في الأسبوع الماضي، صوَّت الموظفون في مصنع «فولكس فاجن» في تشاتانوجا بولاية تينيسي بأغلبية 3 إلى 1 تقريباً للانضمام إلى اتحاد عمال السيارات. وبالأرقام، لم تكن هذه مشكلة كبيرة: فقد شملت بضعة آلاف فقط من العمال في اقتصاد يوظف ما يقرب من 160 مليون شخص. لكنه كان نصراً رمزياً مهماً للحركة العمالية التي لم تحقق أي تقدم كبير في الجنوب حتى في أوجها.
وليس من السخافة أن نتخيل أن المؤرخين سينظرون ذات يوم إلى التصويت في تشاتانوجا باعتباره علامةً فارقةً على طريق العودة إلى حد ما إلى مجتمع الطبقة المتوسطة الذي كانت عليه أميركا في السابق.
وبطبيعة الحال، لم نكن أبداً مناصرين للمساواة التامة، وحتى خلال عصر الرخاء المشترك على نطاق واسع، الذي أعقب الحرب العالمية الثانية، كان العديد من الأميركيين، وخاصة الملونين، فقراء، وكان عدد قليل منهم من الأثرياء. لكن من حيث الدخل والثروة، كنا أمة أقل تفاوتاً بكثير مما نحن عليه الآن. يمكنك إحصاء هذا القوس باستخدام مقاييس إحصائية، مثل معامل جيني (معامل جيني من المقاييس الهامة والأكثر شيوعاً في قياس عدالة توزيع الدخل القومي) أو نسبة الدخل من الأعلى إلى الأسفل. وباعتباري شخصاً نشأ في تلك الحقبة، أستطيع أيضاً أن أشهد أن أميركا كانت تشعر وكأنها مكان يعيش فيه معظم الناس في نفس العالم المادي تقريباً. وبالتأكيد لا أشعر بهذا الآن.
المشكلة هي أن المجتمع المتساوي نسبياً لم يتطور تدريجياً. وكما أوضحت «كلوديا جولدن» التي حصلت على جائزة نوبل في الاقتصاد العام الماضي و«روبرت مارجو»، أستاذ الاقتصاد في جامعة بوسطن، في بحث شهير صدر عام 1992 بعنوان «الضغط العظيم»، فإن هيكل الأجور المتساوي نسبياً في فترة ما بعد الحرب ظهر فجأة في أربعينيات القرن العشرين. وكانت الضوابط على الأجور والأسعار في زمن الحرب بمثابة قوة معادلة، لكن المساواة الجديدة استمرت لعقود من الزمن بعد إزالة تلك الضوابط.
وكان التفسير الأكثر ترجيحاً للتحرك المفاجئ والمستمر نحو المساواة النسبية هو شيء آخر كان مفاجئاً، لكنه مستمر: صعود النقابات العمالية، التي كانت تمثل في أواخر الأربعينيات أكثر من 30% من العمال الأميركيين، وظلت قوية حتى الثمانينيات. وكانت النقابات القوية بمثابة قوة من أجل المساواة، لأنها كانت بمثابة عامل توازن لكل من القوة السوقية للشركات الكبرى والقوة السياسية للأموال الطائلة. وربما كان انحدار النقابات، التي كانت ما تزال تمثل نحو ربع العمال في عام 1980، لكنها سقطت بعد ذلك إلى الهاوية، عاملاً رئيسياً في ظهور العصر الذهبي الجديد الذي نعيش فيه الآن.
لماذا تراجعت النقابات؟ من المغري أن نفترض أن تقلصها كان حتمياً في مواجهة المنافسة العالمية وانخفاض حصة التصنيع، معقلها التقليدي، في تشغيل العمالة. لكن الاقتصادات المتقدمة الأخرى ما تزال لديها نقابات قوية، ففي الدنمارك والسويد، على سبيل المثال، يعتبر نحو ثلثي العمال أعضاء في النقابات.
إذن ماذا حدث في أميركا؟ التفسير الأكثر منطقية هو أنه بدءاً من السبعينيات، أصبح أصحاب العمل عدوانيين للغاية في مكافحة جهود النقابات، وتم تمكينهم من القيام بذلك من خلال المناخ السياسي، وخاصة بعد انتخاب رونالد ريجان عام 1980، حيث كان «الجمهوريون» معادين للعمل المنظم، في حين كان دعم «الديمقراطيين» ضعيفاً في أحسن الأحوال.
وتم تفكيك بعض النقابات القائمة، وأشهرها نقابات مراقبي الحركة الجوية. والأهم من ذلك أن النقابات لم تنتشر مع تحول أميركا على نحو متزايد إلى اقتصاد الخدمات. لم يكن هناك، ولا يوجد، سبب اقتصادي أساسي يمنع أصحاب العمل الكبار مثل «وول مارت» أو «أمازون» من الانضمام إلى النقابات. لكنهم أصبحوا عمالقة في عصر حيث كان أصحاب العمل أحراراً فعلياً في بذل كل ما بوسعهم لعرقلة، وفي بعض الحالات، اضطهاد قادة النقابات.
وهو ما يقودنا إلى اللحظة الحالية، والتي قد تكون نقطة انعطاف. ففي الوقت الحالي، هناك قوتان تعززان موقف العمال التفاوضي. الأولى هي سوق العمل المحدود: فقد شهدنا للتو أطولَ فترة بلغت فيها نسبة البطالة أقل من 4% منذ الستينيات. ربما يكون سوق العمل المحدود هذا هو السبب الرئيسي وراء ما شهدناه من «ضغط غير متوقع» للأجور في السنوات الأخيرة، مع ارتفاع الدخول بشكل أسرع بكثير في الأجور المتدنية مقارنةً بالأجور الأعلى.
والثانية هي التحول في المناخ السياسي. يمكن القول، إن الرئيس جو بايدن، الذي انضم إلى خط اعتصام أعضاء نقابة «عمال السيارات المتحدين» UAW في ميتشيجان في سبتمبر الماضي، هو الرئيس الأكثر تأييداً للعمال منذ «هاري ترومان». وهذا ينطوي على أكثر من مجرد إيماءات. فمؤخراً، على سبيل المثال، أصدرت لجنة التجارة الفيدرالية حظراً على معظم البنود غير التنافسية، التي تمنع موظفي الشركة من الحصول على وظائف في الشركات المنافسة، وتغطي مثل هذه البنود ما يقرب من 30 مليون عامل، وكانت بمثابة قوة رئيسية للحد من المنافسة في سوق العمل.
هناك سبب إذن وراء حصول بايدن على تأييد مبكر وحماسي من النقابات الكبرى، بما في ذلك نقابة «عمال السيارات المتحدين» في يناير الماضي، وهذا الأسبوع من نقابات عمال البناء التي تمثل حوالي 3 ملايين عامل.
لكن هل تشهد العمالة الأميركية منعطفاً حقيقياً؟ لسوء الحظ، من السهل أن نرى كيف يمكن عكس التقدم الذي تم إحرازه مؤخراً. لسبب واحد، قد لا يستمر سوق العمل المحدود هذا. لقد تجاهل اقتصاد بايدن كل تلك التوقعات الواثقة بشأن الركود، لكن هذا لن يكون هو الحال دائماً.
ومن الممكن أن يخسر بايدن بالطبع في نوفمبر القادم، وعلى الرغم من أن ترامب يصور نفسه على أنه شعبوي، فإن سجله يظهِر أنه مناهض للنقابات.
لذا لن نعرف لبعض الوقت ما إذا كانت الأمور تبشر بالخير بالفعل بالنسبة للعمال الأميركيين.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»