«موقفنا واضح، نحن نرفض أن تقوم إندونيسيا باستضافة احتفالات انتخاب ملكة جمال العالم»، يقول أميدهان سابيرا، رئيس مجلس العلماء الإندونيسي، «لأن تعرية أجسادهن في مسابقة كهذه يخالف التعاليم الإسلامية». وتسبب انتخاب ملكة جمال العالم 2013، والذي تم عقده في إندونيسيا بين يومي 8 و28 سبتمبر الجاري، بخلاف كبير في البلاد، حيث رفضته منظمات دينية أخرى، مثل جبهة الدفاع عن الإسلام وحزب التحرير الإندونيسي، لأن عملا كهذا يعد مهيناً ومذلا للنساء ومخالفاً للقيم الإسلامية. لكني أرى، وأنا المرأة المسلمة، انتخابات ملكات الجمال على أنها شكل آخر من أشكال التسلية على التلفزيون. بيد أن الكثيرين يعتقدون أن استضافة انتخاب ملكة جمال العالم يفيد إندونيسيا أكثر مما يضرها، لأنه يشكل فرصة للبلاد كي تكون تحت الأضواء العالمية. ولا مناص هنا من الخلاف في وجهات النظر والآراء، لكن يتوجب علينا عدم فرض آرائنا ووجهات نظرنا على الآخرين. كيف يمكن للإندونيسيين إيجاد أرضية مشتركة وسط الآراء المتعارضة حول ملكة جمال العالم 2013؟ في الوقت الذي تستضيف فيه إندونيسيا هذا الحدث العالمي البارز، يملك الإندونيسيون الذين يعارضونه، بوصفه عملا يحط من قدر النساء، فرصة ذهبية ليس فقط لإضافة قيم على الحدث، وإنما كذلك لإدخال تلك القيم في أحداث عالمية مماثلة، مما يساعد على جعلها أكثر شمولية من ناحية ثقافية. «في أي بلد من العالم أذهب إليه، أحترم دائماً وجهات نظر ذلك البلد ورغبات أهله. نحن نحاول حقاً وبقوة عدم ارتكاب أخطاء أو إهانة أحد»، تقول جوليا مورلي، رئيسة منظمة ملكة جمال العالم. وقد قدّمت المنظمة خلال انتخاب ملكة جمال العالم لعام 2013 بضعة تنازلات، مثل إلغاء مسابقة لباس البحر (البيكيني) ليتلاءم الوضع مع الثقافة الإندونيسية، ونقل الاحتفال من جاكرتا وبوغور (جاوا الغربية) إلى بالي، وهي جزيرة ذات غالبية هندوسيّة ومعروف عنها كونها مقصداً سياحياً عالمياً. ومع أن مجموعات عديدة ظلت تحتج على الحدث، فإن إندونيسيا ليست غريبة على احتفالات الجمال؛ فلدينا الاحتفالات الخاصة بنا، مثل الأميرة الإندونيسية (بوتري إندونيسيا) وملكة جمال إندونيسيا. الفرق الرئيسي الوحيد بين احتفالاتنا المحلية والاحتفالات العالمية هو غياب مسابقة لباس البحر البكيني. تم في 18 سبتمبر تتويج النيجيرية «أوبابي عائشة أبيبولا» ملكة جمال العالم المسلمة في جاكرتا. وتشرح إيكا شانتي التي أسست مسابقة انتخاب ملكة الجمال هذه عام 2011 أن «انتخاب ملكة الجمال المسلمة هو ردّ على ملكة جمال العالم... عقدنا حفلنا هذه السنة وبشكل مقصود قبيل مسابقة ملكة جمال العالم لإظهار أن هناك نماذج بديلة تحتذى للمرأة المسلمة». شاركت عشرون امرأة مسلمة من كافة أنحاء العالم بهذا الحفل، حيث يتم انتخاب الفائزات بناءً على شروط مثل المعرفة الدينية وتلاوة القرآن الكريم. وتشكّل ملكة جمال العالم المسلمة دليلاً على أن انتخاب ملكات الجمال هو شأن عالمي، وعابر للحدود الدينية والوطنية. يمكن للنساء بغض النظر عن جنسيتهن أو إثنيتهن أو دينهن المشاركة إذا أخترن ذلك. لكل من ملكة جمال العالم وملكة جمال العالم المسلمة مكانها في انتخاب ملكات جمال حول العالم، ويملك الجمهور الحرية المطلقة لاختيار أيهن يفضل. ورغم ذلك، فإن عقد حدث ما لإظهار المعارضة بشكل مقصود للآخر لا يؤدي سوى إلى ربط الشعوب في مواقف متعارضة. وبدلا من ذلك، تشكل هذه فرصة هائلة للعمل مع منظمة ملكة جمال العالم وغيرها لنسج المزيد من القيم والمعايير الإندونيسية المتنوعة في عمليات انتخاب ملكات الجمال. ويمكن إجراء عصف ذهني لبحث المعايير التي تتعامل مع مصادر القلق المبطنة والإحاطة بها. فمثلا، تمت إضافة جزء خاص تستعرض فيه جميع المتنافسات، وهن يلبسن زياً إندونيسياً انتقائياً، إلى حفل الافتتاح. ويمكن إدخال إضافات ثقافية مثيرة للاهتمام في أحداث عالمية أخرى. كما نستطيع تحويل التركيز من الجسد إلى العقل، وتقييم المتنافسات بشكل أولي من حيث ذكائهن ومواقفهن. ويشكل حفل الانتخاب هذا لحظة مثالية لإندونيسيا لإظهار أنها أمة مشرفة تحترم ضيوفها، رغم تباينات الدين والثقافة، وفي الوقت نفسه لها إسهامها على المستوى الدولي. المواقف التي يربح فيها الجميع ممكنة. عندما اعترض أحدهم على قيام الفائزة في «الأميرة الإندونيسية» بتمثيل إندونيسيا في مسابقة انتخاب ملكة جمال العالم لعام 2005، سمحت منظمة ملكة جمال العالم للمتنافسات استبدال لباس البحر البيكيني بلباس من قطعة واحدة. ويمكن تطبيق حلول مماثلة مرة أخرى على المستوى العالمي، الأمر الذي يمكن أن يغير الأسلوب الذي يتم به انتخاب ملكات الجمال عالمياً. وتملك إندونيسيا فرصة لجعل انتخاب ملكات الجمال العالمية أكثر شمولية من الناحية الثقافية. نيلام سوري كاتبة روائية إندونيسية ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية