واشنطن (أ ف ب، د ب أ) -رفض البيت الأبيض أمس المشروع الجديد الذي قدمه الجمهوريون في مجلس النواب حول رفع سقف الدين في الولايات المتحدة، واعتبره بمثابة “طلب فدية”. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إيمي برانديج، إن “الرئيس باراك أوباما قال وكرر القول، إنه لا يجوز لأعضاء الكونجرس طلب فدية لتحمل مسؤولياتهم الأساسية بالتصويت على الموازنة ودفع فواتير البلاد”، مضيفاً “لسوء الحظ هذا ما يعنيه الاقتراح الأخير للجمهوريين في مجلس النواب”. فيما أعلن أعضاء في الكونجرس الأميركي أول أمس أنهم يقتربون من التوصل الى تسوية حول الميزانية قد يعلن عنها قبل استحقاق الغد الموافق 17 أكتوبر، والذي تتعرض الولايات المتحدة بعده لخطر التعثر في سداد مستحقاتها. وفيما تبقى هذه المسألة عالقة منذ أيام، ضاعف رئيس الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد وزعيم الأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل الاثنين التصريحات المتفائلة متحدثين عن حل سريع للمأزق المزدوج حول الميزانية ورفع السقف القانوني للدين. وقال هاري ريد في ختام يوم جديد من المفاوضات غير المثمرة “احرزنا تقدما هائلا، لم نتوصل بعد إلى نتيجة لكن التقدم هائل”، مضيفا “نأمل ان يكون يوم الثلاثاء ربما يوما هاما”. ومن المقرر طرح خطة وضعها المسؤولان على كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ بحسب ما قال السناتور الجمهوري بوب كوركر الذي أوضح متحدثا للصحفيين “تم تحديد الإطار لاتفاق، لكن ما زال هناك تفاصيل يتعين توضيحها”. وأبدى البيت الأبيض تفاؤلا مماثلا بحسب ما صرح مسؤول طالبا عدم كشف اسمه، غير ان ثمة تساؤلات لا تزال قائمة حول إمكانية اصطدام الخطة بممانعة جمهورية في مجلس الشيوخ ولكن خصوصا في مجلس النواب، حيث أبدت مجموعة أعضاء حركة حزب الشاي حتى الآن تحفظا على اي تسوية. وسيترتب على مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ومجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديموقراطيون إقرار نص مماثل حتى يدخل حيز التنفيذ. سقف الدين ويستعد الجمهوريون في مجلس النواب الأميركي خلال ساعات لتنظيم عملية تصويت على قانون لرفع سقف الدين حتى السابع من فبراير ولإعادة الحياة إلى الدولة الفدرالية حتى 15 يناير، حسب ما أعلن أمس مصدر في مجلس النواب. وقال المصدر، إن الإجراء الذي يعمل عليه مجلس النواب يعدل النص الذي يتم التفاوض بشأنه حاليا في مجلس الشيوخ بإجراء تغييرات أكبر على إصلاح النظام الصحي الذي اقترحه باراك أوباما. والضريبة على المعدات الطبية التي فرضها القانون سيتم إرجاؤها عامين، وسيحرم النواب من المساعدات الفدرالية التي تسمح لهم وأيضا للوزراء بخفض تكاليف تغطيتهم الصحية. وبحسب العديد من وسائل الإعلام الأميركية، فإن التسوية الجاري التفاوض بشأنها تتضمن إجراء يسمح للخزانة بالاستمرار في الاقتراض حتى السابع من فبراير وللدولة الفدرالية المشلولة منذ الأول من أكتوبر بسبب الخلاف حول الميزانية إعادة فتح إداراتها