شهدت هذه السنة توترات وأزمات عدة على الصعيد المالي مثل “حرب العملات” والخلافات حول أسعار صرف الدولار الأميركي واليوان الصيني والمخاوف على مستقبل اليورو، عكست الهوة المتزايدة بين اقتصادات الدول المتطورة المأزومة واقتصادات الدول الناشئة المستمرة في تحقيق نمو. وكان وزير المالية البرازيلي جيدو مانتيجا أول من أطلق تسمية للازمة حين قال في نهاية سبتمبر “نعيش اليوم حرب عملات دولية، تخفيضاً معمماً لأسعار العملات”. وانتشر بعد ذلك تعبير “حرب العملات” وأطلق على العديد من الخلافات المبيتة بين قادة أكبر القوى الاقتصادية في العالم، الدول الأكثر تصديراً مثل الصين وألمانيا واليابان والدول الطامحة إلى تصدير المزيد مثل الولايات المتحدة ودول “منطقة اليورو”. وأهم قرار خلال العام في هذا الصدد كان قرار البنك المركزي الصيني السماح لسعر اليوان بالتقلب ضمن هامش أكبر قبيل قمة مجموعة العشرين في تورونتو (كندا) في يونيو، غير أن مفاعليه كانت متفاوتة. وهذا القرار لم يوقف انتقادات البرلمانيين الأميركيين الذين يشنون هجوماً حاداً على بكين بهذا الشان. وقال السناتور تشارلز شومر، الذي يسعى إلى استصدار قانون يتيح الرد بإجراءات تجارية، “وحدها تشريعات قوية سترغم الصينيين على التغيير وستوقف هروب الوظائف والثروات خارج أميركا”. غير أن الصين المحصنة بنسبة نمو قدرها 10% تندد بـ”الضغوط الخارجية” وقال الرئيس هو جين تاو إن سياسة بلاده “متماسكة ومسؤولة”، فيما حذر رئيس الوزراء ون جياباو من أن ارتفاع سعر اليوان بسرعة أكبر “سيؤدي إلى افلاس العديد من الشركات الصينية وسيتسبب بالبطالة وسيولد اضطرابات اجتماعية”. ولم يرتفع سعر العملة الصينية خلال حوالى ستة اشهر إلا بنسبة 2,5% في مواجهة الدولار. وما زال صندوق النقد الدولي يعتبره “أدنى بكثير من القيمة الفعلية” لليوان. وفيما تراجع الدولار بالنسبة لكل العملات الاخرى، انخفض اليوان مقابل اليورو (بحوالى 4%) والين الياباني (بأكثر من 5%). واذا كانت “حرب عملات” تجرى فعلياً في العالم، فإن الأوروبيين واليابانيين يعتبرون أنهم ضحاياها. وفي “منطقة اليورو”، تعاني الدول التي تواجه انكماشاً اقتصادياً حاداً وأزمة مالية مثل اليونان وأيرلندا من كونها تعتمد العملة ذاتها مثل ألمانيا التي يسجل اقتصادها نمواً. وشهد العام 2010 في هذا السياق، جدلاً حول تفكك الوحدة النقدية الأوروبية، وهو احتمال لم يكن ليخطر في بال احد عام 2009. وحين تدخلت طوكيو في 15 سبتمبر لوقف ارتفاع الين، تعرضت لانتقادات شديدة لا تواجهها دول أخرى تمارس فيها السلطات قدر أكبر بكثير من التدخل. وهذا التعايش بين عملات تتقلب بحرية بحسب السوق وعملات أخرى تضبطها المصارف المركزية وتحدد أسعارها قائم منذ حوالى أربعين عاماً، غير أن هذا النظام الذي يعتمد الدولار عملة مرجعية وصل إلى حدود إمكاناته على ما يبدو. وأوضح الخبير الاقتصادي الفرنسي باتريك ارتوس في كتابه “السيولة الخارجة عن السيطرة” أن هذا النظام يدفع جميع الدول إلى إصدار كميات نقدية طائلة. وكتب أن الولايات المتحدة تتمتع بامتياز يتيح لها أن تصدر “بدون أي عقدة” عملة لا يتوقف الطلب عليها على ما يبدو. وفي مقابل ذلك، تجد المصارف المركزية نفسها مضطرة إلى التصدي لارتفاع أسعار عملاتها بشراء دولارات توظفها كاحتياطات ولا سيما كسندات دين للخزينة الأميركية. ولتحقيق ذلك، يتم إصدار مبالغ إضافية من اليوان في الصين ومن الريال في البرازيل ومن الوون في كوريا الجنوبية، على سبيل المثال لا الحصر. وهذا النظام يبدو غير قابل للاستمرار إلى حد أن الولايات المتحدة نفسها تعيد النظر فيه، وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بن برنانكي في نوفمبر إن “النظام النقدي الدولي كما هو مبني اليوم، يعاني خللاً بنيوياً”.