فيما يعكس مكانة دولة الإمارات المتميزة على الساحة الاقتصادية، وتواصُل ريادتها في استضافة الفعاليات الاقتصادية العالمية، جاءت استضافتها الدورة الثالثة عشرة من قمة AIM للاستثمار «ملتقى الاستثمار السنوي»، التي انطلقت الثلاثاء الماضي وتُختتم فعالياتُها اليوم الخميس، تحت شعار «التكيف مع تحول المشهد الاستثماري: تسخير إمكانات جديدة لتطوير التنمية الاقتصادية عالمياً». وتتضمن هذه الفعاليات مجموعةَ جلسات حوارية لنخبة من الخبراء والمتخصصين وبحضور عدد من صناع القرار والمستثمرين المحليين والعالميين، مما يعزز تبادل المعرفة والخبرات وتسليط الضوء على المستجدات في المشهد الاقتصادي العالمي، وبحث سبل الوصول إلى حلول مبتكرة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن القمة مبادرةٌ من مؤسسة AIM العالمية، وهي منظمة دولية مستقلة تستهدف تمكين الاقتصاد العالمي وتعزيز استراتيجيات الترويج الفعالة للاستثمار والإنتاجية الاقتصادية. وفي هذا العام، يناقش الملتقى العديدَ من القضايا المتعلقة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، كالابتكار والتكنولوجيا واضطرابات سلاسل التوريد، بهدف تبادل الأفكار والخروج بحلول عملية لمساعدة الشركات في التغلب على التحديات التي تواجهها، مع إلقاء الضوء على كيفية الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز معدلات مشاركة العملاء وولائهم، والآليات المبتكرة لإدارة سلاسل التوريد.
وتتمتع دولة الإمارات ببيئة أعمال جاذبة للاستثمار الأجنبي، إذ حققت قفزةً نوعية بمؤشر ثقة الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2024 الصادر عن شركة «كيرني»، حيث تقدم ترتيبها إلى المركز الثامن عالمياً في عام 2024 من المركز الثامن عشر في عام 2023، ما يعكس مكانتَها كواحدة من أفضل الوجهات الاستثمارية في العالم. وقد حصدت المرتبةَ الأولى عالمياً في 20 مؤشراً من مؤشرات ممكنات الجاهزية لفرص المستقبل، والمرتبة الـ23 عالمياً والأولى عربياً في اقتناص فرص قطاعات المستقبل بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة.
وتقدم دولة الإمارات حزمةَ حوافز لتشجيع الاستثمار الأجنبي ودعم ريادة الأعمال، ومنها السماح بتملّك الأجانب للشركات بحصص تبلغ 100% والاستثمار بأكثر من 2000 نشاط، ووجود 40 منطقة حرة لتأسيس الشركات، وعدم اشتراط حد أدنى لرأس المال للشركات ذات المسؤولية المحدودة، مع تطبيق نظام تأشيرة الإقامة الذهبية للمستثمرين ورواد الأعمال وأصحاب المواهب.
وقد حلت الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً في تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال (GEM) لعام 2023/2024، الصادر عن الرابطة العالمية لبحوث ريادة الأعمال بكلية لندن للأعمال، وذلك للعام الثالث على التوالي، ما يعكس مكانتَها كبيئة مثالية لبدء وممارسة الأعمال التجارية.
وضمن جهودها لجذب الاستثمار الأجنبي وتوسيع الشراكات التجارية والاستثمارية مع الأسواق الاستراتيجية، تمضي الإمارات قُدماً ببرنامجها للشراكات الاقتصادية الشاملة، الذي أطلقته في سبتمبر 2021، إذ وقّعت نحو 10 اتفاقيات مع دول في أربع قارات خلال الفترة (2021-2023)، ضمن مستهدفاتها لإبرام اتفاقيات مماثلة مع 103 دول تستحوذ على نحو 95% من التجارة العالمية، ما يسهم بزيادة ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2031 بما قيمته 41.7 مليار دولار، ونمو صادراتها بنسبة 33% إلى حوالي 100.3 مليار دولار، مع جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إليها في قطاعات متنوعة، بما يخدم جهودها للتنويع الاقتصادي والتحوُّل نحو نموذج اقتصادي قائم على المعرفة والابتكار.
وفي إطار ما سبق، تتطلع الدولة لجذب استثمارات بنحو 160 مليار دولار في قطاعات صناعة الفضاء والغذاء والزراعة والرعاية الصحية والنقل والطاقة المتجددة، فضلاً عن الفرص الواعدة للصناعة الوطنية لجذب الاستثمارات بمجالات الطيران والنقل والخدمات اللوجستية والصناعات البتروكيماوية، وذلك بما يتسق مع المبادئ الاقتصادية لدولة الإمارات للسنوات العشر المقبلة، التي أقرتها الحكومة في نوفمبر 2023، ومنها: اقتصاد منفتح على العالم بلا قيود، واستقطاب أفضل الكفاءات الاقتصادية، وبناء اقتصاد مستدام ومتوازن، والمحافظة على الموارد للأجيال القادمة، والتطوير المستمر للتشريعات الاقتصادية.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية