تحقيق يكتبه من اليمن : عمـران محمد

كأنها الشمس تشرق من جديد.. هي النور وسط هذه الظلمة.. وهي الحياة بين قبور الراحلين وهي الفرح بين كل لحظات الأسى، وهي كالفارس الذي جاء ممتطياً جواده لينقذ الدمار والشتات.. هي الإمارات التي أينما حلت أطابت، وهي الإمارات التي تجبر الخواطر، وتفتح البيوت، وتعيد إشعال الشموع، وسط أرض عانت من العتمة طويلاً!
هي الأمل حين يدب اليأس في القلوب، وهي الحقيقة حين تبيع ميليشات الغدر الوعود.. وهي الفعل حين يكثر الكلام، ويزيد تجار الأحلام في الردود.. جاءت الإمارات بعاصفة من الحزم في مواجهة كل من أراد أن يبيع اليمن ويحولها إلى كومة من الدمار والنار.. جاءت وهي تمد يدها الكريمة وتحيي الأرض الحزينة، جاءت بقلب مفتوح لتعيد ابتسامة منسية وشمس غائبة.. جاءت كالغيث لتعيد الحياة بالرغم عن أصوات الرصاص وهدير الدبابات!


تحت أشعة شمس دافئة، ووسط طبيعة ساحرة في أحضان المحيط الهندي، الظروف القاسية وضعت بصمتها على معالم الحياة، ما بين الضغوط اليومية وضعف الإمكانات، وغياب الاستقرار والخوف من المستقبل، كان من الصعب وسط كل هذا أن تزور الابتسامة الوجوه، وتدق الفرحة القلوب، وتؤجل أحزان وهموم وطن، يبحث عن الحرية، ويقاوم مليشيات انقلابية.
ولكن عندما تحركت الكرة فوق الرمال الساخنة تغيرت الصورة، انطلق وراءها الصغار والكبار، بأقدام حافية، بكل براءة وتلقائية وفرحة.
إنها الرياضة التي يمكن أن تفعل بنا وبهم كل هذا.
نعم، الرياضة فقط تملك تأشيرة الدخول لمناطق البهجة والسعادة، وتشيد جسور الأمل، وتختصر المسافات، وتتجاوز الحواجز، وتجمع القلوب، وتلون برسالتها وأهدافها ومبادئها أجمل لوحات التفاؤل، وتغرس القيم النبيلة.. السلام والتسامح والحب والانتماء والولاء والتضحية.
وعندما امتدت من هنا يد الخير، لتمسح الأحزان، وتزرع الأمان، وتحتضن الإنسان، وتُهيئ المكان، كانت الرياضة على رأس القائمة، لما لها من تأثير كبير في مسيرة التنمية والبناء في اليمن حتى يعود اليمن قوياً شامخاً منتصراً.. وسعيداً كما كان دائماً.
بعد أن تجولنا في الحلقات الماضية في مناطق الخطر، وتوقفنا أمام قصص الشهداء والأبطال، وصور الدمار للمنشآت والملاعب والأندية في اليمن، وصلنا إلى المشهد الأكثر إشراقاً هنا في سقطرى، حيث تشرق شموس العطاء في كل مكان.

سقطرى.. مولـد حلـم!
«ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل»
ربما هو واحد من أهم أبيات الشعر التي سارت كالمثل بعدما غزت الكتب والألسن لتصل حد الاستهلاك، وما بين عجز البيت العائد للشاعر الطغرائي في العام 514 للهجرة من قصيدته الشهيرة «لامية العجم»، وقصة الثنائي زكريا أحمد مدرب الحراس بنادي بني ياس وأحمد الشامسي الحكم الدولي السابق مع تأسيس البنية الرياضية من العدم في أرخبيل سقطرى يبدو أن «فسحة الأمل» ستظل هي السائدة رغم شظف العيش. منذ نحو عامين من الآن..وفي مطلع عام 2017 بدأت قصة الثنائي مع رياضة الأرخبيل اليمني باتصال هاتفي من مجلس أبوظبي الرياضي، حينما رن هاتف الكابتن زكريا أحمد وكان على الطرف الآخر طلال الهاشمي، حيث دار الحديث التالي:
الهاشمي: أبو أحمد مرحبا.
زكريا أحمد: هلا مرحبا.
الهاشمي: نحتاجك في مهمة وطنية في مكان صعب.. نبغيك في اليمن.
زكريا: حاضر تم.
بهذه البساطة بدأت الأحداث دون سؤال عن المكان تحديداً في اليمن المشتعل في بعض أجزائه، فعبارة «مهمة وطنية» بدت أشبه بكلمة السر التي استخدمها موجه التربية الرياضية وحارس نادي العين السابق زكريا أحمد في إقناع رفيق رحلته الحكم الدولي السابق أحمد الشامسي بذات الآلية ليجد في المقابل الموافقة الفورية دون تردد.


