة السورية للعنف ضد المدنيين، ووضع نهاية لسياساتها المتمثلة في القيام باعتقالات واسعة واللجوء للتعذيب”. واضاف: “إن الولايات المتحدة أصدرت عقوبات بحق 32 سورياً وإيرانياً منذ بدء الاضطرابات في سوريا منتصف مارس الماضي”. واعلنت وزارة الخزانة الاميركية “ان واشنطن حظرت التعامل التجاري مع خمس من شركات النفط السورية في اطار العقوبات التي تشمل ايضا تجميد كل ارصدة الدولة السورية في الاراضي الاميركية”. وقال بيان للوزارة “ان اوباما امر بفرض عقوبات على المؤسسة العامة للنفط، والشركة السورية للنفط والشركة السورية للغاز، وشركة السورية للنفط وشركة سترول”. واعتبر وزير الخزانة الاميركية تيموثي جايتنر ان العقوبات التي تستهدف القطاع النفطي السوري وهو “مصدر عائدات اساسية بالنسبة الى الدولة السورية ستضعف قدرة النظام على تمويل اعمال القمع”. وتبعت الموقف الاميركي، دعوة مماثلة من منسقة الشؤون الخارجية بالاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون الى الاسد للتنحي، وقالت “ان الاتحاد يرى ان الاسد فقد شرعيته بشكل تام في عيون الشعب، ويرى ضرورة تنحيه”. واوضحت ان اضافة اسماء جديدة الى قائمة الذين تستهدفهم عقوبات الاتحاد الاوروبي هو امر قيد التحضير، كما ان الاتحاد يتقدم في مشاوراته لاتخاذ اجراءات جديدة توسع نطاق هذه العقوبات ضد النظام السوري”. وقال مصدر مطلع “إن الدول الأوروبية من المرجح أن تفرض عقوبات ربما تستهدف قطاع الطاقة، لكن ذلك يحتاج لوقت للتحضير”. وشددت اشتون على ان تصاعد القمع في سوريا امر لا يمكن قبوله. وقالت “إن وعود الأسد بالإصلاح فقدت الصدقية تماما، إذ أن هذه الإصلاحات لا يمكن أن يكتب لها النجاح في ظل قمع دائم”. واضافت ان الاتحاد الأوروبي يعتبر ان الأسد فقد شرعيته بالكامل في عيون الشعب السوري، وهناك ضرورة لتنحيه عن الحكم”. ومن المقرر أن يبحث دبلوماسيون من الاتحاد الاوروبي العقوبات في بروكسل اليوم الجمعة مما يفتح الطريق أمام تفعيل أي عقوبات جديدة الاسبوع المقبل على أقرب تقدير. ويفرض الاتحاد الأوروبي بالفعل عقوبات على 35 فردا بينهم الأسد. وفي الإطار نفسه اصدر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون نداء مشتركا ايضا الى الاسد للتنحي. وقالوا “ندعو الاسد الى مواجهة حقيقة ان الشعب يرفض نظامه تماما والتنحي من اجل مصلحة سوريا العليا ووحدة شعبها”. كما اعرب القادة الثلاث عن دعمهم لفرض عقوبات جديدة على الاسد الذي يواصل قمع شعبه بعنف ورفض تلبية تطلعاتهم المشروعة. وقالوا “ندعم بقوة فرض مزيد من العقوبات الاوروبية القاسية على نظام الاسد الذي لجأ الى القوة العسكرية الوحشية بحق شعبه والذي يتحمل مسؤولية الوضع، وخسر كل شرعية ولا يمكنه ان يحكم، وعلى العنف ان يتوقف الآن”. وفي المقابل، اعتبرت مسؤولة العلاقات الخارجية في وزارة الاعلام السورية ريم حداد ان الدعوة التي وجهها اوباما وبعض الزعماء الغربيين الى الاسد للتنحي تؤدي الى تأجيج العنف في سوريا، وقالت “ان ذلك يؤكد ان سوريا مستهدفة من جديد.. لقد ابلغ الاسد الامين العام للامم المتحدة ان العمليات العسكرية قد توقفت والجيش انسحب من المدن، كما التقى اعضاء اللجنة المركزية لحزب البعث من اجل تطبيق برنامج الاصلاح، ومن المستغرب ان يقوم اوباما والعالم الغربي بتأجيج ونشر مزيد من العنف في سوريا بدل مد يد المساعدة لتطبيق برنامج الاصلاح”. وقالت حداد “من المهم ان نتذكر ان القرار حول من هو الرئيس في سوريا يتخذه الشعب الذي يعود اليه وحده اتخاذ هذا القرار”. بينما استبعد معاون وزير الخارجية عبد الفتاح عمورة التدخل العسكري في بلاده، معتبرا “انه يشكل كارثة للجميع ويمثل نظرية الجنون التي لا يريدها أحد”.