يقول الروائي والشاعر الأردني إبراهيم نصر الله عن الرقابة: الرقابة في جوهرها لا تعني المنع فقط، بل تعني أن يجلس الرقيب معك ليكتب أهم مفاصل التاريخ وأن يتحكم بوجهة نظرك تجاه الحياة. والرقابة بذلك هي إساءة الى العقل، وهي سعي لوضع الخيال الإبداعي داخل أحزمة عفنة من نوع مختلف، يقرر الرقيب شكلها ومدى إحكامها. يمكنني أن أسأل هنا: هل هنالك إنتاج فكري، فني، آخر، معرض للرقابة غير الكتاب؟! لا، ليس هنالك ما هو عرضة للتضييق عليه إلا الكاتب وكتابه، إذ يمكن أن تنزل إلى الأسواق وترى أفلام البورنو تباع للأطفال، ويمكن أن تنزل وتشتري تسجيلات تحض على التعصب ونفي العقل وتشويه التاريخ بالقراءات المغلوطة وإقفال المستقبل. من المحزن أن الكاتب ممنوع من تأمل الماضي بصورة جريئة، وممنوع من تأمل الحاضر والحديث فيه بصراحة، وممنوع من تأمل المستقبل وهو يراه أشبه ما يكون بثقب أسود يبتلع كل الأحلام، وحتى الصغيرة منها.