زيد الهاشمي، وجه إماراتي آخر مضيء يطل على الساحة الفنية بخطوات ثابتة، كشف من خلالها عن موهبة عميقة وقدرة على تجسيد أدوار محورية في أكثر من عمل مسرحي وتليفزيوني وسينمائي.. الفيلم الإماراتي القصير الذي يحمل عنوان (تشابك) كان آخر خطواته الفنية ومثل انطلاقة جديدة له في عالم الأداء التمثيلي، خاصة وأنه التجربة السينمائية الأولى له، وتشارك فيها عناصر من دول عديدة في المنطقة، فكان معبراً عن تجربة سينمائية خليجية جديدة ومميزة، أعطت زخماً للحالة السينمائية في الخليج في إرهاصاتها الأولى. يقول الهاشمي إن الفيلم من تأليف الكاتب البحريني القدير حمد الشهابي وإخراج المخرج السعودي هشام العبدي وقد شارك بالفيلم بجانب الهاشمي الممثل السعودي أحمد الحسن والممثلة الإماراتية حنان محمد وقام بإدارة الإنتاج فؤاد القطان وبإدارة التصوير والإضاءة يعقوب المرزوق وبالصوت علي العبدي وبالمونتاج ومساعد الإخراج علي الناصر. والفيلم تدور قصته حول رجل يفقد حبيبته وزوجته ويعيش معاناة نفسية صعبة حتى يجد الحل الذي يخرجه من أزمة هذا الفراق، ومن المقرر عرض الفيلم في العديد من مهرجانات الأفلام المقبلة في بعض الدول العربية. يوضح الهاشمي دوره في الفيلم قائلاً، إنه يجسد شخصية “حمدان” صديق “أحمد” بطل الفيلم الذي يقوم بدوره الممثل السعودي أحمد الحسن، ومن خلال هذه الصداقة يساعده في إيجاد حل لمشكلة أحمد في الفيلم وتتلخص في الأزمات النفسية التي يمر بها بعد وفاة زوجته، فتهاجمه الكوابيس في نومه، والتهيؤات في يقظته التي توحي إليه بأن زوجته لا زالت على قيد الحياة. فرادة وتميز وعبر أحداث الفيلم يتم طرح فكرة جديدة لمحاولة مساعدة أحمد على التغلب على آلامه، غير أنها تأتي بمفعول عكسي، وازداد تعلق البطل بأوهامه، إلى أن صار يتخيل زوجته وكأنها شخص ماثل أمامه يدخل معه في حوارات ومناقشات، وجسدت طيف الزوجة الفنانة حنان محمد، التي أضفت على الفيلم الكثير بما امتلكته من موهبة تمثيلية متميزة. وعندما يصل أحمد إلى هذه الحالة، والتي تترافق مع خاتمة الفيلم، يقوم “حمدان” بزيارة صديقه ويندهش لما آل إليه صديقه، يدور بينهما جدال حول التهيؤات والأوهام التي تفاقمت لديه، وتنتهي أحداث الفيلم مع استمرار الجدال بين “أحمد” و”حمدان”. ويترك المخرج للمشاهدين النهاية مفتوحة، وهو ما منح إثارة ومتعة لمتابعي الفيلم، فضلاً عن أنه فتح باباً للتأمل في حالات الإخلاص الشديد للزوجة والحبيبة في زمن قد شاب فيه هذه العلاقات الكثير من الضعف والفتور. وبين الهاشمي أن الفيلم جرى تصويره بين الكويت والسعودية والإمارات، وهو من الأفلام القليلة التي تم إنجازها بين أكثر من دولة خليجية، وهو ما يعطيه فرادة وتميزاً، حيث تولت إنتاجه شركة “أكتور” الإماراتية للإنتاج والتوزيع، وأسهم في إنتاجه فنانون من السعودية والإمارات والكويت، فضلاً عن مؤلف الفيلم البحريني. مسرحيات عديدة وينتقل بنا الهاشمي إلى الحديث عن أعماله السابقة، فيذكر أنه شارك في مسرحيات عديدة سواء داخل الإمارات أو خارجها، ومنها “القرابين” وهي تأليف وإخراج الكويتي هاني نصار، و”يوميات بخيل” من إخراج وتأليف السعودي أحمد الحسن، فضلاً عن مسلسل إماراتي حمل اسم “شحمان، ونحفان”. ومن التجارب المميزة له في عالم الفن، كما يقول الهاشمي، القيام بدور مساعد مخرج في مسرحية “يوليوس قيصر” التي تم عرضها ضمن مسابقة مهرجان “مسرح الشباب الخليجي”، وتولى عمل السينوجرافيا للمسرحية وقام بإخراجها قاسم زيدان (السينوجرافيا تعني تعديل النص القديم بما يتواكب مع لغة المكان والزمان الذي تعرض فيه المسرحية). ويعكف الهاشمي حالياً على التجهيز لمسرحية جديدة تتناول الأسطورة الإغريقية “أجاممنون”، والتي وضعها أسخيلوس قبل نحو ألفي عام، وسيضع السينوجرافيا لها ويتولى إخراجها الكويتي أحمد الخلف، ومن المنتظر عرضها في يناير القادم. في ذات السياق يلفت الهاشمي إلى أن اختياره لهذا النوع من المسرحيات التاريخية، يرجع لارتباطها بدراسته للفن، خاصة وأن التعرض للمسرح الإغريقي مباشرة عبر القيام ببطولة أحد مسرحياته يكشف له الكثير عن عالم المسرح، ويمنحه فرصة التعرف على جذور المسرح في العالم، باعتبار أن الحضارة اليونانية القديمة هي التي أفرزت الفن المسرحي للعالم. معاناة شخصية ويتابع، “أنا كممثل أميل لأداء الأدوار التراجيدية أكثر من الكوميدية، كون الممثل بصفة عامة يحقق انتشاره وشهرته عبر إتقانه لأحد جوانب الفن، مثل ما اشتهر الفنان المصري عادل إمام بتأدية الأدوار الكوميدية، وعُرف غيره بالأدوار الرومانسية والتراجيدية، ولذا أعتقد أن هناك قدرا من المعاناة الشخصية لدى بعض الفنانين، وأنا منهم تجعلهم قادرين على الإبداع في الأداء التراجيدي”. وعن طموحه في الفترة القادمة، شدد الهاشمي على سعيه إلى القيام بأدوار مميزة ومتقنة تتوافق مع ما يصبو إليه من تحقيق جماهيرية وانتشار في العالم العربي، من خلال التمثيل المسرحي أو السينمائي، أو التليفزيوني، أو الإذاعي. وفي نهاية الحوار قال الهاشمي، إن مثله الأعلى في التمثيل الفنان الإماراتي حبيب غلوم، وأضاف “اعتبره الأب الروحي لي، خاصة وأنه لم يبخل عليّ بالدعم المعنوي في بداياتي مع عالم التمثيل، وأيضاً كل من الفنان عبدالله صالح، واحمد عبد الرازق ومحمد صالح، ومن السعودية الفنان أحمد الحسن. وهم جميعاً أساتذة في التمثيل وأتعلم منهم الكثير، وبدورهم لا يبخلون عليّ بأي نصح أو إرشاد”.