منذ أن حل كوفيد-19 بالولايات المتحدة، عمل ما يقدر بنحو 5.2 مليون مهاجر بلا وثائق كعمال أساسيين. وعمل من بين هؤلاء 400 ألف في الزراعة و400 ألف في أعمال النظافة و300 ألف في تعبئة وتخزين وشحن البضائع الأساسية و100 ألف في الصحة المنزلية وكمساعدين في الرعاية الشخصية.

ويعمل نحو 29 ألفا من المتمتعين بمزايا برنامج «العمل المؤجل للوافدين الأطفال»- هم المهاجرون الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة دون وثائق هوية وهم أطفال- في الخطوط الأمامية كأطباء وممرضين وأفراد من الطواقم الطبية وطلاب يدرسون الطب. وهذه الجماعات كانت على قدر المسؤولية في كل مرة وأُشيد بها على نطاق واسع بسبب جهودها البطولية.

لكن رغم الفرصة التاريخية في تحقيق استقرار في حياة هؤلاء العمال والاعتراف بمساهماتهم، لا يوجد ما يشير إلى تحرك من السياسيين وخاصة من «الجمهوريين». ودار حوار بين الحزبين عن تقنين أوضاع البعض على الأقل من «الحالمين».

لكن في كل مرة يبدو فيه احتمال التوصل لاتفاق، يتراجع «الجمهوريون» من أعضاء مجلس الشيوخ. ومازالوا يرفضون حتى بعد أن حكم قاض اتحادي في الآونة الأخيرة بعدم قانونية التعديل الإداري الحالي لبرنامج «العمل المؤجل للوافدين الأطفال».

وهذا يوضح أكثر أن الحل الوحيد هو تشريع يقره الكونجرس لصالح الحالمين والأشخاص الذين يتمتعون بوضع الحماية المؤقتة والمهاجرين الآخرين من العمال الأساسيين وأسرهم. وكل هذا ينقلنا إلى الفرصة السانحة أمام الكونجرس، وهي التسوية في الموازنة. فهناك «قاعدة بيرد» التي تتضمن قائمة معايير يتعين الوفاء بها حتى يجري تضمين إجراء ما في تسوية الموازنة.

ومن أهم هذه المعايير أن يكون للإجراء تأثير على الإنفاق المباشر والمخصصات. والأمر في جوهره هو ألا يكون التأثير المتعلق بالميزانية لبند ما عرضيا على التأثيرات غير المتعلقة بالميزانية للبند. وهذا الشرط يتحقق في حالة التأثير المتعلق بالميزانية في تقنين قوة العمل الأساسية من العمال الذين بلا وثائق في البلاد.

ففي المدى القصير، يتمخض إصلاح الهجرة عن الحصول على رسوم كبيرة مقابل معالجة ملفات الهجرة والفصل فيها. وهذا يواكبه الحصول على أكثر من 39 مليار دولار سنويا بالإضافة إلى عائدات الضرائب الإضافية التي يجري جمعها نتيجة الحصول على الجنسية والفوائد الاقتصادية طويلة الأمد. ومن هذه الفوائد زيادة الأجور لكل العمال على امتداد البلاد. وشق طريق إلى الحصول على الجنسية سيكون له تأثير أساسي في الميزانية، وهو أساسي في النمو الاقتصادي طويل الأمد. وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها تضمين إجراءات خاصة بالهجرة في صفقة تسوية في الميزانية.

ففي عام 2005، أقر مجلس الشيوخ الذي كان يهيمين عليه «الجمهوريون» مشروع قانون للتسوية من الحزبين أصلح قانون الهجرة والجنسية ليعزز بشدة عدد تأشيرات المهاجرين. وهذه التأشيرات سمحت بتعديل الأوضاع إلى الإقامة الدائمة القانونية بطريقة تشبه ما قد يحققه قانون الحالمين وغيره من المقترحات المطروحة. والأميركيون يريدون أن يمهد الكونجرس طريقا قانونية للحصول على الجنسية لإبقاء الأسر آمنة دون تفريق شملها، وخاصة الذين ساهموا منهم كثيرا في اجتياز جائحة كوفيد-19 وفي التعافي الحالي.

وهناك تأييد شعبي للسماح للمهاجرين الذين يساهمون بالفعل في دعم أسرنا ومجتمعاتنا بأن يشقوا طريقاً إلى الحصول على الجنسية. فقد توصل استطلاع للرأي، أجراه في الآونة الأخيرة مركز «جلوبال استراتيجي جروب» ومؤسستي «جارين هارت يانج» و«إل. دي. انسايت» إلى أن غالبية كاسحة (79%) من الأميركيين يوافقون على تمهيد طريق للحصول على الجنسية للمهاجرين الذين بلا وثائق في مقابل (21%) يؤيدون ترحيلهم. وهذا التوجه سائد أيضاً وسط «الجمهوريين»، فقد بلغت نسبة «الجمهوريين» الذين يفضلون حصول المهاجرين على الجنسية 61% في مقابل 39% يريدون ترحيلهم.

وأشار استطلاع للرأي أجراه القائم بالاستطلاعات المخضرم «مات باريتو» إلى أن 71% من الناخبين يرون أن السياسيين يناقشون إصلاح الهجرة منذ 30 عاماً، لكن لم يتحقق شيء دائم، وأنهم يريدون رؤية شيء على أرض الواقع. ولا ينظر معظم الأميركيين إلى هذا الأمر باعتباره قضية حزبية. لكن «الجمهوريين» غير مستعدين للأسف للعمل بجد للعثور على حل لهذه المشكلة.

وإذا كان على «الديمقراطيين» المضي في الطريق وحدهم، فإنهم لن يفعلوا هذا لتحقيق قائمة أولويات سياسية ما، لكن لخير البلاد.


جانيت مورجويا* ووليام كريستول**ـ

*الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة «أونيدوس يو إس UnidosUS» للدفاع عن حقوق المهاجرين من أميركا اللاتينية. **مدير جماعة «الدفاع عن الديمقراطية معا».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»