أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية على أهمية تمديد الالتزام باتفاقية «بروتوكول كيوتو» لفترة ثانية. واصفاً سموه «آلية التنمية النظيفة» بأنها من أهم إنجازات الجهود الدولية للتصدي لتغير المناخ حتى الآن. وشدد سموه في كلمته أمام أكثر من 600 مشارك في المؤتمر السادس عشر للأطراف المشاركة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ « سي او بي 16» المنعقد حاليا بالمكسيك على ان العمل الدولي المشترك وحده كفيل بتحقيق الأهداف المنشودة على الصعيد العالمي والتصدي لانعكاسات تغير المناخ. وفيما يلي نص كلمة سموه في المؤتمر: أصحاب المعالي والسعادة السيدات والسادة أسعد الله أوقاتكم بكل خير .. بداية أود الإعراب عن سروري لمخاطبتكم اليوم في مشاركتي الأولى في «مؤتمر الأطراف» كما أتوجه بالشكر إلى حكومة المكسيك على حسن الضيافة والجهود الكبيرة التي بذلتها لتنظيم وإدارة هذا المؤتمر. عاما بعد عام يزداد وضوح النطاق الواسع للتحديات الكبيرة التي يمثلها تغير المناخ حيث تشير الدراسات العلمية الى تفاقم تأثير ذوبان الجليد وانحسار الأنهار الجليدية وارتفاع منسوب مياه البحار والتغير الشديد في أنماط الطقس .. وللأسف يزداد أيضا معدل انبعاثات غازات الدفيئة عاما بعد عام ..ولكن الصورة ليست قاتمة تماما حيث تأتي مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المؤتمر لتعكس قناعتنا الراسخة بأن المجتمع الدولي لا يزال يمتلك الفرصة والقدرة على مواجهة هذه التحديات. وتسعى دولة الإمارات إلى النهوض بمسؤولياتها في هذا المجال فقد شهدت السنوات القليلة الماضية مجموعة كبيرة من المبادرات. وعلى سبيل المثال نقوم بإنشاء محطات ضخمة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وذلك في إطار تحقيق هدفنا بإنتاج 7 بالمائة من احتياجاتها من الكهرباء من خلال الطاقة المتجددة كما نعمل على بناء محطات للطاقة النووية من المتوقع أن تسهم في تأمين ربع احتياجات الكهرباء في الدولة بحلول عام .2020 يضاف إلى ذلك أننا نسعى إلى اعتماد معايير جديدة لتحقيق كفاءة الطاقة وقمنا بتطوير مشروع كبير لالتقاط وتخزين الكربون ونعمل أيضا على بناء «مدينة مصدر» لتكون نموذجا رائدا للمجمعات الحضرية منخفضة الكربون ومركزا للعلوم والأبحاث والتطوير في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة. وتقوم دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا بتمويل العديد من مشاريع الطاقة النظيفة في الخارج حيث نستثمر في مجال الطاقة الشمسية في اسبانيا وفي طاقة الرياح في المملكة المتحدة إضافة إلى العديد من المشاريع الأخرى. كما تسهم دولة الإمارات بتقديم المساعدات والمنح وذلك لدعم المشاريع الهادفة إلى الحد من تأثيرات تغير المناخ وبناء القدرات للتصدي لتحديات الطاقة. كما نقدم الدعم الكامل للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» التي يقع مقرها في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات. وتعهدت الدولة بتقديم مبلغ 350 مليون دولار لدعم مشاريع الطاقة المتجددة في البلدان النامية فضلا عن مساعدة بلدان الجزر الصغيرة المهددة بارتفاع منسوب مياه البحار. ورغم المساعي الحثيثة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة للتصدي لانعكاسات تغير المناخ فإننا على قناعة بأن الجهود الفردية تبقى محدودة التأثير وأن العمل الدولي المشترك وحده كفيل بتحقيق الأهداف المنشودة على الصعيد العالمي ..كما ينبغي علينا أن نكون واقعيين بشأن ما يمكننا تحقيقه على المدى القريب مع المحافظة على تفاؤلنا وطموحنا بشأن ما يمكننا تحقيقه عبر تضافر جهودنا معاً. ان نجاح هذا المؤتمر يعني ضرورة التركيز على الأولويات حيث نرى أهمية كبرى في تمديد الالتزام باتفاقية «بروتوكول كيوتو» لفترة ثانية، وبصفتنا من الدول الملتزمة بأطر العمل الجماعي لا بد أننا متفقون على أهمية الحفاظ على المعاهدات القائمة. ان الاتفاق على فترة ثانية لبروتوكول كيوتو من شأنه تجديد التزامنا جميعا بالمعاهدات متعددة الأطراف فضلا عن المحافظة على الآليات المهمة مثل «آلية التنمية النظيفة» التي تعتبر من أهم إنجازات الجهود الدولية للتصدي لتغير المناخ حتى تاريخه. كما أننا بحاجة أيضا إلى اتخاذ قرارات قوية في إطار الاتفاقية المتعلقة بتغير المناخ لاسيما بالنسبة لآليات التمويل ونقل المعرفة والتكنولوجيا. لكننا أيضا بحاجة إلى رؤية شاملة وبعيدة المدى، وفي هذا الإطار تشرفني المشاركة في اللجنة المعنية بالاستدامة العالمية التي أسسها معالي بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة حيث جاء قبولي لهذا الدور تأكيدا على حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على ضرورة الوصول إلى رؤية شاملة للجهود العالمية وذلك استنادا لمبادىء القانون الدولي والمشاركة الواسعة للأطراف والتركيز على التنمية المستدامة. أصحاب المعالي والسعادة .. السيدات والسادة .. إننا في دولة الإمارات العربية المتحدة على ثقة تامة من إمكانية التوصل إلى اتفاق متعدد الأطراف لتحديات تغير المناخ. ورغم صعوبة حل جميع القضايا خلال مؤتمر كانكون إلا أن اجتماعنا هنا يشكل فرصة حقيقية لإرساء ركائز متينة للتعاون الدولي المستقبلي، وعلينا بذل كافة الجهود المتاحة لنكون أهلا لهذه المسؤولية الكبيرة تجاه أجيال المستقبل. إننا مدينون للأجيال القادمة بإيجاد حل شامل للتحديات المتعلقة بالتغير المناخي ونحن في دولة الامارات العربية المتحدة ملتزمون بأن نكون طرفاً فاعلاً للتوصل لهذا الحل» .