جنيف (وكالات) - أكد محققو الأمم المتحدة في قضايا حقوق الإنسان أمس، أنهم وضعوا قائمة سرية جديدة بأسماء سوريين ووحدات عسكرية يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب ويجب مقاضاتهم جنائياً، وأوصوا مجلس الأمن باتخاذ “الإجراءات المناسبة” مع تزايد الانتهاكات في سوريا “من حيث العدد والوتيرة والحدة”، فاتحين النقاش حول احتمال إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية. من ناحيتها، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” المعنية بحقوق الإنسان إن معارضين سوريين ارتكبوا جرائم حرب شملت تعذيب وقتل محتجزين، مشيرة إلى أنها وثقت أكثر من 12 حالة قام فيها مقاتلو المعارضة بقتل خصومهم الذين أسروهم بينما قال 6 محتجزين ممن أجرت المنظمة مقابلات معهم، إنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، داعية الدول التي تدعم مقاتلي المعارضة الضغط عليهم لاحترام قوانين حقوق الإنسان. وفي السياق، أكدت السعودية على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالوهاب عطار خلال الحوار التفاعلي مع المجتمعين في جنيف، أن ما يجري في سوريا لا يمكن القبول به أو تبريره مستنكرة بشدة أعمال العنف والقتل والجرائم البشعة التي ترتكبها القوات الحكومية السورية والميليشيات التابعة لها، في حين أعلن فيليب لاليو المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أن تقرير لجنة التحقيق الدولية الذي عرض في جنيف أمس، يتضمن “أدلة دامغة ضد نظام دمشق” الذي ارتكب “جرائم غير مسبوقة”، قائلاً “يتضمن أدلة دامغة ضد نظام دمشق” و”يجمع عناصر كافية..لإثبات ارتكاب النظام السوري وميليشياته جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب على نطاق واسع”. وأضاف المحققون المستقلون التابعون للأمم المتحدة بقيادة باولو بينيرو إنهم جمعوا “مجموعة من الأدلة القوية والاستثنائية” وحثوا مجلس الأمن على إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقال بينيرو لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف “انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة تزايدت من حيث العدد والسرعة والمدى”. وأضاف “يجري تقديم قائمة سرية ثانية بالأفراد والوحدات التي يعتقد أنها مسؤولة عن انتهاكات إلى مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان”. ولم يذكر بينيرو ما إذا كانت أسماء مقاتلين معارضين واردة في القائمة الجديدة التي تعد تحديثاً لقائمة سابقة قدمها فريقه إلى نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في فبراير الماضي. وعرض بينيرو أحدث تقرير لفريقه والذي أصدره الشهر الماضي قائلاً إن قوات الحكومة السورية وميليشيات متحالفة معها ارتكبت جرائم حرب منها قتل وتعذيب المدنيين في سياسة موجهة من الدولة فيما يبدو. وقال بينيرو إن إمدادات الطعام والماء والدواء شحت في المناطق التي تقصفها القوات الحكومية جواً وبراً وتحاصرها مضيفاً أن المحققين تلقوا “تقارير عدة...عن مدنيين يعيشون بالكاد على ما يبقيهم على قيد الحياة”. وقام فريقه بأكثر من 1100 مقابلة مع ضحايا ولاجئين ومنشقين على الجيش السوري على مدى عام. وقال “لم نجر لقاءات مع جنود جرحى أو أسر قتلى من عناصر الحكومة لأن الحكومة السورية لم تسمح لنا بدخول سوريا”. وقال الخبير البرازيلي أمام مجلس حقوق الإنسان “أوصينا بنقل تقريرنا إلى مجلس الأمن...بطريقة تسمح له باتخاذ (الإجراءات المناسبة) بالنظر إلى خطورة الانتهاكات والتجاوزات والجرائم التي ترتكبها القوات الحكومية والشبيحة ومجموعات معادية للحكومة”. وتفادى بينيرو في تقريره الحديث عن المحكمة الجنائية الدولية التي لا يمكن اللجوء إليها إلا عبر مجلس الأمن، وهو ما فسره مصدر دبلوماسي غربي بجنيف بغياب التوافق حيال هذا الأمر. من جهته، اتهم السفير السوري فيصل خباز حموي قوى غربية وعربية بإرسال أموال وأسلحة لدعم مقاتلين وحذر من أن هذه الخطة ستجيء بنتائج عكسية. وقال إن “المرتزقة” قنبلة موقوتة ستنفجر لاحقاً في البلاد وفي الدول التي تؤيدهم بعد أن يفرغوا من “مهمتهم الإرهابية” في سوريا. وأضاف أن التقرير كان يجب أن يتضمن أسماء الدول التي تدعم “القتلة” ومن بينهم الولايات المتحدة وقطر والسعودية وتركيا وليبيا، على حد قوله. وأضاف أن من ضمن الحقائق التي قال إنها لا تظهر في التقرير، أن أطرافاً دولية عديدة تعمل على تصعيد الأزمة من خلال تحريض وسائل إعلامها ومن خلال تدريب المرتزقة وعناصر (القاعدة) وتدريبهم وتمويلهم وارسالهم لسوريا للقتال. بدورها، قالت روسيا التي استخدمت حق النقض “الفيتو” ضد كل المحاولات الغربية في مجلس الأمن لإدانة سوريا، إن مقاتلي المعارضة يرتكبون “أعمالاً إرهابية” منها الإعدام وأن التطرفين أصبحوا أكثر نشاطاً نتيجة “للدعم من الخارج”. وقالت الدبلوماسية الروسية ماريا خودينسكايا جولنيشتشيفا “هناك مرتزقة متطرفون يحاربون في صفوف المعارضة، من هم في نظر بعض الدول يحملون الديمقراطية إلى المنطقة، يرتكبون في واقع الأمر جرائم قتل جماعية”. وأضافت “أنهم يفتحون النار عمداً على السكان المسالمين الذين يؤيدون الحكومة...ويستخدمون الرهائن كمفجرين انتحاريين والأطفال كجنود”. وتسعى دول غربية لإدانة أخرى لنظام الرئيس بشار الأسد خلال الجلسة ولتمديد تفويض اللجنة بالتحقيق والذي ينتهي الشهر. وقالت ماريانجيلا زابيا سفيرة الاتحاد الأوروبي في جلسة أمس، “على المجتمع الدولي أن يضمن عدم انتشار مبدأ الإفلات من العقاب”. كما دعت المندوبة الأميركية في مجلس حقوق الإنسان ايلين تشامبرلين دوناهو إلى أن يستمر المحققون في عملهم. ووصف المبعوث التركي اوجوز دميرالب الصراع في سوريا بأنه “خطر حقيقي على الأمن الدولي”، وقال “نريد أن نوجه رسالة لمن ارتكبوا عمداً جرائم في سوريا وأيضاً لمن أمر وخطط وحرض وساعد هذه الجرائم..إنهم سيحاسبون”.