أثارت سلسلة من القيود الأوروبية على السفر أُعلن عنها يوم الأحد الماضي على خلفية مخاوف بشأن سلالة جديدة سريعة الانتشار من فيروس كورونا الفضولَ والقلق من إمكانية أن تُصيب السلالة الجديدة الأميركيين. 
فبعدما أعلن المسؤولون في المملكة المتحدة أن السلالة الجديدة التي تم تحديدها هناك لأول مرة، تنتشر بشكل أسرع بـ70 في المئة من الأنواع الأخرى، ازدادت عمليات البحث عن هذه السلالة على محرك «جوجل». ويقول خبراء الصحة العامة الأميركيون ومسؤولون فيدراليون إنه على الرغم من أنه يبدو أن السلالة الجديدة قد تكون معدية أكثر، إلا أنها ليست أكثر خطورة من الأنواع الأخرى المرصودة في الولايات المتحدة. 
وقال الأميرال «بريت جيروار»، المكلف بعمليات الاختبار الأميركية، للإعلامي جورج ستيفانوبولوس على برنامج «ذيس ويك» (هذا الأسبوع) على قناة «إي بي سي»: «أعتقد أنه ينبغي ألا يكون هناك أي داع للقلق في الوقت الحالي». 
ظهور سلالات جديدة للفيروس ليس بالشيء الجديد، ويقول خبراء إن فيروس كورونا المستجد لا يشهد طفرات كثيرة مثل الإنفلوانزا، ما يعني أنه من غير المرجح الحاجة لتطوير لقاح كل سنة من أجل مواكبة السلالات الجديدة.
غير أن الكثير حول هذا الشكل الجديد يظل مجهولاً، مثل ما إن كان سلالة جديدة – أي نسخة مختلفة وظيفياً من الفيروس. 
«إن الرسالة الرئيسية في الوقت الراهن هي أننا في حاجة للحصول على معلومات أكثر»، حسب «كروتيكا كوبالي»، المختصة في الأمراض المعدية بالجامعة الطبية لكارولاينا الجنوبية، مضيفة: «وفي غضون ذلك، نحتاج جميعاً لمضاعفة تدابير صحتنا العامة حقاً – ارتداء الكمامات، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وتجنب التجمعات البشرية».
أين رُصدت السلالة الجديدة؟ في سبتمبر الماضي، اكتشف باحثون في المملكة المتحدة انتشار سلالة جديدة عندما جمعوا عيّنات من أشخاص مصابين في جنوب شرق إنجلترا. وبدا أنها تنتشر بسرعة. وقال «نيك لومان»، وهو أحد الباحثين وأستاذ علم الجينوم الميكروبي بجامعة برمنغهام لصحيفة «واشنطن بوست»: «هذه السلالة ظهرت بسرعة». ومنذ ذلك الوقت، حددت كل من أستراليا والدانمارك وهولندا حالات إصابة بالسلالة الجديدة من فيروس كورونا في بلدانها، كما قالت منظمة الصحة العالمية لهيئة الإذاعة البريطانية الـ«بي بي سي». ويوم الأحد الماضي أعلن مسؤولون إيطاليون أن مريضاً عاد من بريطانيا «خلال الأيام القليلة الماضية» يوجد قيد العزل بعد أن رصد علماء السلالة الجديدة. 
وفي جنوب أفريقيا، قال مسؤولو الصحة الأحد: إن نسخة من الفيروس مماثلة للسلالة الجديدة التي اكتشفت في المملكة المتحدة وُجدت في 80 في المئة إلى 90 في المئة من العيّنات التي حُللت منذ منتصف نوفمبر. 
هل السلالة الجديدة موجودة في الولايات المتحدة؟ الفيروس لم يُرصد في الولايات المتحدة، ولكن المسؤولين يوجدون في حالة ترقب تحسباً لأي تطورات في بريطانيا، كما قال «جيروار» لستيفانوبولوس. 
وعلى الرغم من أن الإرشادات الرسمية من الوكالات الفيدرالية تنصح الناس بعدم السفر إلى بريطانيا، إلا أن الولايات المتحدة لم تحظر السفر من هناك. 
وقال جيروار: «أعتقد أننا لسنا في حاجة لفعل ذلك حتى الآن». 
ولكن حاكم ولاية نيويورك آندرو كومو، «الديمقراطي»، أشار يوم الأحد الماضي إلى أن الأمر يتطلب رحلة جوية واحدة فقط إلى الولايات المتحدة لنشر السلالة الجديدة، داعياً المسؤولين الفيدراليين إلى تقييد السفر. وقال «كومو» في مكالمة هاتفية جماعية مع الصحفيين: «في الوقت الراهن، تصعد هذه السلالة الجديدة في المملكة المتحدة إلى الطائرة وتسافر إلى مطار جون إف. كينيدي». ولكن «كوبالي» حذرت من أنه لا يُعرف سوى القليل عن فعالية حظر على السفر، في إشارة إلى حالات تهافت فيها الناس على المطارات وتجمعوا في طوابير طويلة في محاولة للسفر قبل فرض قيود في وقت سابق من الوباء. 
كما أنه من غير المؤكد تماماً ما إن كان الفيروس قد اكتسب موطئ قدم في جنوب شرق انجلترا بسبب تغير سماته الجينية أو من خلال حالات انتشار كبيرة للفيروس (سوبر سبريدر)، كما يقول سكوت غوتليب، وهو رئيس سابق لإدارة الغذاء والدواء الأميركية. 
وقال غوتليب على برنامج «فيس ذا نيشن» (واجه الأمة) الذي يبث على قناة «سي. بي. إس»: «يبدو أن هذه السلالة الجديدة معدية أكثر»، مضيفاً: «إنها لا تبدو أكثر انتشاراً، وأكثر خطورة من كوفيد العادي. ولكن السؤال التالي هو: هل تعيق مناعتنا الطبيعية؟».
هل ستكون اللقاحات المرخص لها فعالة مع ذلك ضد هذه السلالة الجديدة من الفيروس؟ 
يقول خبراء إنه ليس هناك أي مؤشر على أن السلالة الجديدة مقاومة للقاحي «فايزر» و«موديرنا»، اللذين رخصت لهما «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية. 
وقال«فيفيك مرثي»، المرشح من قبل الرئيس المنتخب جو بايدن لمنصب رئيس مصلحة الصحة العامة، للإعلاني «تشاك تود» في برنامج «ميت ذا برس» (واجه الصحافة): «ليس هناك أي سبب للاعتقاد بأن اللقاحات التي طُورت لن تكون فعالة ضد هذا الفيروس أيضا»، مضيفاً: «الخلاصة هي أنك إذا كنت في البيت وتسمع هذه الأخبار، فإنها لا تغيّر ما نقوم به بخصوص الاحتياطات». 
ورغم أن اللقاح يظل بعيداً عن متناول معظم الأميركيين، إلا أن اتباع الإرشادات مثل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات يظل الطريقة العملية الأولى لمنع انتشار العدوى.

*صحفية أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلوميبرج نيوز سيرفس»