تصاعدت موجة نزوح المدنيين الليبيين الفارين من القتال في مدينة سرت، حيث تجري مواجهات شرسة بين الثوار وفلول القوات الموالية لنظام العقيد الهارب معمر القذافي، بينما أكد مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي أنهم يعدون لشن هجوم ضخم ونهائي لاجتثاث تلك الفلول بعد التأكد من مغادرة معظم المدنيين. بالتوازي، أعلن ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في وقت متأخر الليلة قبل الماضية، أن وضع السكان في سرت “مزر” والناس يموتون بسبب عدم توفر الخدمات الطبية الأساسية بسبب مواجهات المستمرة بين طرفي القتال منذ أكثر من 3 أسابيع. وفيما لا يزال الثوار يواجهون مقاومة عنيفة من قبل قوات القذافي في بني وليد ويسعون للمحافظة على المواقع الأمامية داخل البلدة التي سبق أن سيطروا عليها، وأكد مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الليبي أنهم باتوا يسيطرون على 95% من قرية بوهادي القريبة من سرت ويعتقد أنها مسقط رأس الزعيم الليبي المخلوع ومركز قبيلة القذاذفة التي يتحدر منها. من ناحيته، نفى رئيس المجلس العسكري للثوار في العاصمة طرابلس عبد الحكيم بلحاج وجود خلافات داخل صفوف المقاتلين مستبعداً تماماً أن يصل أي خلاف بينهم إذا وجد في يوم ما، إلى مرحلة الصدام المسلح. وقال ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر هشام خضراوي إن السكان المحاصرين في سرت يموتون بسبب عدم توافر الخدمات الطبية الأساسية، مشيراً إلى أنه زار المدينة على رأس وفد من اللجنة وقدم للفريق الطبي 300 وحدة إسعافات لمعالجة جرحى الحرب، إضافة إلى 150 كيساً للجثث. وأضاف أن مستشفى ابن سينا الرئيسي في المدينة، قصف بالصواريخ أثناء زيارته إياه مع وفد الصليب الأحمر. وقال “لقد سقطت عدة صواريخ على المستشفى أثناء وجودنا بداخله”، مندداً بـ”القصف العشوائي” الجاري على نطاق واسع سواء أكان قصفاً بالصواريخ أو بالقذائف المضادة للدروع أو بالمدافع الرشاشة. وأكد خضراوي أن المستشفى يفتقر إلى المياه لأن خزان الماء فيه تضرر جراء المعارك، مشيراً إلى أن طاقم المستشفى أبلغ الوفد بأن “الناس يموتون بسبب النقص في الأوكسجين والوقود اللازم لتشغيل مولد الكهرباء”. كما أن العديد من الجرحى والمرضى لا يتمكنون من بلوغ المستشفى بسبب المعارك والغارات التي تنفذها طائرات حلف شمال الأطلسي “الناتو”، كما قال. وواصلت حركة النزوح أمس من سرت في مئات السيارات والشاحنات التي اكتظت بالهاربين من المعارك. وقال علي فرج الخارج من المدينة مع عائلته فيما كان أحد المقاتلين يدقق في هويته “هناك الكثير من الصواريخ، بالأمس كانت المعارك عنيفة، لذا لا نستطيع البقاء هنا”. وكان مقاتلو النظام الجديد أمهلوا المدنيين في سرت يومين لمغادرة المدينة، وهي مهلة انتهت أمس. لكن القائد الميداني حسين الطير أبلغ قناة “ليبيا الحرة” من موقعه بضواحي سرت أمس، أنهم سينتظرون بضعة أيام لتمكين أكبر عدد من المدنيين من مغادرة المدينة قبل أن يشنوا هجوماً ضخماً ضد مواقع كتائب الزعيم الليبي الهارب. ونقلت قناة “الجزيرة” الفضائية عن مراسلها بالمنطقة قوله إن قوات القذافي قصفت أمس ميناء المدينة، بينما تمكن الثوار من السيطرة على 80% من سرت. من جانب آخر، قال المقاتلون العائدون من الخطوط الأمامية إنهم باتوا يسيطرون على جزء كبير من منطقة بو هادي جنوب غرب المدينة، التي تعتبر معقلاً للقذاذفة وللعديد من المقربين من العقيد القذافي. وأعلن حلف الناتو في بيان أمس، أن طائراته استهدفت الليلة قبل الماضية، مقر تحكم و6 آليات عسكرية ودبابة واحدة وموقعا للأسلحة المضادة للطائرات. وفي بني وليد (170 كلم جنوب شرق طرابلس)، منع المقاتلون التابعون للمجلس الانتقالي، العديد من الصحفيين من التوجه إلى مناطق المواجهات، بحسب ما أفاد مصور فرانس برس. وبعد 3 أسابيع على انطلاق المعارك للسيطرة على المدينة، لا يزال الثوار عند هذه الجبهة يواجهون مقاومة عنيفة من قبل قوات القذافي، ويسعون للمحافظة على المواقع الأمامية داخل بني وليد التي سبق وأن سيطروا عليها. ويتعرض هؤلاء يومياً إلى رشقات من صواريخ جراد والقذائف التي يطلقها الموالون للقذافي من المدينة، فيما يرد المقاتلون على مصادر النيران مستخدمين القذائف. واستقدم الثوار في بني وليد مجموعة من الدبابات والمدافع لاستخدامها في المعارك.