تتحول الصين بسرعة نحو نمط الاقتصاد الاستهلاكي الوفير، حيث تزداد طبقة الأثرياء ورجال الأعمال الناجحين فيها بوتيرة عالية، لكن هذا لم يمنع من بروز ظاهرة معاكسة تتمثل في جيل جديد من المهنيين الشباب الذين يحرصون على تقليل إنفاقهم إلى الحد الأدنى، وهو ميل تستجيب له المقاصف المجتمعية التي تقدم أطباق طعام رخيصة الثمن. وفي هذه الصورة من داخل أحد المقاصف المجتمعية في مدينة شنغهاي، درة الاقتصاد الصيني المعولم، نرى أشخاصاً يتناولون مخفَّضة السعر. 
بعض الناس في شنغهاي يجدون الراحة في المراكز المجتمعية المدعومة التي كانت في الغالب لخدمة كبار السن، لكنها الآن تجتذب حشوداً أصغر سناً. فالوجبات فيها وفيرة وبأسعار رخيصة. وعلى غرار مطابخ الحساء، تتم إدارة المقاصف من قبل القطاع الخاص، لكنها مدعومة من الحكومة الصينية لتلبية احتياجات كبار السن من السكان الذين يعانون الضعف بحيث لا يستطيعون الطهي، لذا فهي تقدم لهم وجبات مخفضة مع خدمة التوصيل.
وفي هذا المقصف الذي هو جزء من مركز مجتمعي للحفلات يضم ثلاثة طوابق، وتم افتتاحه في مايو الماضي، يتجمع الجيران وعمال المتاجر والمكاتب الصغيرة القريبة لتناول طعام الغداء والعشاء، وقبل ذلك يجري وضع طاولات الطعام القابلة للطي والكراسي البلاستيكية بسرعة، وتمتد إلى مدخل المبنى لاستيعاب الأعداد الكبيرة من «البطون الجائعة». 
وتعود المقاصف المجتمعية إلى فترة «القفزة العظيمة للأمام» التي أطلقها الزعيم ماو تسي تونج في أواخر الخمسينيات، عندما استبدل الحزبُ الشيوعي الصيني المطاعمَ الخاصة بمقاصف جماعية. وفي الآونة الأخيرة، ظهرت المقاصف المجتمعية كجزء من مبادرة أوسع للرعاية الاجتماعية بغية تحسين الخدمات الغذائية للسكان الذين يتقدمون في السن بسرعة. وهناك الآن 6000 مقصف مجتمعي في جميع أنحاء البلاد. وفي شنغهاي وحدها، حيث يبلغ عمر ما يقرب من خُمُس السكان 65 عاماً فأكثر، يوجد أكثر من 305 مقاصف مجتمعية تحصل على إعفاءات ضريبية وعلى إيجار منخفض أو مجاني.
وأصبحت المقاصف في شنغهاي عنصراً هاماً بالنسبة للعمال الشباب أيضاً، بدافع العزوف عن الإنفاق الذي أصبح شائعاً بين أفراد الشعب الصيني، حيث يعتقد البعض حالياً أن «الشعور بالأمان يتحقق فقط حين يوفر المرءُ ما يكفي من المالَ»، وهو اعتقاد قد يتسبب في كساد اقتصادي، وهذا ما دفع كبار المسؤولين إلى التحدث بإلحاح حول تعزيز الثقة في الاقتصاد. (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)