يتميز الممثل القطري صلاح الملا بأنه قادر على أن يعطي كل شخصية يقدمها روحاً مختلفة بعيدة عن الأخرى من جهاتها الأربع، وهو من الأسماء اللامعة خليجيّا على مستوى الدراما، وقد أطل في شهر رمضان من خلال عملين كوميديين الأول هو «البيت بيت أبونا» الذي جسد خلاله شخصية خفيفة الظّل، والثاني هو «وديمة وحليمة» حيث حلّ ضيفاً على حلقتين منه. مراد اليوسف (دبي) - حول المعايير التي يضعها بعين الاعتبار عندما تعرض عليه الأدوار الكوميدية، قال الفنان صلاح الملا: أفضل الأعمال الدرامية لأسباب متعددة، وعلى الصعيد الشخصي أحب العمل الكوميدي، لكن بشروط، فمواهب الناس متعددة، وهناك فنانون لهم مكانتهم ولديهم الإمكانية في الارتجال وإضافة لمستهم على الدور، وشخصيّا أفضّل النّص المكتوب أساسا بحواراته وتفاصيله بشكل كوميدي، ومن يريد مني كوميديا عليه أن يهيئ لي الجو المناسب لها. وقال الفنان إنه يقدم أدواراً متعددة أيضا، مضياً: أي شخص يطلق على نفسه، لقب فنان، يجب عليه أن يجسد جميع الشخصيات التي تتناسب مع عمره وشكله وصوته وتركيبته الجسمانية، فلا يجوز أن يؤطّر الفنان نفسه في قالب واحد، حتى لا يصبح مكرراً، ولا أعتقد أن ممثلا يستطيع تجسيد شخصية إلا إذا كان لديه مخزون من حياته الشخصية وتراكم الخبرت منذ طفولته وإلى وقته الحالي، ولهذا لا بد أن تتقاطع أي شخصية في بعض ملامحها مع سمات الممثل. «البيت بيت أبونا» وحول مشاركته في العمل الأخير الذي عرض في شهر رمضان «البيت بيت أبونا» وأنه بوجود الفنانتين حياة الفهد وسعاد عبدالله في العمل، سيغطّي على جميع الأسماء الأخرى في العمل، قال الملا: ليس بالضرورة أن يعبر هذا الكلام عن الواقع، هناك عمل يعرض والمشاهد يرى ويحكم والنقاد سيقيمون، فيما إذا كان هذا العمل مركزا فقط على حياة وسعاد، أو أنه يتكلم عن شخصيات عديدة في قصة متكاملة، والمسلسل كان كفيلاً بعد عرضه في رمضان، بالإجابة على هذا التساؤل والرد على أيّة أقاويل، حيث أعطي كل فنان حقه بشكل كبير. وعما إذا كان يرى أن هذا الزخم في الأعمال الخليجية يعدّ إيجابيا أو سلبيّا قال: لا شك أن كثرة الأعمال أمر إيجابي ولصالحنا، لكن العيب الوحيد هو أن تجتمع كل الأعمال في شهر واحد فقط، وأتمنى حقيقة أن لا يكون التركيز فقط على شهر رمضان، فلماذا لا يكون الموسم الدرامي طوال العام؟، ولابد أن نعترف أن هذه الإشكالية خارجة عن سيطرة الممثلين والمنتجين، حيث إن القنوات الفضائية هي من تتحكم بها. ولفت إلى أن ما يحدث ظلم لكثير من الأعمال الدراميّة وللفنان أيضا، لذلك يجب أن تكون هناك قنوات فضائيّة جريئة تأخذ زمام المبادرة، لا أن تضع ثقلها في رمضان فقط، رغم أن هذه العملية معقدة وتدخل بها مصالح الشركات الراعية والداعمة وسوق الإعلانات. استمرارية وعن أضرار حصر الأعمال في شهر واحد قال: تكمن الأضرار في أن هناك من يرى نفسه فجأة مرتبطا بأعمال عدة في آن واحد قبل رمضان، بالمقابل هناك من لا يجد أي فرصة، وعادة ما يكون التركيز على أسماء معينة من دون غيرها، بينما لو كانت هناك استمرارية مدروسة على مدى العام لكان أخذ كل فنان حقّه، فمشكلتنا في الساحة الفنية أنه ليس لدينا وعي حول أين نحن سائرون؟