تناولت دورة تدريبية مميزاتِ برنامج ChatGPT في كتابة التقارير والمقالات حول مختلف المواضيع والحقول المعرفية، وما إن انتهى العرض حتى أَبدِيتُ نقدي قائلاً: هذا يعتبر وسيلة نحو السرقة الأدبية Plagiarism، ومن بين الحضور مَن قالت لي مبتسمةً: لا تكون غريباً عنا نحن جيل Z.
تَكمنُ أهمية تصنيفات الأجيال عبر الحروف من X، Y، Z، بغض النظر عن صاحب المصطلح، في قبول الخبراء والمنظرين والمهتمين بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذه المصطلحات وانتشارها دولياً بين الأمم لقدرتها على وصف واقع اجتماعي وسياسي واقتصادي عريض. وبين هذه الحروف سنقارن بشكل رئيسي بين الجيلين X وZ.
يصنف الديمغرافيون جيل Z بأنهم مواليد ما بين عامي 1996 و2012، وبذلك يمثلون جيل الإنترنت والحياة الرقمية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، فعالمنا اليوم به أكثر من 21 مليار جهاز متصل بالإنترنت، وهو رقم يتجاوز أعداد البشر في العالم بأكثر من الضعفين والنصف. في حين تمثل شريحة X المواليد بين 1965 و1980، وبكل وضوح فإن جيل X يلتقي مع جيل Z في ظاهرة انخفاض الخصوبة، فأبناء جيل X عكسوا هبوطاً في معدلات المواليد بعد عقود طفرة المواليدBaby Boomer بعد الحرب العالمية الثانية، ويُعزى ذلك جزئياً إلى إدخال حبوب منع الحمل، والتي ظهرت لأول مرة في سوق الولايات المتحدة والدول الغربية أوائل الستينيات، كما أن جيل Z يعاني من قلة المواليد مع زيادة شريحة كبار السن، حيث سَجَلَ العالم في عام 2018 بأن زاد فيه عدد المسنين فوق سن 65 عن عدد الأطفال دون الخامسة. إلى جانب ذلك، اتصف الجيلان Xو Z في الكثير من الحالات بأنهم أبناء أسر تعمل وذات دخل مزدوج، مع ظاهرة اتساع حالة الطلاق، الأمر الذي خلق حيزاً من الوحدة والفراغ.
على سبيل المثال، أفراد الجيل X الذين عاشوا في شبة عزلة منزلية كانوا أمام أجهزة الألعاب والكمبيوتر والتلفاز والفيديو، ونتيجة لذلك، أصبحوا خبراء في التكنولوجيا. ومن الحلقات المتصلة بين الجيلين، بأنهما ما زالا مع جيل Y-المولود بين 1981 و1995 والمتصف بأنماط الجيلين- في بيئة عمل مشتركة رغم اختلاف القدرات التقنية والميول الثقافية. و«الثلاثة أجيال» في عولمة القضايا كالطاقة والبيئة والتنمية المستدامة وانتشار ظاهرة ومكافحة المخدرات واستمرار معضلة الفقر في بعض المجتمعات.
وتطول المقارنة، فجيل X الذين عاصروا نهاية الحرب الباردة مع سقوط جدار برلين 1989 وانهيار الاتحاد السوفييتي1991، ربما يشهدوا مع جيل Z وY سقوط نظرية «نهاية التاريخ» والتي قامت على تحول المنظومة الليبرالية الغربية بقيادة واشنطن من نظام فرعي في النظام الدولي إلى نظام معولم يستطيع تنظيم المجتمعات والنظام الدولي.
بعد هذه المقارنة، أليس حرياً بكَ عزيزي القارئ بأن تكتشف نفسك عبر أبجدية الأجيال المنطقية والواقعية بعيداً عن وهم عالم الأبراج في سماء الخيال!
*كاتب ومحلل سياسي