أمل المهيري - أيمن جمعة: اختتمت أمس فعاليات المؤتمر السنوي الثاني عشر للطاقة ''الصين والهند والولايات المتحدة الأميركية·· التنافس على موارد الطاقة'' الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية على مدى ثلاثة أيام، برعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية· واستعرضت عايدة عبدالله الأزدي نائبة المدير العام لشؤون خدمة المجتمع في المركز، عدداً من النقاط والقضايا الحيوية التي تناولها المؤتمر، وآثارها سواء بالطرح أو المناقشة، وقالت: بات في حكم المؤكد ازدياد الطلب العالمي على موارد الطاقة خلال السنوات القادمة، وهو ما يستدعي السعي الجاد إلى إيجاد الآليات التي من شأنها تحويل هذه الزيادة إلى واقع يتم التعامل معه بصورة بعيدة عن الصدمات الفجائية التي تنعكس بصورة سلبية على الاقتصاد العالمي، ويتضمن هذا الأمر كذلك السعي إلى خلق علاقة واضحة بين العرض والطلب بعيداً عن التعميم المتسرع لهذه العلاقة، وفي هذا المجال من المهم معرفة الدول والمناطق التي سوف يزداد الطلب فيها على موارد الطاقة، ونسب هذه الزيادة؛ ليتم التعامل مع ذلك من أجل تحقيق أمن الطلب· وأوضحت أن الاقتصاد العالمي تطور بصورة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، مما أدى بكثير من الاقتصادات المحلية إلى مضاعفة الطلب على موارد الطاقة، ومما عزز هذا الأمر تحول العديد من الاقتصادات الكبرى من دول منتجة للموارد الطبيعية في مجال الطاقة إلى مستهلكين، فأوجد الشكوك التي زادت من الاضطراب، وأدى بالتالي إلى حالة من عدم اليقين، انعكست بصورة واضحة في زيادة الأسعار، لسعي كل طرف من الأطراف للاستئثار بأكبر قدر ممكن من موارد الطاقة، التي تحتاجها متطلبات التنمية، والمهم أن يدرك المستهلكون أن موارد الطاقة - كما أكدت إحدى المشاركات - موجودة وتكفي الجميع، ولكن المهم هو كيفية الحصول عليها ووسائل ذلك· وأشارت الأزدي إلى أن ازدياد الطلب على موارد الطاقة يتطلب بكل وضوح بناء علاقة استراتيجية مدروسة الأبعاد بين المنتجين والمستهلكين، علاقة مبنية على التعاون القائم على الثقة المتبادلة التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح الطرفين دون غبن، لأنهما طرفان لمعادلة لا تتم مصلحة أحدهما على حساب الآخر، ولذا لابد من إيجاد آلية واضحة في هذا الشأن من أجل تبديد الشكوك التي تكتنف أسواق الطاقة، وضمان أمن الطاقة القائم على الثقة في المقام الأول· كما يشكل الخليج العربي أحد أركان مصادر موارد الطاقة في العالم، وهذا يدفعه إلى إيجاد علاقة مع الدول المستهلكة الكبرى، والسبب في ذلك أن الخليج العربي سيبقى خلال الفترة المستقبلية القادمة أكبر مصدر للموارد الطبيعية المتعلقة بالطاقة في العالم، وهو ما تؤكده الاحتياطات المؤكدة الكبرى، ولذا فعلى الدول المستهلكة الكبرى السعي إلى ضمان أمن الطاقة من خلال النأي بالمنطقة عن التوترات السياسية أو العسكرية، لأن ذلك سوف ينعكس بصورة سلبية على اقتصادات الدول المستهلكة بصورة خاصة والاقتصاد العالمي بصورة عامة· وأكدت تزايد أهمية توسيع صناعات النفط والغاز في دول منطقة الخليج العربي، سواء ما يتعلق بزيادة رؤوس الأموال الموظفة في ميدان الإنتاج، أو في وجود التقنية التي تزيد من الإنتاج وتقلل من التكاليف، الأمر الذي ينعكس على الأسعار في نهاية الأمر، وهذا لا يخدم مصلحة الدول المنتجة فحسب، بل أن انعكاسه سيكون واضحاً في الاقتصاد العالمي بصورة عامة· كما تشكل آسيا أبرز ميادين استهلاك الطاقة في المرحلة المقبلة، لأسباب متعددة أبرزها التنمية الاقتصادية المتطورة، وعدد السكان المتنامي وازدياد حركة الشحن لوجود العديد من مصانع الشركات المتعددة الجنسيات فيها، بسبب قلة الأجور، وهذا يعني أن آسيا ستكون ذات دور مهم في العلاقة مع منطقة الخليج العربي في المستقبل، لأنه سيكون كما يرى أحد المشاركين المصدر الأساسي لموارد الطاقة، ولكن هذا لا يعني أن آسيا ستكون ذات سياسة موحدة في هذا المجال، وبالتالي سينعكس التنوع الآسيوي بصورة مغايرة عما هو الوضع في الغرب؛ بسبب تنوع الاقتصادات وتباين التنمية الاقتصادية· وأوضحت الأزدي أن ازدياد التنمية في البلدان الكبرى المستهلكة لموارد الطاقة والتي تتمثل بصورة أساسية في الصين والهند والولايات المتحدة الأميركية قد أدى إلى زيادة التنافس فيما بينها للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من هذه الموارد، وذلك لتلبية الحاجات المتزايدة للتطور الصناعي المتنامي في هذه الدول، خاصة بعد تحول الصين من الإنتاج إلى الاستهلاك والزيادة المستمرة في استهلاك الطاقة بصورة سنوية ثابتة· ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى استمرار هذا التنافس في المستقبل؛ الأمر الذي سيؤثر في استقرار الأسعار وأمن الطلب، ويشكل ضغطاً على الدول المنتجة التي ستسعى إلى تلبية هذا الطلب المتنامي· وقالت نائبة المدير العام لشؤون خدمة المجتمع، إن المؤتمر حاول أن يعرض وجهات نظر لا تتسم فقط بالارتكاز على الأسس الأكاديمية والبحثية فقط، بل ترك مساحة واسعة لطرح وجهات النظر من قبل مسؤولين تنفيذيين في الدول الثلاث الصين والهند والولايات المتحدة الأميركية إلى جانب الأطروحات القيمة التي قدمها مسؤولون تنفيذيون وباحثون وأكاديميون من مختلف أنحاء العالم، وهذا ما يجعل من هذا المؤتمر نقطة جديرة بالمتابعة، فيما يتعلق بالتعرف على واقع الاحتياجات في الدول المعنية ومطابقتها مع الدراسات الأكاديمية التي تستقرئ الواقع، وتحاول الخروج بنوع من التكهنات، بما سوف يحدث في هذا القطاع المهم من الاقتصاد العالمي·