أَعْطِنِي قَادَة نُبَلَاءَ أَمْنَحْكَ مُوَاطِنينَ سُعَدَاءَ، هذا هو جوهر الريادة الإماراتية، فبرغم المصاب الجلل وفاجعة الفقد، أبى قادة الإمارات في الحدث الأخير إلا أن يُبهروا القريب والبعيد بتقديم عطاءٍ فريدٍ، فالمتابع للمشهد يرصد عملاً ونهجاً يثري التاريخ بصفحة مجدٍ تحمل بصمةَ عزٍّ إماراتية وشموخَ وطنٍ لا يرتَضي في الحزْنِ إلا أنْ يَكون صامداً وشامخاً كما عَهِدنَاه في كل الظُّروف والأوقات. مُنْذُ الَّلحظةِ التي ارْتَقَت فيها أرواحُ الشُّهداء صاغ قادةُ الإماراتِ عِقداً فريداً في أدبياتِ العطاءِ والوفاء، تلمسه بوضوح الشمس بين عائلات الشُّهداء والجرحى من أبناء الوطن، يبدأ باحتواءٍ واحتضانٍ لآباء وأبناء شهيدٍ غادرَ أحبَّتَه لدارِ المقرّ، ولا ينتهي بقُبلةٍ على رأس مصابٍ بثغرٍ باسمٍ وقلبٍ موقنٍ بالنَّصر القريب، بل يسْتمرُّ قادةُ الإمارات بعزفِ مقطوعةٍ خالدةٍ في ذاكرةِ الوطن من شواهد العرفانِ المتعدّدة، لامست شغاف القلوب، فازداد المواطنون ولاءً، والتفوا حول قادتهم راضين بقضاء الله وقدره، قانعين واثقين مطمئنين بأن النَّصر الُمبين قريبٌ لا مَحَالَة. وعلى الجانبِ المؤسسيّ التلاحميّ في خطب الوطن الجَلَل، جاء عمق نبل القيادة في استحداث «مكتبٍ خاصٍ بشؤون أُسَرِ الشُّهداء» يُعنى برعايتهم اجتماعياً وتعليمياً ووظيفياً في منظومةٍ متكاملةٍ مستدامةٍ تقديراً لروحِ الشهيد الطاهرةِ وإعزازاً لخير الخلف من سلف الشُّهداء الأبرارِ ليُدركوا أنّ آباءهم قد ورّثُوهم العزّة والفَخار، وصنع لهم قادَتَهم المجدَ والإبَاء. ثم تتوالى المبادراتُ من خلال مشروع إعداد «أرشيف وطني» متكامل و«متحف» دائم يُوثِّقُ مآثر الشُّهداء في التّضحية والفداء، حيث يجري العمل على قدمٍ وساقٍ بلمساتِ قادةِ الوطنِ ليكون موعد افتتاحه في يوم الشهيد 30 نوفمبر، إن شاء الله تعالى. ومن المبادرات الفعّالة التي أُطلقت لشهداءِ الوطنِ، بناء «مسجد الشُّهداء في الشارقة» وبناء «مدرسة الشُّهداء»، إضافة إلى «حفر بئر لكل شهيد» خارج الدّولة، ناهيك عن «حجّ البدل» و«توزيعِ مئةِ مصحفٍ» في المساجد عن روح كلِّ شهيد. د. عماد الدين حسين