ويقول زكريا أحمد:«بمجرد الاتصال بدأنا في تجهيز أنفسنا للرحلة، لحظتها لم نكن نعرف وجهتنا المرتقبة في اليمن وهل سنكون في الخطوط الأمامية أم مكان آخر، لم نشغل بالنا كثيراً بالمكان طالما أن المهمة وطنية نمثل فيها الإمارات، ودعنا أهالينا بداعي تواجدنا في رحلة عمل في مكان ما، فضلنا عدم الكشف عن وجهتنا تجنباً لقلق الأهالي وتوكلنا على الله».
يضيف رفيق الرحلة أحمد الشامسي «أمام الطائرة التي ستقلنا التقينا إسماعيل الجنيبي، عندها تحديداً عرفنا وجهتنا المقبلة في اليمن جزيرة سقطرى.. قطعاً سمعنا عنها الكثير ولكن ربما لم نكن نعرف ما ينتظرنا هناك، ما أذكره جيداً هبوط الطائرة في منطقة بدائية للغاية، هو ليس مطاراً بالمعنى المفهوم ولكن ساحة مكنت قائد الطائرة من الهبوط بأمان، وسرعان ما تجاوزنا لحظات البداية الأولى بالتعرف إلى أشقائنا من عيال زايد المتواجدين في الأرخبيل، قبل أن نلتقي الأهالي». توقعات الثنائي المبدئية انحصرت في إنجاز مهمة رياضية محددة قد تحتاج إلى أيام قليلة ولا تصل في أسوأ الأحوال إلى أكثر من أسبوع، قبل أن يتفاجأ بأن المطلوب يتمثل في «تأسيس بنية رياضية في الأرخبيل الممتد على نحو 3796 كلم مربع والمأهول بنحو 44,120 نسمة من السكان الذين يغلب عليهم فئة الشباب والصغار.


يتوقف زكريا أحمد عند فكرة المشروع، قائلا: «كل المقومات الأساسية لتنظيم الحياة الرياضية بدا الأمر أشبه بالمستحيل، غير أن ما لمسناه من رغبة جامحة من الأهالي واستعدادهم لفعل كل شيء مثل اللبنة الأولى لمشروع كبير من أجل إنشاء دوري منظم، استحداث لوائح لم تكن بالأصل موجودة، تثقيف وتأهيل حكام لم يعرفوا استخدام الصافرة بل استخدموا القوارير الفارغة للإعلان عن الحالات التحكيمية في المباريات التي لا تكتمل في غالبيتها بسبب تدخل الجمهور أو حتى غضب لاعبي الفريق الخاسر وحملهم الكرة خارج الملعب غير المخطط أصلاً!».
النزول إلى الميدان
التحدي بدا كبيراً للغاية، ولأن لغة التواصل هي الأساس لنجاح أي مشروع قائم بالأساس من أجل المجتمع، فضل الثنائي زكريا أحمد وأحمد الشامسي البداية من الصفر والاندماج بين مكونات المجتمع، وبشعار المشاركة مع الجميع بدأت الخطوة الأولى بالمساهمة مع مواطني الأرخبيل في تجهيز الحد الأدنى من المقومات على الأرض، بدؤوا بمساعدة اللاعبين على تهيئة الملاعب غير واضحة المعالم، نقل الصخور والحصى ووصل بهم الأمر إلى درجة المشاركة في نظافة حتى دورات المياه، لينجحوا في تقوية جسور الثقة الموجودة أصلا.
ويوضح الحكم الدولي السابق أحمد الشامسي «كوننا من أبناء الإمارات أعتقد أن هذا الأمر ساعدنا كثيراً، تواجد الكثير من شباب الدولة هنا على صعيد كل المجالات وفر علينا الجهد فالسمعة والكلمة الطيبة جواز سفر إضافي، التفاف الجميع حول المشروع والرغبة الجادة في وضع أساس منظم مثلت حجر الزاوية، نعم البدايات دائماً ما تكون صعبة ولكننا بتكاتف الجميع نجحنا في تجاوزها رويداً رويداً، البداية كانت من خلال الدورات المشتركة للمدربين والحكام وحتى اللاعبين، لم نألُ جهداً في جوانب التعريف بالأساسيات والنظم المطلوبة».

