عندما استبدل الهولندي تين هاج، مدرب مانشستر يونايتد، الأسطورة كريستيانو رونالدو في مباراة نيوكاسل، غضب رونالدو، ولم يكن ذلك غضبه الأول، لكنه كان الأخير، حيث صرح بأنه يشعر بالخيانة في يونايتد، وتقرر بعدها رحيله عن النادي الإنجليزي ليتوجه إلى السعودية لاعباً وقائداً لفريق النصر.
في تلك الأزمة وقف عالم كرة القدم بكل عناصره مع تين هاج باستثناء عشاق رونالدو وهي طبيعة في علاقة النجم بجمهوره، وعندما أخذ جوارديولا يصيح على دي بروين: «مرر.. مرر» وحدث خلاف بين الاثنين بين المدرب واللاعب ثم مضى الأمر كأنه لم يكن.
في قصة محمد صلاح ويورجن كلوب وقف العالم على قدميه، والواقع أن الخبر في العالم الغربي اختلف عن الخبر في العالم العربي، وفي العالم الأول دار النقاش حول الموقف، وفي عالمنا، دار النقاش عن ما وراء الموقف وما خلف الموقف وما بعد الموقف.
في برنامج «بي.بي.سي سبورت» تحدث الآن شيرر أحد أساطير الكرة الإنجليزية عن الخلاف، واعتبر أن محمد صلاح كان من حقه أن يغضب لاستبعاده من التشكيل الأساسي أمام وستهام، وقال شيرر لا نعرف ما دار، لكنني أتفهم غضب النجم المصري الذي سجل 17 هدفاً في 25 مباراة بالدوري. ومن المؤسف أن ينتهي الأمر بين صلاح وكلوب بهذه الطريقة. 
وعرضت وسائل الإعلام البريطانية تصريح صلاح: «إذا تحدثت فسوف تشتعل حريقة»، وتناولت الموقف وخلفياته، ومنها أن صلاح غاضب لعدم اللعب أساسياً، وأنه لم يقدم أفضل ما عنده بسبب الدفع به في غير مركزه من قبل كلوب في المباريات الأخيرة، وبرر المدرب الألماني ذلك بأن صلاح يمكنه أن يكون أفضل وأخطر في العمق.
في العالم العربي ناقش الأقلية جوهر الخلاف، وهنا أسجل موقفي الدائم، وهو أن المدرب قائد، وأي خلاف يكون محله غرفة الملابس، وهذا على الرغم من أنني أرى محمد صلاح لاعباً مبدعاً ورائعاً، ويملك مهارات خاصة، لكن من الأسف أن البعض الآخر ترك كل ما فعله صلاح، وأمسك في ركلات جزاء أضاعها أو في أهداف أهدرها، وبعضهم أمسك في مواقفه السياسية أيضاً، أما الطرف الآخر، فقد اعتبر كلوب هو من صنع محمد صلاح، وهذا ليس دقيقاً، لأن صلاح صنعته موهبته، وصنعه اللعب مع فريق كبير في أقوى مسابقة دوري، ومع مدرب كبير.
الطريف أن بعضهم رأى صلاح لاعباً فاشلاً، ورأى يورجن كلوب مدرباً فاشلاً، وهو أمر على النقيض تماماً من الرأي السابق نفسه لهؤلاء قبل ساعات فقط في كل من صلاح وكلوب، فهما من أساطير كرة القدم.. فماذا جرى هنا؟!
تحركت العواطف والمشاعر، وابتعد الجمهور والإعلام عن الموقف، وانفجرت الآراء التي كانت مكتومة، في كليهما، وبدا أننا في حلبة مصارعة أو ملاكمة، بين اثنين، أو طرفين، لكل طرف جمهوره، فأين مناقشة الموقف وأين المبدأ مما جرى؟
** إننا في أشد الحاجة لأن نحب وننتقد، وأن نشجع وننتقد، علينا أيضاً أن نتعلم عدم بناء الرأي أو التحليل على النتيجة، وإنما على المستوى وعلى الرؤية الدقيقة لما يجري في الملعب بغض النظر عن الفوز والهزيمة.. وهذا فارق بين المشجع وبين المحلل.