بشكل تام حتى 15 يناير. وفي المقابل يقدم الديموقراطيون تنازلا حول بعض أوجه قانون إصلاح نظام الضمان الصحي. وستبدأ فور إقرار النص مفاوضات رسمية حول الميزانية بين مجلسي الكونجرس لبقية العام 2014. وانتقلت المبادرة في المحادثات في عطلة نهاية الأسبوع الى ريد وماكونيل بعدما فشلت الاتصالات التي كانت تجري بين البيت الأبيض والرئيس الجمهوري لمجلس النواب جون باينر. وتم إرجاء اجتماع كان مقررا بين قادة الكونجرس وباراك اوباما بعد ظهر الاثنين الى اجل غير مسمى وذلك “من اجل إفساح المجال أمام المسؤولين في مجلس الشيوخ لمواصلة إحراز تقدم مهم باتجاه حل يرفع سقف الدين ويعيد فتح الإدارات”. واعرب اوباما الاثنين عن أمله في أن يتمكن الجمهوريون من “تسوية هذه المشكلة” داعيا خصومه الى “طرح اهتماماتهم الحزبية جانبا” وإلا “فإننا نواجه خطرا فعليا في التخلف عن السداد”. وقال خلال زيارة الى مكاتب منظمة غير حكومية في واشنطن إنه في حال التعثر، فإن ذلك “قد تترتب عنه عواقب مدمرة لاقتصادنا”. وحذرت الخزانة من أنه لن يعود بوسعها الاقتراض اعتبارا من الخميس، وأنه قد لا يعود بوسعها تأمين كل مدفوعاتها خلال مهلة قصية، وإنما في تاريخ يصعب تحديده بشكل دقيق وقدره مكتب الميزانية في الكونجرس بين 22 و31 أكتوبر. سندات الخزانة ويتوقف مصير الدولار، عملة الاحتياط في العالم، ومصير سندات الخزينة التي تعتبر الاستثمار الأكثر أمانا في العالم، على ما ستتوصل إليه المحادثات، ما يهدد بزعزعة استقرار الاقتصاد العالمي. غير أن الأسواق عكست الاثنين تفاؤل أعضاء الكونجرس فأغلقت وول ستريت ولندن على ارتفاع، وحافظ الدولار على موقعه في مواجهة اليورو. وباشرت بورصة طوكيو جلسة الثلاثاء، أولى جلسات الأسبوع، على ارتفاع طفيف ما لم يمنع وزير المال الياباني تارو اسو بالتحذير من أن تعثر الولايات المتحدة في السداد ستكون له وطأة كبرى على الاقتصاد العالمي، داعيا الى تسوية سريعة للأزمة. وإن كان الجمهوريون والديموقراطيون متفقين على أن تعثراً في السداد سيكون بمثابة كارثة على البلاد، إلا ان الجمهوريين مصممون على اغتنام هذا الاستحقاق الملح لانتزاع إصلاحات في الميزانية، وتحديدا في نظام التقاعد وبرامج الضمان الصحي لما فوق الخامسة والستين من العمر والأكثر فقرا، ومنها برنامجا ميديكير وميديكايد، والتي تستهلك 43% من الميزانية الفدرالية. وسقف الدين هو “خط ائتمان” أقصى يمنحه الكونجرس منذ 1917 للسلطة التنفيذية التي لا يمكنها في أي من الأحوال تخطيه. غير ان الدولة الفدرالية تواجه عجزا بلغ 3,9% من إجمالي الناتج الداخلي عام 2013 وهي مضطرة الى مواصلة الاقتراض لتجديد دينها وتمويل نفقاتها، سواء لدفع استحقاقات سندات الخزينة او معاشات التقاعد. الإغلاق الجزئي وقالت لشبكة “سي إن إن” الأميركية، إنها تأمل أن يتجاوز مجلس الشيوخ “بقوة دفع كافية” إذ سيأتي به الزعيم الجمهوري في مجلس النواب جون بونر إلى مقر المجلس. وقال ريد إنه “متفائل للغاية من أننا سنتوصل لاتفاق هذا الأسبوع، وهذا معقول بشكل طبيعي”.