قطعاً لم تمضِ الأمور بمثل سهولة السرد الحالي، خاصة وأن المقومات الأساسية كلها كانت غائبة للدرجة التي رأى فيها المشاركون في الدورات «البروجكتر» للمرة الأولى كأداة مساعدة للمحاضرين في تقديم الشرح الوافي رغم أن غالبية المشاركين من مدرسي التربية الرياضية، علاوة على اختلاف ظروف المنطقة البيئية والأعاصير والرياح، ويكمل زكريا أحمد سرد زميله الشامسي قائلا «في موسم الأعاصير والرياح تبدو ملامح الحياة شبه متوقفة في أرجاء الأرخبيل، ولكن الثابت أن السكان يعودون أكثر قوة مع انقضاء الأزمة ويصرون على بناء ما هدمته الأعاصير وعصفت به الرياح، هذه الروح كانت بمثابة أمضى سلاح ساعدنا في رحلة بناء أساس الرياضة بالجزيرة ليتحول تواجدنا المؤقت إلى زيارات متكررة في الأعياد ورمضان وغيره وفي كل مرة ورغم إرهاق العمل لـ16 ساعة والاكتفاء بالتمر والقهوة في إفطار رمضان، كنا نشعر بأن المهم التفكير في إنجاز الخطوة المقبلة».
قطعاً، لم يكن مشهد الرياضة غائباً عن الجزيرة التي تعج بالأندية التي تحمل أسماء الأندية الإماراتية مثل الوحدة، العين، الجزيرة، الوصل، بني ياس، حتى الشعارات تبدو قريبة وأعلام الإمارات حاضرة في كل تتويج، يضيف زكريا أحمد «الثابت في الأمر حب الشعب للإمارات والرياضة موجود بل متوارث رغم عدم وجود المرافق المؤهلة، ودور مشروعنا تمثل في تغيير وجه الصورة العشوائية التي كانت سائدة لغياب التنظيم والثقافة الرياضة، أعتقد أننا كنا بمثابة إغاثة رياضية لشعب يحتاج إلى من يأخذ بيده إلى فضاءات أرحب، والمؤكد أيضاً أن المسؤولية كانت ومازالت كبيرة».

فسحة المونديال دروس مستفادة
يوضح زكريا أحمد محاضر تدريب الحراس المعتمد لدى الاتحاد الآسيوي، أن فكرة المشروع حاولت الاستفادة من كل الظروف المحيطة، ويوضح «وقبل مونديال روسيا 2018 كنا في زيارة للجزيرة وارتأينا ضرورة الاستفادة من مباريات كأس العالم لتعزيز الثقافة الكروية، ويبدو من غير المنصف الاستفادة من بطولة بحجم كأس العالم التي تراعي أفضل المعايير التنظيمية على مستوى العالم، وقبل انطلاقة المونديال كان الموعد في الزيارة التالية بعد أن نجحنا بدعم مؤسسة الشيخ خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، ومجلس أبوظبي الرياضي في توفير مجموعة من «الرسيفرات» وشاشات البث التلفزيوني».
بدا المشهد في أيام المونديال وكأنما تحول الجميع إلى مشجعين حول الشاشات الموزعة باختلاف المحافظات فبعضها كان في الهواء الطلق وعلى الرمال، وأخرى داخل عنابر من الصفيح (جملونات)، غير أن «المتعة» مثلت القاسم المشترك بين الجميع في ظل مجتمع كان يعتبر مجرد الحديث عن أخبار البطولة ربما ترف زائد فما بالك بأن يتابع كل ما يدور في المونديال لحظة بلحظة، ويواصل «شعرنا بفرحتهم وقاسمنا الجميع الشعور بالسعادة، وأصبنا في نفس الوقت بعضاً من أهدافنا بمتابعة أفضل المنتخبات واللاعبين، الملاعب، التحكيم وغيره كانت بمثابة محاضرات مجانية ودروس مستفادة».

