نيويورك - أحمد كامل: انتهى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي من دراسته لما يسمى ''جرائم الكراهية'' في الولايات المتحدة خلال العام ،2005 ويصنف المكتب هذه الجرائم إلى ثلاثة أنواع، الأول هو الجرائم العنصرية، والثاني هو الجرائم الدينية والثالث هو الجرائم الجنسية، أي تلك التي ترتكب ضد الشواذ على سبيل المثال بسبب كونهم كذلك· وبعد هذا التقسيم الثلاثي يعيد المكتب تصنيف جرائم كل نوع إلى قسمين الأول هو جرائم ضد الأشخاص، والثاني هو جرائم ضد الممتلكات، ويقوم المكتب بحصر الجرائم المسجلة تحت التصنيفات الثلاثة والتأكد من كونها بالفعل ''جرائم كراهية''، ثم وضع احصائياته سنوياً· ويشير التقرير إلى أن جرائم الكراهية في ذلك العام بلغت 7163 جريمة، أي جرائم الكراهية في 2005 كانت أقل منها في 2004 حيث بلغت في ذلك العام 7649 جريمة· وتشير الأرقام التي تضمنها تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن عدد الجرائم الدينية -أي التي كان الانتماء الديني هو السبب الوحيد لوقوعها- بلغ 1314 جريمة، أي نحو 18,3 في المائة من مجموع جرائم الكراهية التي ارتكبت خلال عام ·2005 ومن هذه الجرائم الـ 1314 وصل المعادية منها للمسلمين بسبب ديانتهم إلى 146 جريمة· أما الجرائم المعادية لليهود بسبب ديانتهم أيضاً فقد بلغت 901 جريمة· ويعني ذلك أن حصة المسلمين في الولايات المتحدة وصلت إلى 11,1 في المائة من كل جرائم الكراهية الدينية أما حصة اليهود فقد بلغت 68,5 في المائة، أي أكثر من ستة أضعاف الشريحة الأولى· مدى المصداقية وليس من المعروف إذا كان يمكن الركون إلى صحة هذه الأرقام، ليس من حيث احتمال قيام المكتب بتزويرها، فهو أمر غير وارد في مؤسسة تجمع أرقام أقسام الشرطة المحلية وتعيد تصنيفها وتدقيقها فحسب، بل من حيث مصداقية البلاغات التي قدمت أصلاً لتلك الأقسام، أو بالأحرى ما إذا كانت تعبر عن جرائم حقيقية ارتكبت بالفعل، ذلك أن السجلات تحفل بوقائع قام خلالها يهود بافتعال أدلة تبرهن على وقوع جرائم كراهية دينية ضدهم· وكانت آخر تلك الجرائم هي قيام شابة يهودية في فلوريدا برسم صليب نازي بطلاء أحمر فوق سيارتها ثم كسر الزجاج الأمامي للسيارة· بعد ذلك أبلغت الشابة أجهزة الشرطة التي توجهت لمعاينة السيارة وكان من سوء طالع الشابة أن شخصاً شاهد ما فعلته هي بنفسها في سيارتها من نافذة بناية مطلة على موقف السيارات المكشوف التي وقعت فيه ''الجريمة''· وتقدم الشاهد -وهو عجوز متقاعد لا يتطرق لشهادته الشك- إلى الشرطة لإبلاغها بأن المدعية فبركت الواقعة، وحين أخذت أجهزة الفحص الجنائي عينات من مواد تحت أظافر المدعية وملابسها وجدت آثار للطلاء ذاته· وما لبت الاتهام أن وجه للفتاة حين قامت الشرطة بتفتيش منزلها فوجدت علب الطلاء المستخدمة والآلة الحادة التي هشمت بها زجاج سيارتها· وإذا كان أمر هذه ''الجريمة'' -وجرائم أخرى مفتعلة كثيرة تشبهها- قد افتضح فلابد من افتراض أن هناك عدداً أكبر منها لم يجد شهوداً لفضح افتعاله· ولا يعني ذلك أنه لا توجد جرائم ضد اليهود في الولايات المتحدة بسبب دينهم، إذ لاشك في أن جرائم من هذا النوع ترتكب· إلا أن الأرقام في هذه الحالة -أي في حالة تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي- قد لا تكون مقياساً دقيقاً لما يحدث بالفعل· فبركة الجرائم ويمكن تفسير قيام شباب من اليهود بفبركة جرائم دينية ضد جاليتهم بالنظرية التي تتبناها منظمات يهودية مؤثرة مثل منظمة ''ايه· دي· ال'' وفروعها المحلية المنتشرة وتشير هذه النظرية إلى أن تماسك الجالية اليهودية وشعور أعضائها بهويتهم الدينية هو القاعدة الأساسية لأن نشاطا منظما على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الجالية ولممثليها وللترابط والتعاضد بين أفرادها· وليس ثمة ما هو أكثر تأثيراً من شعور أبناء الجالية بأنهم مضطهدون من ''الآخرين'' -أي من كل من هم غير يهود- لوضع أسس ترابطهم وتنظيم حركتهم معاً في المجتمع الذي يعيشون فيه· ويدفع هذا الاعتقاد المنظمات الكبيرة التي تتبناه إلى حث أعضائها والمتعاطفين معها على التركيز على مقولة اضطهاد اليهود من قبل الآخرين· ومن هذه الزاوية يأتي الحديث الذي لا يتوقف عند الهولوكست والتركيز الإعلامي على الجرائم الحقيقية التي ترتكب ضد اليهود· فإن تراجع رقم هذه الجرائم الحقيقية من الناحية الواقعية فلا بأس من افتعال بعضها لتضخيم الرقم على نحو مفتعل· في كل الأحوال فإن أرقام جرائم الكراهية الدينية ضد الجميع، أي ضد المسلمين واليهود غيرهم من أتباع الديانات الأخرى، تقل كثيراً عن أرقام جرائم الكراهية العرقية أن العنصرية· فقد بلغت نسبة جرائم الكراهية العنصرية 54,7 في المائة من مجمل جرائم الكراهية في الولايات المتحدة خلال عام 2005 فقد بلغ عدد هذه الجرائم 3919 جريمة، وكانت النسبة المقابلة في عام 2004 هي 52,9 في المائة أي 4030 جريمة· بعبارة أخرى زادت بنسبة الجرائم العنصرية بين عامي 2004 و2005 بالمقارنة مع العدد الإجمالي لجرائم الكراهية في العامين إلا أن عدد هذا الصنف من الجرائم تراجع قليلاً بسبب تراجع العدد الكلي بين العامين بنسبة 6 في المائة· ويمكن القول أيضاً إن هذه الأرقام لا تتسم بالدقة فثمة جرائم كراهية دينية ترتكب ضد المسلمين مثلاً ولايقوم المعتدي عليهم بالإبلاغ عنها بسبب تفاهتها وذلك رغم أن اليهود -في المقابل- يرحبون بالإبلاغ عن أي شيء مهما كان تافها، بل أنهم يفتعلون الأمور أحياناً على نحو ما سبق· ويفعل السود، أو بالأحرى الأفارقة الأميركيون، الأمر ذاته الذي يفعله المسلمون، إذ أنهم لا يبلغون عن اعتداءات لفظية أوبدنية طالما كانت صغيرة ويذكر أن عدد ضحايا جرائم الكراهية في عام 2005 كان ستة أشخاص فقدوا حياتهم، وكانوا جميعاً من السود الأميركيين·