موسكو- ''الاتحاد'':اعتباراً من أول يوليو الماضي، أصبحت العملة الروسية قابلة للتحويل عشية انعقاد قمّة الثمانية في بطرسبرغ· فهل يعني هذا أن الروبل أصبح بجاذبية وعالمية الدولار أو اليورو أو الين أو الجنيه الاسترليني؟ لا، بطبيعة الحال· المسألة تحتاج إلى عقود كي تصبح العملة الروسية، عملة احتياط، ولا بد قبل ذلك من أن تغزو المنتجات الروسية، وكذلك السياح الروس، بقية العالم·· للمرة الأولى تعرّف المواطن العربي على الروبل من أعمال تولستوي وديستوفسكي وغوركي· لم يكن قد أصبح بعد ''الرفيق روبل''· غالباً كانت الروايات الروسية حزينة، شتائية، وكان الحصول على الروبل، بالنسبة إلى الكثيرين، عملية شاقة ومكلفة، إلى أن قام الاتحاد السوفيتي··· كان للروبل سعران؛ شيوعي ورأسمالي· الفارق كبير، وربما هذا ساعد على تخلف الإمبراطورية في مجال الديناميكية الاقتصادية· ازدهرت السوق السوداء· واعتباراً من أول يوليو 2006 أصبح الروبل عالمياً· قالت ''وول ستريت'' ساخرة ''الروبل يرتدي بنطلون الجينز''· المرحلة الانتقالية طالت لكن من المفهوم أن المسألة تنتظر سنوات وسنوات لكي يصبح الروبل مثل الدولار أو الجنيه الاسترليني أو اليورو أو الين الياباني أو الفرنك السويسري· حسب تحديد صندوق النقد الدولي، فإن عملة ما لا تصبح قابلة للتحويل إلا بعد إلغاء كل القيود التشريعية على العمليات الخاصة بالرساميل· وحين تكلم الرئيس فلاديمير بوتين في خطابه السنوي إلى الأمّة أمام المجلس الفيدرالي، إنما كان يقصد ذلك تحديداً، إذ لا بد من حصول تبُّدل بنيوي في الأداء· إذاً، أخذ بنظرية ميلتون فريدمان: ''لتخلع الدولة ثوب الديناصور''· الإجراء كان يفترض أن ينفذ بعد ستة أشهر، أي مع سريان مفعول قانون تنظيم صرف العملات، لكن قمة الثمانية في بطرسبرغ في منتصف يوليو· روسيا هي الدولة الوحيدة بين الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وكندا واليابان التي لا تزال عملتها جامدة· والواقع أنه منذ أزمة عام 1998 التي بدت خلالها روسيا وكأنها على أبواب الكارثة، بوشر برفع القيود على حركة الرساميل، إذ كانت الأحكام القانونية النافذة توجب على المؤسسات أن تحوّل إلى العملة الوطنية وارداتها من العملات الصعبة· لم تعد الشركات التي تتولى تصدير النفط والغاز مرغمة على تحويل المبالغ التي تجنيها إلى روبل، وإن كان ضعف العملة الأميركية جعل الشركات إياها تُقبِل على تكديس الروبلات· والحقيقة أنه لم تعد هناك سوى قيود محدودة، منها انه حين تعقد مؤسسة روسية اعتماداً لدى مصارف غربية، أو حينما تعمد شركة أجنبية إلى الاستثمار داخل روسيا، يحتفظ المصرف المركزي برصيد يمكن أن يستمر لستة أشهر· وفي المقابل، عندما يراد إخراج أموال، فإن باستطاعة المؤسسات أو الشركات فعل ذلك في غضون خمسة عشر يوماً· هذه مسائل تقنية، ولا تأثير لها على الدورة الاقتصادية والمالية· وثمة تدابير في الطريق من أجل معالجتها·· نظرياً، عملية التحويل يمكن أن تتم بسرعة، ولكن، على المستوى الفعلي، قد يحتاج الأمر إلى عقود، إذ على البلدان الأخرى أن تعترف بالروبل كعملة احتياط، ويفترض بيعه أو شراؤه في أي مركز للصرافة في العالم· والواقع أنّ عملات قليلة هي التي تحظى بذلك· وتبعاً لما يقوله وزير المال الروسي ألكسي كودوين فإن عدداً كبيراً من الشركاء التجاريين لبلاده مثل الصين وعدد من الدول الأوروبية ستحوّل جزءاً من احتياطياتها (وقد يكون ذلك بقدر ضئيل) إلى الروبل على مدى السنوات الخمس المقبلة· ويرى الكسندر خاندروييف، نائب رئيس جمعية المصارف الإقليمية، أن الدول التي في عجز تجاري مع روسيا ستبادر إلى بناء احتياطي بالروبل· وهذا ما يؤدي إلى خفض نفقات العمليات التجارية مع روسيا لكن عدد هذه الدول لا يتعدى عدد أصابع اليد، وربما اقتصر على بلدان أسرة الدول المستقلة لكن في أحسن الحالات لن يمثل الروبل سوى 5 أو 7 في المئة من احتياطيها من الذهب· أورينت برس