فوق سماء البر الغربي لمدينة «الأقصر» في أقصى صعيد مصر، حيث يرقد داخل مقابرها الملكية الفاخرة، ملوك وملكات مصر الفرعونية، تشهد المنطقة الآن ممارسة فريدة لنوع جديد من السياحة بات يعرف بـ«سياحة المغامرات» في عاصمة مصر القديمة «طيبة»، توفرها مناطيد تطير في سماء المدينة موفرة إطلالة خلابة على تاريخ المنطقة. المكان الوحيد يتوقف نشاط المنطاد الطائر على أحوال الطقس واتجاهات الريح، لذلك لا يتوافر هذا النشاط في العالم كله إلا في أماكن محددة منها لندن وإسبانيا وتركيا وكينيا ومصر وهذه المناطق لا تسمح بالطيران إلا فترات قصيرة خلال السنة ولكن الأمر يختلف تماما في مصر؛ فهي المكان الوحيد في العالم الذي يصلح لمزاولة هذا النشاط طول العام وبالذات في مدينة الأقصر، وقد اكتسبت الأقصر شهرة عالمية بممارسة المنطاد الطائر على مدار العام، لصحة جوها وأيضا لتصنيفها ضمن أشهر المدن الأثرية في العالم. وتقوم فكرة طيران المنطاد على مبدأ علمي هو أن الهواء الساخن أخف وزنا من الهواء البارد. ولذلك يتم ملء الغلاف الداخلي للمنطاد بالهواء الساخن ليبدأ المنطاد في الارتفاع في السماء، ويستقر عند ارتفاع ألفي قدم لتبدأ رحلته في التحرك، وعند الانتهاء من الرحلة فإن نظام الهبوط يعتمد على فتح خزان الهواء وسحب الهواء الساخن حتى تتمكن من الهبوط بسلام. وركوب المنطاد الطائر، هو واحد من أهم أنشطة المغامرات في مصر الآن، وقد تم تصنيف مصر في المرتبة التاسعة عالميا في سياحة المغامرات، وفي المرتبة السابعة عالميا في استخدام المنطاد الطائر الذي ينتشر الآن في سماء 14 دولة. موعد الانطلاق الرحلة الأسطورية لابد أن تبدأ قبل بزوغ الشمس، وفوق أرض البر الغربي حيث يكون اللقاء الموعود ويتوافد مئات من عاشقي هذه المغامرة. ولابد أن تبدأ الرحلة قبل شروق الشمس حتى يشهد ركاب المنطادات لحظات الشروق وهم في السماء، ويراقبون انتشار الضوء فوق البر الغربي بكل باب من كنوز وآثار المنطقة، وتضع تلك اللحظات صورة رائعة يسجلها العاشقون، حيث يظهر على مرمى البصر البر الغربي بأكمله وادي الملوك، الذي يضم 63 مقبرة ملكية تم اكتشافها حتى الآن لملوك مصر. وتحمل الرياح المناطيد بركابها المسحورين بجمال المناظر إلى حيث ترقد ملكات مصر في وادي الملكات، الذي يضم 100 مقبرة ملكية لملكات مصر، ثم ينعطف المنطاد في سماء الأقصر حيث يشاهد الجميع من فوق السحاب واحداً من أعظم معابد مصر القديمة، وهو معبد الملكة حتشبسوت، الذي حفر في قلب الجبل. وخلال رحلة المنطاد فوق البر الغربي للأقصر، يفاجأ ركاب المنطاد بتمثالي «ممنون» يقفان حارسين في شموخ ومهابه وخلفهما بقايا معبد الملك العاشق «أمنحتب الثالث»، الذي تقع خلف التمثاليين وتحطم جزء منه خلال زلزال عنيف عام 27 ق. م. ويصغى الركاب إلى صوت قائد المنطاد شارحا في هذا المكان تفاصيل قصة حب عنيفة بين الملك أمنحتب الثالث وزوجته الرائعة الجمال الملكة «تي»، التي حفر لها في هذا الموضع بحيرة كانت مخصصة فقط لنزهة الملكة الجميلة فوق مركبها الملكي الساحر. معابد البر الغربي تمضي الرحلة في انسياب بديع بين السماء والأرض، تحركها نسمات الصباح، وإشراقة رائعة المنظر لشمس الأقصر الدافئة. وينطلق الركب شمالا وجنوبا حتى تغطي الرحلة الطيران فوق كل المعابد الجنائزية المنتشرة في البر الغربي بأكمله، ويسمعون في صمت وسكون لشرح قائد المنطاد لكل المواقع. وبمهارة فائقة يتمكن قائد المنطاد من الاقتراب إلى الأرض ليلتقط السائحون الصور للمعابد الفرعونية المنتشرة فوق البر الغربي. حيث يتمكن الجميع من رؤية معبد حتشبسوت، ثم يطير المنطاد فوق معبد الملك تحتمس الثالث، ثم معبد سيتي الأول. ويتحول المشهد إلى صورة أسطورية عندما يقترب المنطاد من المعبد الرائع «الرامسيوم» الخاص بالملك الفرعوني رمسيس الثاني. ويطير برفاق الرحلة الى مدينة «هابو» وقرية «دير المدينة». فوق وادي الملوك يقترب المنطاد من سطح الأرض حتى يرى السائح مداخل مقابر ملوك عظام يرقدون في مقابرهم المحفورة داخل الجبل العملاق. ويمثل المشهد مع شرح قائد المنطاد رهبة تلف الجميع في ذلك الصباح المشرق. هنا يرقد الملك الصغير «توت عنخ آمون» وهنا يرقد رمسيس الثالث ورمسيس الأول وحور محب. وملوك عظام حكموا مصر في سالف الزمن. ثم يتجه المنطاد إلى وادي الملكات. . «هنا ترقد الملكة «تي تي». وهذه مقبرة جميلة الجميلات الملكة نفرتاري التي أقامها زوجها الملك رمسيس الثاني، وهي واحدة من أجمل مقابر البر الغربي. وكانت هدية الملك العاشق إلى محبوبته التي خطفها الموت في عز الشباب». وعلى مرمى البصر يشهد الطائرون في سماء الأقصر نهر النيل الخالد ينساب بقوة ويبعث الحياة على شاطئيه. وعلى ركاب المنطاد مشاهدة مدينة الأقصر نفسها من فوق البر الغربي، حيث لا يسمح بالطيران فوق البر الشرقي والمدينة. ولكن يمكن لهم أن يشاهدوا عن بعد معبدي الكرنك والأقصر، وكيف تبدو عظمة هذين المعبدين من فوق السحاب. وتشهد الساعات الأولى من الفجر تكدس العاشقين للرحلة الأسطورية حيث يتجمع 35 بالونا عملاقا وتستغرق الرحلة الواحدة ساعتين في سماء البر الغربي. 20ألف صورة مؤخرا ظهر كتاب عالمي للمصور الإيطالي الشهير “مارسيللو”، الذي جال في بالون في سماء الأقصر وطاف أرجاء الرحلة الأسطورية مع شروق الشمس، وفي يده آلة تصويره، واستطاع أن يسجل 20 ألف صورة تفوق الخيال ضمنها في كتابة الساحر المصور وختم رحلته كاتبا “مصر هي جزء من روحي، وهذه الصور تعكس عشقي لهذا البلد العريق”.