مع انطلاق العام الدراسي في المغرب بدأ الحديث عن الخطط العلمية والتربوية التي يتم وضعها سنوياً لتطوير المناهج الدراسية لتحقيق أفضل النتائج المتوخاة من العملية التعليمية، وفي مقدمة القضايا التي استأثرت باهتمام مسؤولي قطاع التعليم في المغرب تأثير كثرة الإجازات على التحصيل الدراسي العام؛ حيث يؤكد البعض أن كثرة الإجازات وانقطاع الدراسة يؤثران على التحصيل العلمي. ويتسببان في التشتت الذهني وعدم التركيز وتذبذب المستوى العلمي، بينما يرى آخرون أن الإجازة ضرورية ومطلوبة لأنها تمنح الطالب والمعلم استراحة تجدد نشاطه وحيويته وتحافظ على صحته وقدرته على مواصلة العمل والإنتاج ولتحقيق مصلحة المجتمع، ولكن يجب أن تراعى فيها الأهداف التربوية والتعليمية التي يجب ألا تؤثر على مسيرة العلم وتحصيله. 12 عيدا في هذا الإطار، يعتبر سعيد الراضي (عضو جمعية الآباء وأولياء التلاميذ) أنه “من أهم أسباب انحدار مستوى التعليم بالمغرب كثرة الإجارات بالمقارنة مع الدول المتقدمة كاليابان والولايات المتحدة، حيث يحفل العام في بلداننا بإجازات فصلية وأسبوعية ووطنية ودينية والتي تستنفذ معظم أيام الدراسة”. مضيفا أن “هذه المدة المخصصة للدراسة غير كافية للتدريس كما أن عدد ساعات الدراسة اليومية لا تواكب العصر ولا تلبي احتياجات تطوير القطاع التعليمي. ويشير إلى أن نتائج دراسة أعدها مركز الدراسات والبحوث عن الإجازات الرسمية بالقطاع التعليمي في المغرب تؤكد أن كثرة الإجازات لها تأثير سلبي على التعليم، وبينت هذه الدراسة أن أكثر من %50 من إجمالي الجمهور محل الدراسة قد أكدوا التأثير السلبي للإجازات. ويوضح الراضي أن “الطلبة ورجال التعليم في المغرب يستفيدون من إجازة أسبوعية ليومين هما السبت والأحد وإجازتين فصليتين في رأس السنة الميلادية وفصل الربيع وإجازات الأعياد الوطنية والدينية التي يصل مجموعها إلى 12 عيدا وطنيا ودينيا إضافة إلى إجازة الصيف التي تمتد لثلاثة أشهر”، لافتا إلى أن الإضرابات التي يخوضها المعلمون والأساتذة لتحقيق مطالبهم تستنفذ هي الأخرى عدة أيام من العام الدراسي حيث ينفذ رجال التعليم في المغرب إضرابات تصل في المتوسط إلى ثلاثة، والتي يتخذها الطلبة ذريعة لأخذ إجازات”. وتطبق بعض المدارس والجامعات الدوام المستمر من الثامنة وحتى الرابعة، إلا أن أغلب مؤسسات التعليم في المغرب تقسم اليوم الدراسي إلى فترتين من الثامنة وحتى الثانية عشرة ومن الثانية ظهرا وحتى الرابعة أو السادسة حسب الحصص. معدلات عالمية يرى محمد المراكشي (باحث تربوي مفتش سابق) أن المغرب يبذل جهوداً لزيادة المدة المخصصة للدراسة بصورة تدريجية ويدرس طلبات لتفعيل العام الدراسي وزيادة مدته بعد أن اقتصت الإجازات الرسمية والاستراحات والمُناسبات أياما منه، معتبرا أن “زيادة المدة الزمنية للعام الدراسي ستساعد على مواكبة المعدلات العالمية للدول المتقدمة لاسيما الأوروبية التي يكمل الطلبة المغاربة دراستهم بها”. ويقول “طبيعة مهنتي تفرض علي تشديد المراقبة على الأسـاتذة وحيـن ألاحظ تقصيرا في عملهم يكون مبررهــم أن مدة العام الدراسي لا تكفي لتغطية المنهاج بأكمله وهذه شكاوى مستمرة من الأساتذة حيث يضطرون إلى تجاوز بعض الدروس أو تدريسها بصورة مختصرة”. ويؤكد المراكشي أن “قصر مدة العام الدراسي يُعزز ثقافة الكسل لدى الطالب والمدرس وإذا اســتمرت حالة التراخي هذه فإن الأجيال القادمة ستواجه الكثير من المشاكل قد تتسبب فـي زيــادة نســـبة البطالـــة فــي صفــوف حملــة الشــهادات”. العودة من العطل وحول مدى الاسـتفادة من الإجازات وتأثيرها على مستوى التحصيل العلمي، يقول المعلم سعيد بوعيد إن تقطيع العام الدراسية وكثرة الإجازات يسبب اضطرابات في التحصيل العلمي، موضحا أن الإجازة فرصة لالتقاط الأنفاس للجميع سواء معلمين أو طلابا، ولكن يجب وضع هذه الإجازات من خلال عملية محسوبة ومدروسة ولا تؤثر على الطلاب وتحصيلهم العلمي. وينبه إلى أنه لا يجب النظر إلى الإجازة من منظور سلبي فقط ولكن يجب اعتبارها محطة مهمة في الحياة العملية لتجديد النشاط وإعادة الاعتبار للعملية الذهنية النفسية. وترى المعلمة خديجة الحياتي أن الطلبة يعودون بعد العطلة مشتتي الذهن وبعيدين عن جو الدراسة والتحصيل العلمي، ما يؤثر على تقديم الحصص، لذلك يصر أغلب المعلمين على إلغاء الدروس في اليوم الأول والثاني بعد العودة من العطل نظرا لعدم تهيئة الطالب نفسيا، ويفضلون مراجعة الدروس السابقة بدلا من تقديم الدروس الجديدة. وتضيف أن الإجازات الطويلة والكثيرة تؤثر على الطلاب لذلك يجب وضع الحلول المناسبة لعدم فصل الدراسة. سكينة اصنيب (الرباط)