الخميس 16 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

علي يوسف السعد يكتب: سرديات حزينة.. لمُدن تبددت

علي يوسف السعد يكتب: سرديات حزينة.. لمُدن تبددت
30 ابريل 2024 01:01

في زوايا مختلفة من العالم، هناك أماكن كانت ذات يوم تنبض بالحياة والنشاط، تحكي قصصاً عن ماضٍ عريق وتراث ثقافي غني، كانت هذه الأماكن موطناً لحضارات مزدهرة ووجهات سياحية تجذب الزوار من كل حدب وصوب، ولكن، دوام الحال من المحال، تلاشت بعض هذه الدول والمدن من الخرائط، تاركةً وراءها سرديات حزينة عن أمجاد تبددت وذكريات ضاعت في غياهب النسيان، عندما نسافر هذه الأيام يخبرنا البعض قصصاً عديدة عن هذه المدن التي تبقت آثارها شاهدة على ما كان في يوم من الأيام.
إحدى هذه القصص هي قصة مدينة «بترا» الأثرية في الأردن، التي كانت في يوم من الأيام عاصمة للإمبراطورية النبطية المزدهرة، بنيت هذه المدينة العجيبة بأكملها من الصخر الوردي، وكانت تعج بالتجار والسياح الذين يأتون للتعجب من جمالها وروعة هندستها، ومع مرور الزمن، تُركت بترا لتصبح أطلالاً تحكي قصة حضارة كانت هنا، ثم اختفت، وعادت الآن كمنطقة للآثار والسياح.
كذلك، يُروى عن مدينة «آيت-بن-حدو» في المغرب - التي صُنِّف قصرها كتراث عالمي من طرف اليونسكو سنة 1987- التي كانت محطة تجارية مهمة على طريق القوافل بين الصحراء الكبرى ومراكش.. اليوم، تقف هذه المدينة كصورة شاحبة لماضيها العظيم، مع أبنيتها الطينية التي تتحدى عوامل الزمن، مخلفةً وراءها شعوراً بالحزن على عالم ضائع.
في الجانب الآخر من العالم، كانت هناك مدينة «بومبي» الإيطالية، التي دُفنت تحت رماد بركان فيزوف عام 79 ميلادية، كانت بومبي مدينة مزدهرة تضج بالحياة، حيث كانت الشوارع تعج بالناس والأسواق تمتلئ بالبضائع من كل فج عميق، ولكن في لحظة، تحولت إلى مدينة أشباح، تحتفظ بلحظاتها الأخيرة على وجوه من دفنهم البركان بحممه المؤلمة.
ومن الأمثلة الأخرى التي تثير الأسى، مدينة «تشيرنوبيل» في أوكرانيا، التي شهدت واحدة من أسوأ الكوارث النووية في التاريخ، كانت يوماً مدينة نابضة بالحياة، حتى أصبحت منطقة محظورة، تركت خلفها قصصاً عن عائلات تفرّقت وأحلام دُمرت، كان لي زيارة لها، ورأيت العجب من مدينة كانت مثالاً للتقدم والتطور، إلى أشلاء تجوبها الأشباح المصابة بآثار الإشعاعات، زرتها بنفسي ورأيت ما آلت إليه بعد أن كانت مدينة للأحلام، أصبحت مدينة مشعة مخيفة.
جزيرة هاشيما (جزيرة السفينة الحربية) في اليابان، كانت هذه الجزيرة تعج بالحياة في القرن العشرين بفضل مناجم الفحم التي جذبت العديد من العمال وأسرهم، لكنها أُهملت وتُركت خالية تماماً بعد إغلاق المناجم في السبعينيات، اليوم، تقف الأبنية المتهالكة شاهدة على ماضٍ مزدهر تلاشى مع الزمن.
«ديرينكويو»، تركيا، مدينة تحت الأرض عميقة في قلب كابادوكيا، كانت ملجأ للسكان المحليين للهروب من الغزوات عبر التاريخ، على الرغم من أنها لا تزال قائمة، إلا أن الحياة فيها توقفت، وتحولت الآن إلى موقع أثري يزوره السياح للتعجب من هندسة الماضي.
وهناك «سان جوان بارانجاي»، الفلبين، وكانت تعرف بـ «لا فينيزيا الصغيرة» بسبب قنوات المياه الجميلة التي تغمرها، فقد تعرضت للدمار الشديد خلال إعصار هايان في عام 2013، مما ترك الكثير من بنيتها التحتية في حالة خراب.
في ختام رحلتنا عبر هذه المحطات، تبقى الأماكن السياحية التي ابتلعتها الكوارث الطبيعية محفورة في ذاكرتنا، وتظل عنصر جذب مهماً للمكتشفين والرحالة، فهل أنت منهم؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©