كثيراً ما تعكس أرقام المبيعات المدى الحقيقي لإقبال الناس على الاختراعات الجديدة، وتعبّر عن مدى ترحيبهم بها. وتنطبق هذه الحقيقة أشد الانطباق على السيارات الهجين المدفوعة بمحرك احتراق داخلي وآخر كهربائي. وتقول إحصائيات دقيقة نشرت أمس في الصفحة الأولى لصحيفة “فاينانشيال تايمز” إن عدد السيارات الهجين المباعة في العالم أجمع عام 2010 بلغ 934 ألفاً، أو ما يعادل 2? فقط من الحجم الكلي لسوق سيارات الركاب وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة “جيه دي باور أند أسوشييتس” التي تعدّ رائدة في مجال الإحصائيات المتعلقة بأداء الأسواق. بهذا، تكون السيارات الهجين قد حققت تطوراً هزيلاً في مبيعاتها بعد أن بيعت منها العام الماضي 728 ألف سيارة. واستأثرت اليابان بنصف هذه المبيعات بسبب الحوافز التي تقدمها الحكومة للمشترين لاقتنائها في إطار الحفاظ على نظافة هواء المدن. وفي الولايات المتحدة التي ترحّب بهذا النوع من السيارات لأسباب بيئية، قدّرت “جي دي باور” العدد الكلي للسيارات الهجين المباعة في أسواقها هذا العام بنحو 315 ألفاً ارتفاعاً من 292 ألفاً العام الماضي أو ما يمثّل زيادة بنسبة 8?. وقال محللون إن معظم مشتري السيارات في العالم، وخاصة في الولايات المتحدة التي تتأثر سوقها بسعر البنزين بشكل كبير، يفضلون شراء السيارات العملية ذات قوة الدفع العالية والسعر المعقول بدلاً من شراء سيارة هجين مرتفعة الثمن حتى لو كانت تتصف بالنظافة والصداقة مع البيئة. وبالرغم من أن الاهتمام بإنتاج السيارات الهجين كان مقصوراً على شركات متخصصة ببناء السيارات العادية مثل تويوتا ونيسان، إلا أنها سرعان ما جذبت اهتمام شركات إنتاج السيارات الفاخرة ومنها “جاكوار” و”فيراري” و”بي إم دبليو” وحتى “بورش”. وفضلت شركة “جاكوار” السبق في إنتاج السيارات الفاخرة الهجين عندما كشفت النقاب مؤخراً عن أحدث نسخة تصورية هجين تحت اسم “سي-إكس75 كونسيبت” C-X75 Concept تصل سرعتها القصوى إلى 330 كيلومتراً في الساعة، ويمكنها قطع مسافة 110 كيلومترات باستخدام المحرك الكهربائي وحده داخل المدن. وقالت مصادر الشركة إن “سي-إكس75 كونسيبت” حظيت باهتمام خاص من المصممين حتى خرجت على هذه الصورة التي توافق احتفال شركة جاكوار بمرور 75 عاماً على إنشائها. وتضيف تلك المصادر قولها: “إن سي-إكس75 كونسيبت تبلغ أبعد الحدود التي يمكن تصوّرها من حيث قوّة الأداء واستدامة مصادر الطاقة التي تدفعها”. وتم تجهيز السيارة بأربعة محركات كهربائية يولّد كلّ منها 195 حصاناً من الطاقة الميكانيكية تتوزع على العجلات الأربع. ويتولى كمبيوتر مركزي ضبط توقيت أداء المحركات الأربعة لتتحول المجموعة إلى “نظام للدفع الدائم للعجلات الأربع”. وحظيت “سي-إكس75 كونسيبت” بأقوى مجموعة دفع بين السيارات الهجين كلها، حيث تبلغ الطاقة الميكانيكية العظمى للمجموعة 785 حصاناً تتحول إلى 1180 باوند قدم من عزوم التدوير. وتبلغ الطاقة الميكانيكية العظمى للمحرك المركزي الذي يحرق البنزين 188 حصاناً ويعمل بتقنية الشحن التوربيني “تيربو”. ويصل المدى الأقصى الذي يمكن للسيارة قطعه بالبطاريات الكهربائية المشحونة عن آخرها والخزان المليء بالبنزين 900 كيلومتر وفقاً لما تقوله مصادر شركة جاكوار. وكانت شركة “بي إم دبليو” أعلنت أنها تعتزم توسيع تعاونها مع ائتلاف شركتي “بيجو/­سيتروين” الفرنسيتين في مجال تطوير تكنولوجيا السيارات رباعية الدفع والتي تعمل بأنظمة الدفع الهجين. وذكرت الشركة في بيان لها إن “إنتاج المكونات بالإضافة إلى عمليات الشراء المشتركة سيقوي من التعاون بين الشريكين. وسيسمح لهما بوضع معايير قياسية للعناصر الأساسية لأنظمة السيارات الهجين”. وفي شهر أغسطس الماضي، بدأت شركة “بوش” لصناعة التجهيزات والأنظمة الكهربائية للسيارات، بإنتاج أنظمة التقنية الهجينة المتوازية بالكامل Parallel Full Hybrids المخصصة للسيارتين الرياضيتين “فولكس فاجن طوارق” و”بورش كايين إس”. ويتيح هذا النظام تشغيل السيارات عن طريق محركات الاحتراق الداخلي أو الكهربائية أو الإثنين معاً. ويجري إنتاج هذين الطرازين كأول سيارات تعمل بالتقنية الهجين المتوازية بالكامل، حيث سيتم من خلالهما تلبية احتياجات أسواق مثل منطقة الشرق الأوسط، التي تسعى إلى استخدام أوسع للطاقة البديلة. ويتميز الطرازان الهجينان باحتوائهما على “مولد المحرك المتكامل”، وهو محرك كهربائي يتم تبريده بالماء ويحتوي على ناقل حركة منفصل. وتقع الوحدة الهجين المدمجة بين محرك الاحتراق الداخلي وناقل الحركة، حيث يمكنها توليد 34 كيلوواط من الطاقة وعزم أقصى للدوران يصل إلى 300 نيوتن متر. وبالتالي يمكن لهاتين المركبتين الرياضيتين أن تنطقا بسرعة تتراوح بين 50 و60 كيلومتراً في الساعة كحد أقصى عن طريق استخدام الطاقة الكهربائية عند تزويدها ببطارية معدن النيكل هايدريد (NiMH) مشحونة بشكلٍ كافٍ. ويعني كل هذا أن الشركات الكبرى لإنتاج السيارات تسعى الآن إلى تطوير السيارات الهجين إلى الحدود التي تقوّي من قدرتها على منافسة السيارات التقليدية المدفوعة بمحركات الانفجار الداخلي للمشتقات النفطية. ولا يشك الخبراء في أن السيارات الهجين ستمثل عنوان التطور المقبل في صناعة النقل وخاصة بعد أن أثبتت السيارات الكهربائية الصرف قصورها في الأداء.