تركز الهند بشكل متزايد على تعزيز العلاقات مع دول الخليج العربي وتوسيع علاقاتها بما يتجاوز التعاون التقليدي في مجال الطاقة.

وفي هذا الصدد، تعد المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة جزءاً مهماً من جهود التواصل الحاسمة التي تقوم بها نيودلهي.
ومع توطيد الهند لعلاقاتها مع العالم العربي، أصبحت العلاقات مع المملكة العربية السعودية موضع تركيز. وخلال الزيارة الرسمية التي قام بها ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان عبد العزيز، والتي استمرت يوماً واحداً بعد فترة وجيزة من انعقاد قمة مجموعة العشرين، وصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي المملكة العربية السعودية بأنها واحدة من أهم شركاء الهند الاستراتيجيين وذكر أنهما باعتبارهما دولتين كبيرتين ومن الاقتصادات سريعة النمو في العالم، فإن «التعاون المتبادل بين البلدين سيكون مفيداً للمنطقة بأكملها».
ترأس رئيس الوزراء الهندي وولي العهد السعودي الاجتماع الأول لمجلس الشراكة الاستراتيجية بين الهند والمملكة العربية السعودية الذي تأسس في عام 2019. وقد ساعدت هذه الزيارة الرسمية التي قام بها ولي العهد إلى الهند في تعزيز العلاقة من خلال تعميق التعاون في عدد من المجالات.

ووقع الجانبان ثماني اتفاقيات، شملت تطوير شراكة الطاقة الهيدروكربونية لتصبح شراكة شاملة في مجال الطاقة المتجددة والبترولية والاحتياطيات الاستراتيجية. كما قررا إنشاء فريق عمل مشترك لتسريع مشروع مصفاة الساحل الغربي، والذي سيكون أول وأكبر مشروع مصفاة جديدة في الهند بطاقة إنتاجية تبلغ 60 مليون طن سنوياً، وستكون أكبر مصفاة متكاملة ومصنع للبتروكيماويات في العالم.
تسعى الهند إلى جذب الاستثمار الأجنبي إلى مختلف القطاعات حتى في الوقت الذي تعمل فيه جاهدة على دفع النمو والتنمية في البلاد. تعد الهند واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم وفقاً لصندوق النقد الدولي. وسيلعب الاستثمار السعودي دوراً مهماً في مساعدة الهند محلياً، وفي الوقت نفسه تعميق الروابط التجارية مع المملكة العربية السعودية. كما ناقش الجانبان خلال اجتماعات المجلس إمكانية التداول بالعملات المحلية وقررا تسريع المفاوضات الخاصة باتفاقية التجارة الحرة بين الهند ومجلس التعاون الخليجي، الذي تعد المملكة العربية السعودية عضواً فيه.
في العقدين الأخيرين اكتسبت العلاقات زخماً حقيقياً حتى مع تركيز الهند بشكل متزايد على تعميق العلاقات مع دول الخليج، التي تشمل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى مجموعة من الدول الأخرى.
وتنامت العلاقات عندما زار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الهند في فبراير 2019 وأخذ هذا الزخم إلى أبعد من ذلك. وفي ذلك الوقت، تم الإعلان عن أن السعودية ستستثمر 100 مليار دولار في الهند. وانضمت المملكة العربية السعودية أيضاً إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية، الذي أطلقه رئيس الوزراء مودي. ظلت الزيارات رفيعة المستوى من أبرز معالم العلاقة ودفعت العلاقات إلى مستويات أعلى. وفي عام 2019، زار رئيس الوزراء ناريندرا مودي الرياض للمرة الثانية، وخلال تلك الزيارة تم التوقيع على اتفاقية مجلس الشراكة الاستراتيجية، التي تم بموجبها إنشاء مجلس رفيع المستوى لتوجيه العلاقات الهندية السعودية. وفي إطار مجلس الشراكة الاستراتيجية، يناقش البلدان مجموعة كاملة من القضايا بما في ذلك التعاون السياسي والأمني والاجتماعي والثقافي وأيضاً في مجالات الاقتصاد والاستثمارات.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي