تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر 2006 باليوم الوطني الخامس والثلاثين· وقد ترسخت المسيرة الاتحادية خلال السنوات الماضية وعم خيرها أرجاء البلاد وحققت إنجازات تنموية شملت مختلف نواحي الحياة· وتبوأت دولة الإمارات بما انتهجته من سياسات حكيمة متوازنة على الصعيد الخارجي وبما أنجزته من نهضة وتقدم على الصعيد الوطني مكانة مرموقة بين الدول والأمم· وقد أشاد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في كلمته في الأول من ديسمبر 2005 بجهود مؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والذين رحلوا من بناة الاتحاد ''طيب الله ثراهم'' الذين أسهموا بوضع لبنات هذا البناء الراسخ· وقال سموه:'' إن هذا الاتحاد الذي نعيشه اليوم واقع حضاري وسياسي واجتماعي واقتصادي ما كان هبة أو منحة وما كان مناله سهلاً يسيراً، لقد جاء ثمرة غرس طيب لآباء مؤسسين حملوا الفكرة في القلوب أملاً وتدبروها جهداً ورعاية حتى صارت واقعاً حياً معاشاً، أسهموا بتفان في ترسيخ دعائم هذه الدولة وأرسوا نظاماً يستند إلى حكم القانون وسيادته، وأنشأوا منظومة حكومية اتحادية قادرة على التطور ومواكبة متطلبات العصر ومقتضياته· التنمية المستدامة وأضاف سموه:'' إن تمتين مسيرتنا الاتحادية وزيادة تماسكنا الوطني والاستمرار في نهج التنمية المستدامة يتطلب تعزيز التعاون الخلاق القائم حالياً بين أجهزة السلطتين الاتحادية والمحلية نحو مزيد من التنسيق المثمر بما يحقق الصالح العام، في إطار من الثقة المتبادلة والتعاون الوثيق· كما يتطلب من كل المؤسسات الاتحادية القيام بالدور الوطني المناط بها في التصدي للتحديات ومواجهة المشكلات والهموم الوطنية الملحة بكل المسؤولية والشفافية· انتخابات المجلس الوطني وأعلن صاحب السمو رئيس الدولة، في خطابه التاريخي المهم في ذكرى العيد الوطني الرابع والثلاثين، وهو الخطاب الذي أجمع المجلس الأعلى للاتحاد ومجلس الوزراء على اعتباره خطة وطنية شاملة ووثيقة عمل للمرحلة المقبلة·'' إن المرحلة المقبلة من مسيرتنا، وما تشهده المنطقة من تحولات وإصلاحات تتطلب تفعيلاً لدور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للمؤسسة التنفيذية وسنعمل على أن يكون مجلساً أكبر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطنين تترسخ من خلاله قيم المشاركة الحقة ونهج الشورى من خلال مسار متدرج منتظم· ''وأعلن سموه:'' قررنا بدء تفعيل دور المجلس الوطني عبر انتخاب نصف أعضائه من خلال مجالس لكل إمارة وتعيين النصف الآخر بادئين مسيرة تكلل بمزيد من المشاركة والتفاعل من أبناء الوطن'' وأكد صاحب السمو رئيس الدولة ''إن هذه الخطوة ستتبعها، إن شاء الله، خطوات عديدة نحو مزيد من الإصلاح وتعزيز مشاركة المواطنين في العمل الوطني العام بهدف ضمان تعزيز واستكمال مسيرة التنمية المتوازنة والشاملة التي حققتها دولة الإمارات على مدى العقود الماضية وتكلل بإجراء انتخابات مباشرة· وقال سموه: '' إننا سنتقدم إلى المجلس الوطني الاتحادي في دورته القادمة باقتراح إجراء تعديلات على دستور دولة الإمارات العربية المتحدة تستهدف تفعيل دور المجلس وتعزيز صلاحياته لمواكبة متطلبات المرحلة القادمة وكذلك زيادة عدد أعضائه بما يتناسب وزيادة عدد مواطني الدولة، كما أننا سنقترح زيادة فترة عمل المجلس القادمة على أن يتولى المجلس اتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة للتحضير لإجراء انتخابات مباشرة· ''وأكد صاحب السمو رئيس الدولة أنه يتطلع إلى مزيد من الخطوات الإصلاحية على الصعيد الوطني في مختلف المجالات وعلى كافة مستويات السلطة· تعزيز الأداء الحكومي وقد أقرت الحكومة الجديدة، التي تم تشكيلها في 9 فبراير 2006 برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، استراتيجية شاملة للعمل التنفيذي في المرحلة المقبلة، في خطوة تستهدف وضع السياسات والآليات الكفيلة بتعزيز الأداء الحكومي والارتقاء به إلى المستويات العالمية· وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: إن هذه الاستراتيجية تأتي ضمن ثورة التحديث الحضاري الشامل التي نتوق ونعمل من أجل تنفيذها وإنجاحها في مختلف القطاعات الحكومية لتحسين وتفعيل أدائها ورفع مستوى الكوادر البشرية بما يتناسب ومتطلبات الحياة العصرية التي يعيشها مجتمعنا بكل مفرداتها في ظل برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية وغيرها التي تنفذ في مختلف مناطق الدولة· التطور والازدهار وحققت دولة الإمارات العربية المتحدة الازدهار الاقتصادي والاجتماعي للوطن والمواطنين· وتبوأت المركز الثاني عربياً، والمركز الحادي والأربعين دولياً، في دليل التنمية البشرية الدولي للعام 2005 الذي تصدره الأمم المتحدة، وذلك مقارنة بالمركز الرابع عربياً، والتاسع والأربعين عالمياً في العام ·2004 الثروة البشرية وأولت الدولة، انطلاقاً من قناعتها وإيمانها بأن الإنسان هو الثروة الحقيقية، اهتماماً كبيراً بتنمية الموارد البشرية، وتوفير الرعاية الاجتماعية الكاملة لكافة فئات المجتمع، مع إعطاء اهتمام خاص للشباب والفئات الضعيفة بما فيها المعوقين والمسنين· الأهداف التنموية للألفية وأكد تقرير الأهداف التنموية للألفية الذي تعده وزارة الاقتصاد بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن دولة الإمارات نجحت في تحقيق الكثير من الأهداف المطلوبة، خصوصاً في مجالات التعليم والصحة قبل الموعد المحدد في العام 2015 وأصبحت في مقام الدول المتقدمة· وأوضح التقرير الذي أصدرته وزارة الاقتصاد في شهر نوفمبر الحالي عن التطورات الاقتصادية والاجتماعية، أن الناتج المحلي الإجمالي للدولة ارتفع العام الماضي بنسبة 26,3 بالمائة بالأسعار الجارية ليصل إلى نحو 485 مليار درهم مقابل 384 مليار درهم عام 2004 وأشار التقرير إلى الارتفاع المستمر في الناتج المحلي للقطاعات غير النفطية الذي بلغ العام الماضي نحو 312 مليار درهم مقابل نحو 263 مليار درهم عام 2004 مما يعكس نجاح سياسة الدولة في تأسيس اقتصاد متنوع الموارد وراسخ له مقومات الاستمرارية، حيث أصبحت نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي حوالي 64,3 بالمائة· وقد زاد معدل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير ليصل إلى 112 ألف درهم في العام 2005 بنسبة زيادة 27,7 بالمائة · السياسة النفطية تسهم دولة الإمارات بفعالية من خلال عضويتها في منظمة الأقطار المصدرة للبترول ''أوبك'' في استقرار أسعار النفط، ومعالجة أي خلل في عملية التوازن بين العرض والطلب في سوق النفط العالمية، وتحرص على تأمين الإمدادات النفطية إلى الدول المستهلكة بأسعار عادلة ترضي الطرفين· الصناعة وحقق القطاع الصناعي في دولة الإمارات طفرات كبيرة تمثلت في زيادة عدد المنشآت الصناعية واستثماراتها في مختلف إمارات الدولة، ودخول الدولة في مشاريع صناعية كبرى مشتركة مع العديد من المؤسسات العالمية وإقامة مناطق صناعية ضخمة لجذب الاستثمارات في القطاع الصناعي الأمر الذي ساهم في لعب دور محوري لهذا القطاع في تنفيذ الإستراتيجيات التي اعتمدتها الدولة لتطوير القاعدة الاقتصادية والإنتاجية وتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل القومي· السياحة ورصدت دولة الإمارات العربية المتحدة المليارات من الدراهم لاستثمارها خلال السنوات العشر المقبلة لتطوير صناعة السياحة بها، وذلك بعد النجاحات المضطردة التي حققتها في جذب شركات السياحة العالمية، والسياح من مختلف قارات العالم، مما وضعها في مقدمة الوجهات والمقاصد السياحية العالمية· وتتمتع دولة الإمارات بكل المقومات التي تكفل نجاح الصناعة السياحية فيها، وفي مقدمتها الأمن والاستقرار، والموقع الجغرافي الذي يربط بين مختلف قارات العالم، والطقس المتميز طوال أكثر من ستة أشهر في العام· كما تمثل الشواطئ الرملية الذهبية النظيفة الممتدة لمسافة 700 كيلومتر، والخدمات المتميزة لنحو 450 فندقاً، عدا الشقق الفندقية في مختلف أنحاء الدولة · الاتصالات وشهد قطاع الاتصالات تطورات مهمة على صعيد إعادة تنظيم هذا القطاع، بعد أن ألغت الدولة الاختصاص الحصري الذي كان ممنوحاً لمؤسسة الإمارات للاتصالات ''اتصالات'' منذ إنشائها في العام· 1976 وأعلنت اللجنة العليا، التي تم تشكيلها للإشراف على قطاع الاتصالات في الدولة عزمها على تحرير قطاع الاتصالات بحلول العام 2015 وذلك في إطار سعي الحكومة لجعل سوق الاتصالات متوافقاً مع التزامات الدولة على الصعيدين الإقليمي والدولي· الكهرباء والماء وعملت دولة الإمارات على توفير الاحتياجات المتنامية للسكان في مجال توليد الطاقة وإنتاج المياه، خصوصاً في المدن والمناطق السكنية الجديدة، وكذلك لمواكبة التقدم الاقتصادي والعمراني والصناعي والاجتماعي الذي تشهده البلاد· ووصلت القدرة الإنتاجية للهيئة الاتحادية للكهرباء والماء في العام 2006 إلى 1362 ميجاوات، والمياه 48,14 مليون جالون من المياه يوميا· وارتفع حجم الاستثمارات المالية التي تمكنت هيئة مياه وكهرباء أبوظبي من جذبها، منذ تأسيسها في العام 1998 وانطلاق برنامجها لخصخصة قطاع الكهرباء والماء، إلى 40 مليار درهم· بناء الإنسان وأولت المسيرة الاتحادية أولوية مطلقة لبناء الإنسان· وأكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، في كلمته في العيد الوطني الرابع والثلاثين، أن الإنسان هو هدف التنمية وغايتها، وأن العمل سيستمر بالنهوض بالموارد البشرية وتطوير قدراتها العلمية ومهاراتها وخبراتها الفنية والتقنية من خلال توفير وتطوير بنية تعليمية تستجيب لاحتياجات التنمية الشاملة في مختلف جوانبها· مكاسب للمرأة وحققت المرأة مكاسب وطنية جديدة، غير مسبوقة على صعيد المنطقة، بتمثيلها في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وشغلها لمقعدين في مجلس الوزراء، بالإضافة إلى تمثيلها بنحو 1200 شخصية نسائية في الهيئة الانتخابية لانتخاب 20 عضواً في المجلس الوطني الاتحادي من بين أعضاء الهيئة الذين يصل عددهم إلى أكثر من 6 آلاف عضو، مما أتاح أمامها فرصة الترشيح لعضوية المجلس الوطني الاتحادي·وكانت المرأة قد حققت، على مدى العقود الثلاثة الماضية، بمناصرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيب الله ثراه'' العديد من المكاسب والمنجزات· البيئة وقد خصصت دولة الإمارات، نتيجة للأولوية التي تعطيها لقضايا البيئة وحرصها على تعزيز تعاونها وتنسيقها في هذا المجال مع الدول والمؤسسات الإقليمية والدولية، وزارة خاصة تعنى بقضايا البيئة والمياه وانضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جميع الاتفاقيات الإقليمية والدولية التي تعنى بقضايا البيئة وتعزيز التنمية المستدامة· وتمثل تجربة دولة الإمارات، في قهر الصحراء وزراعة الغابات