سلطت جائحة «كوفيد-19» الضوء بشكل كبير على نقص الدعم للبنية التحتية للصحة العامة. فالوكالات الصحية المحلية وعلى مستوى الولاية مكلفة بحماية الجمهور، لكنها في كثير من الأحيان لا تملك الموظفين أو التمويل أو حتى البيانات الأساسية لاكتشاف حالات الطوارئ والاستجابة لها. وتتمتع المستشفيات وشركات التأمين بموارد أكبر، لكن حوافزها لا تتوافق دائماً مع هدف تحسين صحة السكان.
إليكم الأخبار الطيبة: أجبر فيروس كوفيد-19 مجال الصحة العامة وقطاع الرعاية الصحية على العمل نحو هدف مشترك يتمثل في منع الناس من الإصابة بالمرض إلى الحد الذي قد يربك المستشفيات. والآن، تحاول مجموعة من قادة الرعاية الصحية التحالف الصحي المشترك، الذي يمثل الأطباء والمستشفيات وشركات التأمين البناءَ على هذا التعاون من أجل إعداد المناطق بشكل أفضل لمواجهة التهديدات الصحية المستقبلية.
وقال «ديف تشوكشي»، رئيس التحالف، والذي شغل منصب مفوض الصحة في مدينة نيويورك خلال أسوأ فترات الوباء، في مقابلة صحفية، إنه وسط المأساة والمعاناة، رأى أنه من الممكن إقامة اتصالات عبر المناطق المنعزلة تاريخياً عن الصحة والنظام البيئي. وعلى سبيل المثال، كانت حملة التطعيم في مدينته تتطلب تنسيقاً يومياً بين إدارة الصحة والمستشفيات والعيادات وشركات التأمين.
وهو يخشى أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه من قبل مع انحسار الاهتمام بالأمراض المعدية. ومن خلال تسليط الضوء على النجاحات التي تحققت في جميع أنحاء البلاد، يهدف التحالف إلى جعل مثل هذا التعاون أمراً طبيعياً جديداً.
وربما كان المجال الأكثر أهميةً للتغيير الإيجابي هو تحسين جمع البيانات، وهو ما تجسد في الاتفاقيات الجديدة لتبادل المعلومات بين الكيانات العامة والخاصة. وفي دالاس، أدى اتفاق بين نظام مستشفيات رئيسي، وهو نظام باركلاند هيلث، وإدارة الصحة بالمقاطعة، إلى تمكين تبادل البيانات إلكترونياً لتحديد الأحياء الأكثر احتياجاً.
وخلال فترة انتشار فيروس كورونا، مكّن هذا العاملين في مجال الصحة العامة من تحديد المناطق التي تحتاج إلى الاختبارات واللقاحات أكثر من غيرها. والآن، تدعم نفس الاتفاقية استهداف أحياء محددة للحصول على خدمات مثل فحص ضغط الدم والحصول على الأطعمة المغذية.
وفي ولاية مينيسوتا، قرر أيضاً تحالف من الأنظمة الصحية مشاركة السجلات الصحية الإلكترونية لتسهيل الرعاية أثناء انتشار فيروس كورونا. ومنذ ذلك الحين قامت الكيانات بتكييف النظام للقيام بنفس الشيء فيما يتعلق بتعاطي المخدرات. وفي مقال نُشر مؤخراً في مجلة «الشؤون الصحية» الشهرية (هيلث أفيرز)، قام قادة هذه الأنظمة بتوضيح كيف يسمح تبادل المعلومات هذا بالتنبيهات في الوقت الحقيقي والتدخل المبكر للمساعدة في تقليل الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة.
وفي الوقت نفسه، في كاليفورنيا، اجتمع اتحاد واسع من المجموعات لتبادل البيانات ليس فقط بين المستشفيات ومجموعات الأطباء، ولكن أيضاً دور رعاية المسنين والمختبرات وشركات التأمين ضد العجز. وتعمل هذه الجهود على تحسين مراقبة مسببات الأمراض وإظهار الترابط بين الخدمات الصحية والاجتماعية.
وهناك تقدم كبير آخر يتمثل في أن العديد من المستشفيات قد تبنت دورها في بذل المزيد من الجهد للمجتمعات المحيطة بها. على سبيل المثال، أصدرت ولاية إنديانا، العام الماضي، قانوناً يوفر 225 مليون دولار لتمويل خدمات الصحة العامة الأساسية، والتزمت المستشفيات بالجهود من خلال تعيين قادة يعملون مع كل إدارة صحية في المقاطعة بشأن الأولويات المشتركة، مثل السمنة والأمومة ومعدل الوفيات بين الرضع.
وقد جلبت ولايات أخرى شركات التأمين إلى الحظيرة أيضاً. إحدى الطرق الحاسمة لمكافحة المعلومات الخاطئة حول اللقاحات هي إجراء محادثات فردية بين الأطباء ومرضاهم، لكن هذا يمكن أن يشكل عبئاً على المتخصصين في الرعاية الصحية، وهم الذين يتعرضون بالفعل لضغوط لرؤية العديد من المرضى. أخبرني تشوكشي أن وزارة الصحة في نيويورك عملت مع شركات التأمين لتعويض الأطباء عن الوقت الذي استغرقه إجراء هذه المحادثات. وأضاف تشوكشي: «في كثير من الأحيان، لا نفكر في الممولين، لكن هذا جزء مهم بشكل خاص من المعادلة لأن هذا هو المكان الذي تنشأ منه الكثير من الموارد». وأشار إلى الجهود الجارية لتقنين دور شركات التأمين في استجابات الصحة العامة، على سبيل المثال، لمشاركة اللقاحات التي تلقاها أعضاؤها مع إدارات الصحة المحلية.
ويدرك تشوكشي الانتقادات الموجهة بأن هذه الإجراءات ليست كافية تقريباً. والواقع أن بعض المناصرين يزعمون أن أي شيء أقل من الإصلاح الشامل لنظام الرعاية الصحية لا يعدو كونه مجرد ترقيع تافه.
صحيح أنه لا بد من بذل المزيد من الجهود لإعادة توجيه الولايات المتحدة نحو ثقافة الصحة العامة. لكنني أعتقد أيضاً أنه من المهم أن نشيد بالجهود التي تم تحقيقها بشق الأنفس والتي تفتخر بها المجتمعات في جميع أنحاء البلاد بحق. وقد اختارت هذه الكيانات، على حد تعبير تشوكشي، «العمل بدلاً من فقدان الذاكرة». وينبغي للآخرين أن يحذوا حذوها.

ليانا إس وين
أستاذة في كلية معهد ميلكن للصحة العامة بجامعة جورج واشنطن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»