منتخب «سقطرى» رحلة الأحلام
يوضح زكريا أحمد «بعد الانتهاء من عملية الاختيار والتكوين، بجانب إقامة تجمعات داخلية للمنتخب فاجأنا اللاعبين وإدارة المنتخب بتنظيم رحلة للعاصمة أبوظبي أعتقد أنها تستحق وصف رحلة العمر بالنسبة للمشاركين لاسيما وأن كل الترتيبات وبفضل الجهات الداعمة سارت كما هو مخطط له، التجربة في حد ذاتها كانت استثنائية للاعبين يلعبون للمرة الأولى على العشب، عايشوا تجربة متكاملة لا تقل عن أي فريق منظم في الدوري من حيث ظروف الإقامة، التنقل، مواعيد النوم، التدريبات، وصولاً للمباريات الودية الأربع التي لعبها منتخب نجوم جزيرة سقطرى أمام أندية محلية بالعاصمة أبوظبي».
يجزم الثنائي أن هناك مواهب تستحق الوقوف عندها بين اللاعبين، ويضيف زكريا «وضعنا في الاعتبار أن تضم فكرة المنتخبات خلال المرحلة المقبلة الاهتمام بفئتي الشباب مواليد 1998 وما دون ذلك، والناشئين أقل من 2004، علاوة على منح المدرب الحالي للمنتخب محمد صالح الفرصة للحصول على شهادات التدريب الآسيوية من خلال الدورات المتاحة بالإمارات وغيرها.

«القوة الناعمة» تحد مستمر
يصف أحمد الشامسي الرياضة بأنها أحد أهم أساليب«القوة الناعمة»، ويوضح«مع تواجد نحو 220 لاعباً حالياً بأندية الجزيرة يلعبون في دوري شبه منظم من ناحية الملاعب والحكام والمرافق البسيطة، نستطيع أن نقول إن الأساس بات سليماً ويقبل البناء لمشروع طموح تقف خلفه وتدعمه مؤسسات إماراتية صرفة منها مؤسسة الشيخ خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، مجلس أبوظبي الرياضي».
ويضيف أحمد الشامسي«فقط الشغف والرغبة الموجودة لدى المجتمع كانت بدايتنا للكثير من الإيجابيات، هنا تعيش الكثير من الأحلام ومن الحرام أن تمضي حياتهم دون تغيير، قد نكون أنجزنا الكثير على مدار العامين الماضيين ولكن ما ينتظرنا أكثر في رحلة الأمل والعمل ومغالبة ظروف شظف العيش».

محمد حاجي: إنشاء الملاعب وتطوير البنية التحتية لتنشيط الحركة الرياضية
قال محمد حاجي الخوري، المدير العام لمؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية أن توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لمؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية بقيادة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، رئيس المؤسسة بدعم الأشقاء في اليمن متواصلة في ظل الظروف الراهنة والصعبة الذي يمر بها الشعب اليمني الشقيق.


