أمضى الناجون من زلزال تركيا الليلة الماضية في العراء في درجات حرارة دون الصفر مع اعتراف الحكومة بأنها تكافح لتوفير المأوى لعشرات الآلاف من المشردين. وارتفعت حصيلة القتلى أمس إلى 461 قتيلا مع توقع ارتفاع الحصيلة ساعة بساعة مع تواصل عمليات الإنقاذ. وتصاعدت الشكاوى من تباطؤ جهود الإغاثة، وسابقت السلطات الزمن لتوفير ملاذ لمن باتوا بلا مأوى مع توقع هطول ثلوج في المنطقة. وشهدت فرق الإنقاذ معجزة أخرى أمس بإخراج امرأة (27عاما) حية من بين انقاض منزلها في بلدة أرجيس شرقي البلاد التي كانت الأشد تضررا من الزلزال الذي ضرب المنطقة الأحد الماضي. فقد تم نقل المعلمة غوزدي بهار على الفور إلى المستشفى بعد أن ظلت محاصرة تحت الأنقاض طيلة 66 ساعة لكنها أصيبت بأزمة قلبية شديدة أثناء نقلها إلى المستشفى وتمكن الأطباء من إنعاشها. غير أن إنقاذ غوزدي كان بارقة أمل وسط كثير من الألم حيث توافدت أكياس نقل الجثث. والمحصلة الرسمية الأخيرة حددت مقتل 461 شخصا غير أن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر قدر أن “المئات ، وربما الآلاف” مازالوا محاصرين تحت الأنقاض. ومع تراجع الآمال بالعثور على ناجين تعالت شكاوى الذين وجدوا أنفسهم في العراء. فقد تعالت الصيحات بين الحشود التي علمت أن هيئة الحكم المحلي توقفت عن توزيع الخيام وتركت المسؤولية على عاتق عمداء القرى. وقال اردال بيرام وهو عامل بناء في التاسعة والعشرين من عمره “أمس انتظرت هنا حتى منتصف الليل ولم أتلق شيئا.. عاودت المجيء في الثالثة صباحا ومنذ ذلك الحين وأنا انتظر والآن قالوا إن التوزيع انتهى!”. وتابع “احتاج خيمة لي ولوالدي. صنعنا بأنفسنا ما يمكننا لنستظل تحته وننام ولكن السماء أمطرت الليلة قبل الماضية والرياح هبت”. من جانبه اعرب حسن اديمم وهو مدرس في الحادية والثلاثين من عمره عن القلق من أن عمداء القرى لن يولوا اهتماما لمن هم بحاجة للمأوى. وقال اديمم “إنهم الآن يحيلون المسؤولية على عمداء القرية ولكني متأكد أنهم سيعطون الخيام لذويهم”. وتعين على السكان المحليين أمس الأول الانتظار في طابور امتد مئات الأمتار خارج مكتب حاكم المنطقة قبل تلقي إمدادات وزعتها الشرطة العسكرية. وبينما رفضت الحكومة التركية في بداية الأمر المساعدات الخارجية عادت فعدلت عن موقفها في وقت متأخر أمس الأول، وقبلت حتى بتلقي مساعدات من إسرائيل. وقالت صحيفة ميليات اليومية نقلا عن نائب رئيس الوزراء بشير اتالاي “لم نكن نتوقع هذا الطلب الهائل على الخيام”. وتابع اتالاي قائلا”حينما يطلب الناس خياما لمئة ألف منزل فليس بإمكاننا أن نوفر هذا الطلب”. وصرحت وزارة الخارجية الإسرائيلية بأنها تلقت طلبا لتقديم المساعدة رغم التردي الذي شهدته العلاقات التركية الإسرائيلية مؤخرا. ولم تتلق بعض القرى النائية في إقليم فان الأكثر تضررا سوى أقل المساعدات حتى الآن. ففي قرية غوفتشيلي قال السكان انه تعين عليهم انتشال جثث ذويهم بأنفسهم. وقال أحد سكان القرية ويدعى أحمد ياين “تعين علينا أن نقوم بذلك بما تيسر لنا من معاول وغيره”. وبينما قدم الهلال الأحمر بعض الخيام إلا أن المطلوب كان أكثر بكثير. وقال عبد العزيز ياتكين “نحن أسرة من 12 فردا ولم نحصل سوى على خيمة واحدة ، والخيمة لا تتسع لأكثر من خمسة”. وتحلق السكان حول النيران التي تم إشعالها للتدفئة أمس ، بينما توقعت الأرصاد الجوية هطول ثلوج في وقت لاحق أمس. لكن مسؤولا رفيعا في أجهزة الإنقاذ في فان قال “عملية البحث والإنقاذ في وسط فان انتهت الآن. وصلنا إلى قاع الأنقاض وانتهت الآن عمليات البحث في وسط فان”. وقال إن عمليات البحث في وسط البلدة شملت ستة مبان. وفي شارع رئيسي في فان سحب عمال الإنقاذ جثة امرأة في العشرينيات من تحت أنقاض مبنى من سبعة طوابق. وتعاني تركيا بصورة متكررة من الزلازل في مناطق عديدة منها بما فيها اقليم فان. ففي عام 1999 ضرب زلزالان قويان المناطق الشمالية الغربية الصناعية المكتظة بالسكان في تركيا ما خلف زهاء 20 ألف قتيل. واسفر زلزال قوي ضرب بلدة جالديران بإقليم فان عن مقتل 3840 شخصا عام 1976”.