عبير زيتون (دبي)

انطلاقاً من ثوابت القيم الحضارية التي كرّسها الآباء المؤسسون في المحافظة على أصالة الهوية الوطنية وذاكرتها الجمعية الواعية لقيم التفاعل الحضاري الإنساني المشترك، كانت العناية بالمتاحف التاريخية الفريدة في عمرها الزمني، والنوعية في مكتشفاتها الحضارية، بالتوازي مع ثورة بناء متاحف المستقبل بلغة الفنون، الفريدة عالمياً في هندسة عمارتها، وفصاحة رسالتها التفاعلية، لتكريس الإمارات العربية نموذجاً حيوياً للقوة الناعمة بقيم الانفتاح، والحوار، والتسامح.
ولعل متحف اللوفر أبوظبي يمثل أكبر رسالة نموذجية عالمية للنهج الفكري والإنساني الذي تسعى إلى تكريسه الإمارات، إذ يعد وبلا منازع من أهم المشاريع الثقافية الطموحة والاستثنائية على مستوى العالم، وأول متحف عالمي في العالم العربي.
وتتبدى رسالة اللوفر أبوظبي، الإنسانية، في انتماء القطع الأثرية النادرة إلى مختلف الحضارات والعصور، فضلاً عن ترجمة المتحف لاستراتيجية الانفتاح والتسامح التي تمثّل نهجاً إماراتياً يومياً، وذلك من خلال استحواذ المتحف على لوحة ليوناردو دافنشي التي تحمل اسم (سلفاتور موندي) أو (مخلص العالم) التي تعتبر واحدة من أقل من عشرين لوحة معروفة لأهم رسامي عصر النهضة في إيطاليا، وتعود إلى العام 1500 تقريباً، ونجحت دائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي في اقتنائها في ديسمبر الماضي، وهي تعكس توجه اللوفر أبوظبي إلى كسر كل القيود بين مختلف الثقافات.
كما ضم اللوفر أبوظبي عند افتتاحه العام الماضي في جزيرة السعديات أكثر من ألف قطعة فنية وأثرية من 50 دولة من مختلف أنحاء العالم، يعود بعضها إلى آلاف السنين، وتستمد أهميتها من أبعادها التاريخية والثقافية والاجتماعية التي تروي قصصاً من مختلف الحقب التاريخية التي مرّت بها البشرية.
فيما يعتبر متحف زايد الوطني الصرح المعماري الأهم في العاصمة، وسيكون إضافة إلى وسط المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات باعتباره المتحف الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويمثل كتاباً مفتوحاً يحرس في تفاصيله سيرة مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وسيأتي متحف غوغنهاي ليكون منصة عالمية للفن والثقافة المعاصرة، ويقدم أهم الإنجازات الفنية في العصر الحالي. وسيسهم عند افتتاحه من خلال مجموعته الدائمة من الأعمال الفنية والمعارض والمطبوعات المتخصصة والبرامج التعليمية في بناء وتعزيز مفهوم الحوار العالمي عبر الفنون.
وتحتضن مدينة (العين) التي تعتبر أول موقع إماراتي يُدرج على قائمة التراث العالمي، عدداً من المتاحف المهمة في محتوياتها الحضارية، لعل من أهمها «متحف العين الوطني» الذي يعد من أقدم متاحف الدولة، وافتتح عام 1971 ويشكل مرجعاً تاريخياً رئيساً في التعرف إلى تاريخ أوائل الحضارات التي سكنت المنطقة قبل أكثر من 8000 عام.
إما إمارة دبي، فتحفل بالمتاحف التي لا تعد ولا تحصى، منها ما يخاطب التاريخ، وبعضها يلهج بالحديث والمعاصر، وبعضها تخصص في توجهه الفكري والعلمي، ولكن من أهمها حضارياً «متحف دبي» الذي بُني عام 1787 ويقع بقلعة الفهيدي التاريخية، وتروي مقتنياته الثمينة تاريخ الحياة في دبي قبل اكتشاف النفط، إلى جانب الآثار حديثة الاكتشاف.
كما يعد متحف الاتحاد الفائز العام الماضي بلقب أفضل متحف حديث في الشرق الأوسط وأفريقيا، معلماً وطنياً بارزاً، يروي عبر ثقافة الصورة النادرة، والوثائق التاريخية، الأحداث التاريخية والسياسية لمسيرة تأسيس دولة الإمارات، وصولاً للإعلان عن قيامها في العام 1971.
وتزخر إمارة دبي بالعديد من المتاحف المهمة، منها متحف بيت الشيخ سعيد آل مكتوم في الشندغة الذي بني عام 1896 في مكان استراتيجي عند بوابة الخور، إلى جانب متحف بيت الهجن ومتحف القهوة ومتحف المسكوكات ومتحف قرية التراث والغوص ومتحف العمارة التقليدية ومتحف بيت التراث الذي يقع إلى جانب مدرسة الأحمدية أول مدرسة في دبي، وتم ترميمها وإعادة فتحها متحفاً عام 1995.
وتحتفي إمارة الشارقة بالعديد من المتاحف التاريخية والأثرية المهمة، أهمها متحف الشارقة الذي تم افتتاحه عام 1997، ويضم العديد من القاعات التي تحتوي على قطع أثرية تعود إلى عصور ما قبل ظهور الإسلام منذ العصر الحجري.
كما افتتح متحف الشارقة الإسلامي بمنطقة التراث في عام 1996، وتتجاوز محتوياته من مقتنيات الفنون والثقافة الإسلامية أكثر من خمسة آلاف قطعة فريدة، تم جمعها من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، إلى جانب متحف الشارقة البحري ومتحف الشارقة العلمي، وغيرها.
وتضم كل من إمارات عجمان والفجيرة وأم القيوين ورأس الخيمة، العديد من المتاحف التاريخية المهمة في مقتنياتها الأثرية التي تروي تاريخ البلاد حضارياً، منها متحف عجمان الذي يعود تاريخه إلى سنة 1820، فيما يعتبر متحف الفجيرة من أحد أهم متاحف الساحل الشرقي، ويحتوي على 2100 قطعة أثرية نادرة.
أما متحف أم القيوين الذي يقع في قلب حصن آل علي التاريخي الذي يرجع تاريخه إلى 200 عام، ويتكون من أقسام أثرية عدة، فيحتضن الاكتشافات التاريخية التي عُثر عليها في الإمارة، خاصة في منطقة الدور التراثية.
ويعد متحف رأس الخيمة الوطني من المتاحف المهمة بالإمارات، وتم افتتاحه عام 1987، ويضم آثاراً متنوعة تم اكتشافها في أكثر من خمسين موقعاً أثرياً.