السلطات المختصة في دولة الإمارات أعلنت قيام المدانين في قضية تنظيم «الإخوان» بإخفاء أدلة تؤكد ضلوعهم في القضايا الأمنية المدانين فيها، وهذا ليس بالأمر الغريب على أعضاء هذا التنظيم، وهذه الجماعة، سواء على المستوى المحلي أو العربي الإقليمي، فهم معروف عنهم العمل في السر والخفاء يعكسون فكراً باطنياً قائماً على الإرهاب والجريمة المنظمة التي ترتكب في جنح الظلام. والمحير في الأمر أن يتم ذلك في مجتمع آمن ينعم أهله برخاء وسلام وطمأنينة تحسده عليها شعوب العالم. وفي ما يبدو أن هؤلاء لا يريدون لشعب الإمارات أن يستمر سائراً قدماً في دروب التنمية، وفي العيش بسلام وأمن وطمأنينة، وكأنهم يقولون له بأن ما تعيشون فيه هو كثير عليكم، ومهمتنا هي تخريبه. ويتم ذلك تحت غطاء سميك من التستر بالرغبة في الإصلاح ظاهرياً، في حين أن الحقيقة تكمن في مكان آخر قوامه السعي للوصول إلى السلطة التي هي المفتاح للوصول إلى الثروة. جوهر الفكر «الإخواني» يكمن في هذه الحقيقة، كما وردت منذ البداية في فكر مؤسس التنظيم حسن البنا، ووجدت لها تكراراً وصدى في طروحات كل من أتوا بعده من قادتها ومفكريها إلى يومنا هذا، في جميع أنحاء العالم العربي، من الخليج العربي إلى بلاد المغرب العربي. هذه الرغبة الجامحة في الوصول إلى السلطة والثروة مدفونة ضمن شعارات براقة، لكن لو تمعنا بعمق في طبيعة المسعى التغلغلي للإخوان في مفاصل المجتمعات التي يوجدون فيها - خاصة في النظام التعليمي - لوجدنا بأن المسألة تختلف عن ذلك جذرياً. ما يقوم به «الإخوان» هو السعي الدؤوب لإيصال قادتهم إلى مراكز السلطة السياسية، ثم بعد ذلك تمكين أعضاء الجماعة من مفاصل الدولة كافة، للهيمنة عليها، وعلى المجتمع بمقدراته الاقتصادية والمالية كافة. هذا السعي إلى السلطة يتم عن طريق رفع شعارات بأن الجماعة في فكرها هي رد فعل على التغريب، ونزع ثقافة المجتمع من قبل الغرباء. إن القاعدة الاجتماعية للإخوان هم أفراد الفئات الاجتماعية الوسطى فما دون من المجتمع كوادر، بالإضافة إلى أفراد متعاطفين من الفئات العليا كممولين وداعمين مالياً. هذه الفئات هي العاكس لطموحات المتعلمين والمثقفين والأطباء والمهندسين والمهنيين وموظفي الدولة الصغار والتجار. في العديد من الدول العربية هؤلاء أعدادهم ضخمة، وتمتد إلى القاعدة العريضة من المجتمع إلى أن تصل إلى العمال والزراع، ورجل الشارع من البسطاء. من تجارب مصر وتونس منذ عام 2011 يتضح بأن «الإخوان» لديهم القدرة على خداع الفئات الاجتماعية الدنيا والوسطى، وتحت ظروف معينة هم يستطيعون تحريكهم للذهاب للتصويت لهم في الانتخابات، خاصة فقراء المدن الذين يبحثون عن حياة أفضل. لذلك فإن «الإخوان» لديهم إمكانية بناء الخلايا السرية والعمل في دهاليز الظلام، وتنظيم الجماهير وبغض النظر عن ذلك هم أصحاب أيديولوجية ضيقة، ونخبويون محبون لأنفسهم يسعون إلى ما يسمونه «إصلاح» لخدمة مصالحهم، وهم متجاهلون لجميع الحركات الأخرى التي لا تخضع لقادتهم حتى وإنْ رفعت شعارات مماثلة لشعاراتهم. وهم يسعون إلى الاستيلاء على السلطة كأداة لتحقيق مصالحهم الذاتية، وسائلهم في ذلك تتراوح ما بين الإمساك بها من الداخل إلى العنف والإرهاب والانقلاب. لكن الهدف يبقى ذاته. وعليه، فإنهم ينتعشون عندما تكون البدائل الأخرى في المجتمع ضعيفة أو غائبة. في ظل تلك الظروف يصبحون قادرين على الخداع والتضليل ورفع الشعارات الدينية بطرق تصورها وكأنها أيديولوجية محلية تخدم مصالح العامة. *كاتب إماراتي