ونشر الخضرة وتحويل الصحاري إلى أرض زراعية خصبة، تجربة رائدة يحتذى بها في حماية البيئة على الصعيد العالمي، رغم قلة مصادر المياه وشح الأمطار· وقد ارتفع عدد أشجار النخيل بنهاية العام 2002 إلى نحو 41 مليون شجرة تنتج أجود أنواع التمور، على مساحة نحو مليون و854 ألف دونم· السياسة الخارجية وارتكز نهج السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، منذ قيام اتحادها، على قواعد ثابتة ومبادئ وأسس واضحة في إطار التزامها بانتمائها الخليجي والعربي والإسلامي، وحرصها على توسيع دوائر صداقتها مع العالم، والتزامها بميثاق الأمم المتحدة واحترامها للمواثيق والقوانين الدولية· كما تقوم ثوابت هذه السياسة على الاعتدال والتوازن والحوار والمصارحة، والحرص على حسن الجوار وإقامة علاقات مع جميع الدول على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، والجنوح إلى حل النزاعات بالحوار والطرق السلمية، والوقوف إلى جانب الحق والعدل والإسهام الفعال في دعم الاستقرار والسلم الدوليين· وعملت دولة الإمارات العربية المتحدة، على الصعيد الخليجي، انطلاقاً من إيمانها بوحدة الهدف والمصير بين دول الخليج العربية، على تعزيز العمل الخليجي المشترك، وأسهمت مع شقيقاتها، منذ إعلان ميلاد مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أبوظبي في الخامس والعشرين من مايو 1981 في تعميق روابط التعاون والتآزر بين دوله وشعوبه· واتبعت دولة الإمارات العربية المتحدة، ولا تزال، نهجاً سلمياً ودبلوماسياً مرناً لإنهاء احتلال جمهورية إيران الإسلامية للجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى بالوسائل السلمية عن طريق المفاوضات الجادة والمباشرة، أو إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية· وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، في خطاب الإمارات أمام الأمم المتحدة، في 20 سبتمبر 2006 في نيويورك، '' أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعمل مع أشقائها بمجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية والمجموعات الأخرى على مساندة كل المساعي والجهود الدبلوماسية الممكنة من أجل احتواء بؤر التوتر والصراعات في منطقة الشرق الأوسط بما فيها الخليج العربي ودعا سموه إيران إلى الاستجابة لمبادرات دولة الإمارات للتوصل إلى تسوية سلمية لقضية احتلالها للجزر الثالث· مساندة الأشقاء ووقفت دولة الإمارات إلى جانب لبنان وشعبه في محنته التي مر بها بعد العدوان الإسرائيلي على أرضه وشعبه· وواصلت دولة الإمارات العربية المتحدة دعمها السياسي والإنساني للقضية الفلسطينية ومساندة نضال الشعب الفلسطيني في مواجهة الممارسات القمعية لقوات الاحتلال الإسرائيلي، حتى يتمكن من استعادة حقوقه الوطنية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف· وتضامنت دولة الإمارات العربية المتحدة مع شعب العراق وساندته في المحن التي مر بها قبل الحرب وأثنائها وبعدها، ودعمت جهود قادته وأبنائه في إعادة بناء دولتهم واسترداد سيطرتهم على وطنهم ومقدراته وشؤونه كافة· قمة الخرطوم ورأس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وفد دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مؤتمر القمة العربي العادي الثامن عشر الذي عقد في الخرطوم يومي 28 و29 مارس· وحرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على توسيع دائرة علاقاتها مع المجتمع الدولي، انطلاقاً من نهج سياستها الخارجية التي ترمي إلى مد جسور الصداقة والتعاون مع مختلف دول العالم· (وام)