، وبالنسبة للجميع، فشهر رمضان هو موسم الربح فيقبلون عليه، على عكس الغرب الذين ينتجون أعمالا على مدار السنة من دون انقطاع. ويضيف: قليلون هم الذين يستطيعون إعطاء كل شخصية حقها بأكثر من عمل، والغالبية تأتي إلى مكان العمل لتصوير مشاهدها وتغادر من دون إحساس بالشخصية. موسم درامي وعن تكرار الأسماء الكبيرة ذاتها، في كل موسم درامي اعتبر الملا أن هذا الأمر موجود في العالم العربي، لأن الاعتماد يكون على الأسماء الكبيرة من دون التفكير بالشخصيات الموجودة على الورق، فحسب قول الملا هناك فارق كبير بين الأدوار المكتوبة وبين الأسماء التي تستدعى لتجسيد هذه الأدوار. ويقول: في كثير من الأعمال يأتي المنتج ويقول أريد اسما لامعا مطلوبا للقنوات الفضائية، وهذا الاختيار والحكم يكون بغض النظر إن كان الاسم المقترح لديه الإمكانية لتجسيد الشخصية أم لا. وعمّا إذا حان الوقت لإزاحة جيل ما عن الدراما لفسح المجال للوجوه الشّابة قال الملا: أعتقد أن هذه طبيعة الحياة ولابد في كل مرحلة أن يغادر جيل ويحل مكانه جيل آخر، وبالوقت ذاته، ليس عيبا أن يستمر الفنان بالتمثيل عندما يتقدم في السن لأن هذه المهنة لا ترتبط بسن معين فلكل دور ظروفه ومرحلته العمرية، ولكن مشكلتنا أن أغلب الممثلين في الوطن العربي يتوهّمون بعد أن يتقدموا في السن أن باستطاعتهم تجسيد جميع الأدوار، يتقدمون في العمر ولا يعترفون بأن لكل سن اعتبارات معينة في الدراما، حيث إن القنوات تعتقد أن تلك الأسماء هي من تستقطب المشاهد والواقع عكس ذلك تماما فالمشاهدون يتحدثون عن السذاجة التي وصلت لها الدراما. سألنا الملا فيما إذا كان يرى أن الممثل كبير السن عليه أن يتقاعد عن التمثيل أجاب: لا أبدا، بل عليه أن يعترف ضمنا بأنه وصل لمرحلة عمريّة ما وبالتالي هناك شخصيات يجب أن يجسدها بناء عليها، فلا يجوز أن يعمل وهو يعتقد أن عمره ثلاثين سنة، بينما هو يتوّهم أنه ما زال شابا. الدراما الخليجية وفي سؤال حول مدى وصول الدراما الخليجية إلى الجمهور العربي قال: للدراما الخليجية بصمة على مستوى الوطن العربي وأعتقد أنها وصلت للجمهور من المحيط إلى الخليج، وبرأيي الشخصي ليس هناك فوارق بين دراما وأخرى لأن القضايا الجوهريّة التي تطرح هي نفسها، وأنا شخصيا ضد الفرز، لأن الدراما التي نقدمها موجّهة للإنسان العربي بغض النظر عن انتمائه المناطقي أو الديني ولهذا لا يجب أن نتقوقع بشكل ضيق. تكرار الأدوار ويتابع: حكايات الدراما لا تمثل منطقة واحدة وهي نفسها تتكرر وتتشابه في أي مكان، وأي عمل في الخليج لا بد أن يحاكي بصورة أو أخرى مشكلات وقضايا تتقاسمها المنطقة بأكملها مثل الإرث والطلاق. وعن المحاذير التي يمنع الاقتراب منها دراميّا قال: هناك الكثير من المواضيع الشائكة وخاصة على مستوى الخليج لا يمكن التطرق إليها بسبب وجود محاذير ومع الأسف هناك مناطق يعود تاريخها لـ 500 عام، لكن تم تحديد عقود فقط، ويمنع مناقشة الحقبة التاريخية السابقة، وهناك شخصيات معينة لها تأثير تاريخي على الحياة منذ سنوات طويلة ولا يمكن التطرق لها اليوم. ويضيف: عدم إدراك أهمية الدراما في حياة الإنسان عائق كبير، وهناك خطوط حمراء ونوع من التحفظ تواجه الدراما. وعما إذا كان من واجب الدراما أن تلامس الواقع بأحداثه وتغيراته قال: عندما لا تحاكي الدراما الواقع وتلامس مشاعر الناس وعواطفهم فهي فاشلة بكل تأكيد، لأن الفن رسالة إنسانية وليست جغرافية.