ويضيف الخوري: في بداية الأزمة اليمنية في يونيو 2015، صدرت على الفور التوجيهات السامية من القيادة الرشيدة بإنشاء جسر جوي وبحري لإغاثة أهلنا في اليمن بغية تقديم مساعدات غذائية وطبية عاجلة، وقد انطلقت أولى رحلات الجسر الجوي لنقل هذه المساعدات في النصف الأول من شهر يونيو 2015 .. وبدأت رحلة الخير الإماراتية، ووصلت المساعدات الإنسانية الإغاثية والتنموية التي قدمتها المؤسسة من خلال الجسر الإنساني الذي ربط بين الإمارات واليمن إلى أرقام غير مسبوقة، وتجلى ذلك من خلال حوالي 40 رحلة إغاثة جوية ، إضافة إلى 10 بواخر شحن حملت أكثر من 15 ألف طن من المساعدات المتنوعة للشعب اليمني الشقيق.
وحول المنشآت التي أسهمت بها مؤسسة خليفة الإنسانية قال: «من الصعب إحصاء حجم المنشآت التي أسهمت فيها المؤسسة، ولكنها شملت كافة المجالات مثل مطار سقطرى الدولي، وميناء سقطرى، إضافة إلى دعم القطاع الصحي والتعليمي والقطاع السمكي والزراعي، وأعمال ترميم المساجد والمدارس والكليات والجامعات. ولا بد لنا أن نشير إلى مستشفى خليفة بن زايد آل نهيان في سقطرى يدار من قبل أهم المؤسسات الطبية التي تملك خبرات عالمية في هذا المجال».
وأضاف المدير العام لمؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية: «المؤسسة تبنت مع بداية العام الدراسي الحالي تأمين عشرات المنح الدراسية لطلبة وطالبات من جزيرة سقطرى للدراسة في الجامعات الإماراتية، كما أطلقت المؤسسة وبالتنسيق مع مكتب وزارة التربية والتعليم في سقطرى، مشروع استقبال 17000 طالب وطالبة موزعين على 86 مدرسة، وذلك ضمن الأهداف الإنسانية التي تقدمها دولة الإمارات من أجل تعزيز دور التعليم وتحسين منشآته».
وعن الأندية والقطاع الرياضي أضاف قائلاً: «تواصل مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، جهودها في دعم القطاع الرياضي بأرخبيل سقطرى، وتنشيط الحركة الرياضية في المحافظة بمشاركة 17 نادياً رياضياً من مختلف مديريات الأرخبيل، إضافة إلى دعم الفرق والأندية، وأيضاً البنية التحتية من ملاعب، وغيره من تجهيزات فنية أخرى».
ويتابع الخوري حديثه :«الأرقام والإحصائيات الصادرة عن الأمم المتحدة تبدو في غاية الصعوبة، حيث تشير إلى أكثر من 22 مليون شخص بحاجه إلى المساعدة، وأن 11.3 مليون شخص في أمس الحاجة للمساعدة الإنسانية. كما أن 11 مليون إنسان في اليمن بحاجه لمياه الشرب، وأن 5 ملايين طفل هم في حاجة إلى تغذية صحية، وأن 50% من المراكز الصحية في اليمن لم تعد تعمل، ورغم كل هذا الإمارات كان وسيكون لها دور محوري ومهم في مستقبل أعمار اليمن بإذن الله، ومن الصعب تحديد مدة زمنية لإعادة إعمار اليمن، ولكن بشكل أولي هناك فرق فنية لمؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية في سقطرى تعمل على تحديد الأولويات المختلفة، تبدأ المرحلة الأولى بالتأهيل السريع لإعادة البنى للحياة العامة».
ومن المشاريع الأخرى الاستراتيجية التي تقوم مؤسسة خليفة الإنسانية بتنفيذها حالياً بدء أعمال محطة كهرباء بمحافظة عدن بقدرة 120 «ميجاوات» بكلفة تقديرية تبلغ 100 مليون دولار وذلك في إطار استمرار برامج دعم قطاع الطاقة الكهربائية التي تنفذها دولة الإمارات بهدف تغطية احتياجات المحافظة طوال العام، وتبذل الكثير من الجهود لتذليل المصاعب اللوجستية، مثل العمل لتكوين وتدريب كادر يمني على أعمال تشغيل وصيانة المحطة، التي يعد محركها من أكبر مولدات الطاقة في العالم، ومن المتوقع تشغيل وإدارة وصيانة المحطة وستسلم للجانب اليمني في أكتوبر 2019.

«قلب إماراتي» يسكن قلب الجزيرة
إسماعيل الجنيبي.. هو القلب الذي يسكن كل القلوب .. يعرفه كل أهله الأرخبيل.. يكاد أن يكون أشهر رجل في هذه الجزيرة، لا يتوقف عن الترحيب والسلام.. ولا يتحدث إلا عن عمل الخير وخدمة الناس، لا تتوقف ابتساماته وحين تحدثت معه عن معاناة الأهالي في سقطرى لم يتمالك نفسه من البكاء، يحب الفقراء ويجمع الأطفال حوله فسيارته لا تخلو من الحلويات والهدايا والماء، يعطي هذا ويتوقف في نصف الطريق لينزل ويلبس امرأة عجوز الحذاء.. سألته ما الذي أتاك إلى هنا؟.. فأجاب بسرعة إنه نداء الوطن يا ابني.. ويكمل حديثه: قالوا لي اذهب إلى هذه الجزيرة ليلة واحدة واكتب لنا تقريراً عن احتياجاتهم.. سافرت من أبوظبي بدون حقيبة ولا ملابس.. ليلة واحدة لا تحتاج أن أحمل معي شيئاً، ولكني أقمت هناك أسبوعين متتاليين..


