ربما تتوقف احتمالات نجاح حملة يشنها حلف شمال الأطلسي على آخر معاقل طالبان الكبيرة في إقليم هلمند بأفغانستان على ضمان الا يتكرر ما حدث من دمار في عملية الفلوجة بالعراق عام 2004. وضخم القادة الأميركيون من شأن التوقعات بأن العملية قد تساعد على تحقيق الاستقرار لأفغانستان المضطربة مثلما فعلوا قبل أن تسحق الطائرات المقاتلة والدبابات الفلوجة بدعوى حماية العراقيين من الإرهاب. وقد تكون معاناة المدنيين المسألة الحاسمة بالنسبة لحلف الأطلسي الذي يطلق خلال الأيام القليلة القادمة واحدة من كبرى الحملات خلال الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات للسيطرة على مرجة في هلمند. وبعثت المنشورات التحذيرية وأصوات الطائرات الأميركية المقاتلة والمدفعية قبل حملة الفلوجة رسالة لا لبس فيها للمدنيين العراقيين بأن يرحلوا. وفي هذه المرة قررت قوات حلف الأطلسي أن تنصح المدنيين الأفغان في مرجة بعدم ترك منازلهم على الرغم من أنها تقول إنها لا تعلم ما إذا كان الهجوم سيؤدي إلى قتال عنيف مما يزيد احتمالات المخاطر. وقال مارك سيدويل الممثل المدني لحلف الأطلسي مؤخراً “الرسالة لسكان المنطقة بالطبع هي احتموا وابقوا في الداخل طوال استمرار العملية”. والتزم معظم السكان الذين يصل عددهم الى 100 الف أماكنهم وهو ما يمكن أن يعد تعبيراً عن الثقة في قوات حلف الأطلسي التي تقودها أميركا. وبخلاف العمليات السابقة في أفغانستان أحيطت الحملة على مرجة بدعاية طوال أشهر. ويقول قادة إنهم يأملون أن يقنع هذا الكثير من المقاتلين بإلقاء سلاحهم أو الفرار ما سيقلل عدد القتلى. غير أن المدنيين الذين غادروا المنطقة يتحدثون عن أن المقاتلين يتحصنون في مراكزهم ويستعدون. وكما أظهرت حملة الفلوجة بالعراق لا يحتاج الأمر إلى عدد كبير من المتشددين لإثارة رد انتقامي عسكري أميركي هائل. فقد انتشرت حينها تقارير على نطاق واسع بأن معظم مقاتلي القاعدة الأجانب الخطرين فروا قبل المعركة وبقي العراقيون. ولا يحتاج الأمر أكثر من وقوف مقاوم على سطح منزل وإطلاق النيران على قوات الأطلسي للتسبب في وابل من النيران من النوعية التي دمرت معظم أنحاء الفلوجة وهو ما أدى لانتشار مشاعر معادية لأميركا وازدراء للحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة. وخلال واقعة من وقائع عديدة رصد رجل يحمل بندقية ايه.كيه-47 على سطح مبنى. وأبدى أفراد مشاة البحرية الأميركية قلقاً كبيراً وفي نهاية المطاف أطلقوا صاروخاً كبيراً مضاداً للدبابات على المبنى بعد أن داهموا المنزل المجاور بطريق الخطأ. وربما وفر نقص عنصر المفاجأة لطالبان وقتاً كثيراً لتفخيخ المنازل والسيارات في مرجة. وكثيراً ما ذهل القادة الأميركيون في الفلوجة بعد معارك عنيفة. فبينما كانوا يقودون الدبابات المرعبة عالية التقنية عبر الشوارع كان المقاومون يظهرون لهم من حيث لا يدرون ويقفون ويوجهون صوبهم بنادقهم الآلية وهم يعلمون أنهم ليست لديهم أي فرصة للإفلات. وقد تتحدى نفس النوعية من المقاتلين الأشداء قوات الأطلسي في مرجة. في نهاية المطاف حققت حملة الفلوجة بعض الأهداف. وتمت استعادة المدينة وقتل المتشددون. لكنها لم تساعد حقاً في تحقيق الاستقرار للعراق. وأعقبتها جرائم قتل طائفي جماعية ولم تهدأ أعمال العنف لسنوات.