في أعقاب انتخابات التجديد النصفي، تركز الاهتمام، كما هو مفهوم، على تلك الولايات الواقعة في الجنوب والغرب الأوسط الأميركي التي سقط فيها تحالف أوباما، لتقصي الأسباب التي أدت لذلك. لكن، وكما يتوقع المراقبون، هناك موجة جديدة من المتاعب للرئيس وحزبه تحديداً في تلك الولايات التي لم تصل إليها الموجة الأولى بالكاد. فبعد أن واجهوا تمرداً لأميركا الحمراء، يجب على الديمقراطيين الآن التعامل مع الأزمة المالية لأميركا الزرقاء. ورغم أن العجوزات الضخمة في ميزانيات الولايات لا تقتصر فحسب على تلك الولايات ذات الأغلبية الديمقراطية، فإنها تتركز فيها. وكما يقول "جون هود"، من"جون لوكه فاونديشن"، فإن "الأزمة المالية تغازل الإفلاس في كاليفورنيا ونيويورك على وجه التحديد". الأسباب التي قُدمت لتفسير ذلك تشمل ارتفاع تكاليف المساعدات الطبية، وتزايد مستويات الإنفاق على التعليم، والتحدي الطويل الأمد لتمويل المعاشات العامة. وفي الوقت نفسه، وكما يقول "هود"، فإن جميع الموارد الرئيسية للإيرادات كانت أقل من أن تكفي لتوفير المطلوب، وكانت الولايات التي تعرضت لذلك أكثر من غيرها هي ولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك اللتان كانتا تتبعان سياسات ميزانية غير مسؤولة في الفترة التي بدأتا فيها دخول مرحلة الكساد. أما الولايات التي كانت تطبق سياسات مالية مسؤولة خلال أوقات اليسر الاقتصادي، مثل إنديانا، فقد تمكنت من الرسو على بر الأمان عندما بدأت الأزمة تضرب أطنابها. وهناك شيئان ساعدا على تأخير حدوث الأزمة السياسية في العديد من الولايات، هما: حزمة التحفيز التي قدمها أوباما عام 2009، والتي ساعدت مؤقتاً على الأقل في سد الفجوات في ميزانيات الولايات المختلفة. والشيء الثاني هو اللجوء إلى اتباع تشكيلة من الحيل والتدابير المالية في الميزانية. فالذي فعلته ولاية مثل إلينوي على سبيل المثال هو أنها أخرت دفع رواتب الأطباء الذين يقدمون خدمات المساعدة الطبية (ميديك آيد) تاركة فواتير علاجية غير مدفوعة قدرت قيمتها بستة مليارات دولار قامت بتغطيتها في النهاية من خلال إصدار سندات حكومية. والآن جاءت ساعة الحساب. فالدعم الذي وفرته حزمة التحفيز لميزانية الولايات المختلفة، بدأ ينفد والحيل المحاسبية لا تنجح عادة سوى مرة واحدة، ومعظم الولايات انقلبت بشدة على الزيادات الضريبية التي كان يمكن أن تساعد على تضييق الفجوة. فبعد الهلع الاقتصادي الذي ساد في عام 2008، قام عدد من الولايات برفع الضرائب كإجراء طارئ. لكن مع قيام الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي باختيار أكبر عدد إجمالي من المشرعين في الولايات المختلفة، منذ 1982، فإن ما سينتج عن ذلك أن الجميع بمن فيهم الديمقراطيون أيضاً، سوف يفكرون مرتين قبل أن يقترحوا أي زيادات في الضرائب. في الوقت الراهن تضيق الخيارات على نحو دراماتيكي أمام حكام الولايات مما لا يترك أمامهم وسيلة سوى إجراء خفوضات حادة في الإنفاق على البرامج الشعبية وفي المساعدات المقدمة لحكومات الولايات المختلفة. ومن المتوقع على ضوء ذلك أن نشهد المزيد من حالات العجز عن السداد من قبل البلديات المختلفة نتيجة لعدم رغبة الولايات المختلفة أو عدم قدرتها على إنقاذ مدنها العاجزة. ورغم أنه يبقى من غير المرجح أن تتعرض الولايات نفسها لحالات العجز عن سداد الديون، فإن العديد من حكام الولايات سحبوا وعودهم السابقة بمنح منافع للموظفين الحكوميين، وهو ما يعتبر في نظر "جوش بارو"، من معهد مانهاتن، "عجزاً مقنّعاً عن السداد". لكن ما هي التداعيات السياسية لأزمة الميزانية في الولايات الزرقاء؟ في واشنطن، تشمل هذه التداعيات قيام نزاع بين حكام تلك الولايات اليائسين، وبين مجلس النواب الجديد الذي يسيطر عليه الجمهوريون. فالولايات سوف تطلب مساعدات من الحكومة الفيدرالية وتضغط على ممثليها في الكونجرس من أجل دعم تلك المطالب، لكن مع ذلك ليس ثمة سوى احتمال ضئيل لقيام المحافظين بإضافة حزمة إنقاذ جديدة للحزم السابقة. وأي حوافز اقتصادية إضافية سوف تكون -على الأرجح- في صورة إعفاءات ضريبية. مايكل جيرسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»