لم أتحمل العودة بدون أن أكمل كل عملي ولم يرضيني ضميري أن أعود واترك أناساً ينامون بدون عشاء وعائلات تقف عاجزة أمام مطر يهطل على بيوت لا سقف لها.. كانت مهمتي الرئيسة أن أفتح لهذه الجزيرة باب الرياضة وأن يمارسوا اللعب في كل مكان.. كانوا ينظرون إلي مستغربين، أنظف الملاعب وأخططها وأغسل الأرض، فأنا لم أحضر إلى هنا كي أقوم بالتوجيه وإرسال الأوامر إلى الأهالي والشباب بل جئت لأنفذ المهمة بنفسي حتى لو اضطررت لدخول «الحمامات ودورات المياه لتنظيفها»..
كنت أذهب إلى المدارس وأزور الأندية وأنشئ أساس تشكيل ملامح الرياضة لديهم.. مضت شهور وأيام طويلة وأنا بين أبوظبي وسقطرى.. وكل ما يشغلني أن أحقق الهدف، وأعيد الحياة للشباب هناك.. أقمنا الكثير من البطولات والمنافسات، شيدنا الملاعب والصالات..


حولنا الجزيرة الهادئة إلى مجموعة لا تتوقف عن ممارسة أي شيء يتعلق بالرياضة، واليوم بعد مضي عامين وأكثر حين أشاهد ما تحقق أشعر أن هناك علامة مضيئة في حياتي، قدمت لوطني جزءاً بسيطاً مما تستحقه واعدنا الابتسامة بفضل خيرات بلادي ودعم القيادة ومؤسسة خليفة الإنسانية لكثير من الأطفال والشبان والعائلات.. فهذه أصعب وأنقى وأجمل مهمة قمت بها في حياتي.. باتت الجزيرة جزءاً مني لا أتوقف عن زيارتها ولا أصبر على بعدها.. وحين أتذكر حلم اليوم الأول وواقع ما صنعه أبناء الإمارات اليوم.. أسجد لله واحمده أنني إماراتي.

محافظ سقطرى: «أبناء زايد» يقدمون أرواحهم فداء لشعبنا
أكد أحمد سالم ربيع محافظ سقطرى أن دولة الإمارات أحدثت نقلة نوعية لإعمار المناطق التي تم تحريرها من يد مليشيات الحوثيين، مشيرا إلى أن المساعدات الإنسانية والدعم الكبير من جانب الإمارات أعاد الروح للرياضة اليمنية من خلال عودة النشاط الرياضي لقطاع كبير من المؤسسات والأندية، ليس فقط في سقطرى بل في عدن ومحافظات كثيرة.


وأضاف أن الرياضة رسالة دولية تساهم في توحيد الشعوب خلال الأزمات السياسية والحروب، لأنها تمثل المتنفس الأول للشعوب، وهو ما تم التركيز عليه من أجل أن تعود الحياة للشارع اليمني.
وأوضح أن اليمن في قلب الإمارات من سنوات طويلة، بداية من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، والقيادة الإماراتية تدعمنا ليس فقط في جانب الإعمار بل أن أبناء الإمارات يساهمون بكل قوة مع قوات التحالف لإعادة الشرعية إلى اليمن ويكفي أن أبناء الإمارات قدموا أرواحهم فداء لشعبنا وهو ما نقدره كثيرا وإن كنا نتعامل مع الوطن العربي والخليجي على أننا جزء لا يتجزأ منه.
وأشار إلى أن الإعلام المضلل لن ينال من علاقتنا مع الإمارات والتي تمتد لسنوات طويلة لأنها تقام على أسس قوية، وهذا الأمر ندركه جيدا ليس فقط على مستوى القيادة الشرعية للبلاد بل أيضا الشعب اليمني يعي ذلك تمام.


وأعرب محافظ عدن عن سعادته الكبيرة بما قدمته مؤسسة خليفة بن زايد للمساعدات الإنسانية ومجلس أبوظبي الرياضي في سقطرى وعدن، وقال:» المساعدات كبيرة في إعادة الحياة الرياضية من جديد من خلال إعادة تجديد الملاعب والصالات والمساعدات الخاصة بالملابس الرياضية، وهو ما لمسناه على أرض الواقع من إقبال الشباب مجددا على ممارسة الرياضة والتي تمثل السبيل الوحيد لإبعادهم عن الأفكار المتطرفة».

اقرأ أيضاً.. يد تبني.. ويد تدمر.. "الدم والدموع".. شهداء في ميادين الكرامة