كتب توماس فريدمان مقالا بعنوان توسيع نادي الناتو جنوبا ، ونشر على هذه الصفحة يوم الاثنين الموافق 27 أكتوبر المنصرم، وفيه يحاول أن يثبت بأن التهديدات المستقبلية للحلف لن تأتيه من أي مكان آخر في العالم سوى الشرق الأوسط وأفغانستان· وأنه لكي يقوم الحلف بتأمين أوروبا، عليه أن يضيف أعضاء جددا مثل العراق ومصر وإسرائيل· وبالنسبة للعراق، يقول فريدمان انه حتى اذا ما قامت حكومة ديمقراطية هناك، فستكون مضطرة للاحتفاظ بقوات غربية كـ ضامن للديمقراطية ، وان انتشار تلك القوات سيكون أسهل فيما لو كان العراق عضوا في الناتو · وهنا يكشف فريدمان عن نظرة من صميم الثقافة الغربية (اليهودية المسيحية) التي تفترض على الدوام أن مجتمعاتنا في العالم العربي ليست مهيأة لإقامة حياة ديمقراطية، إذا ما أتيحت لها الفرصة· وهي الفكرة التي اقتبسها وأعاد إنتاجها مثقفو البلاط في معظم البلاد العربية·
ويشير فريدمان إلى أن العراق مع ذلك سيحتاج إلى جيش وطني متوسط القوة، لكن ما الغرض منه؟ يجيب بالقول: انه مواجهة إيران ! وهي إجابة من كاتب يهودي متحيز يحاول التعمية على حقيقة كبرى، وهي أن التناقض الأساسي والشامل، ليس ذلك الذي بين العراق وجارته المسلمة إيران، وإنما تناقضه الكلي الدائم هو مع إسرائيل· فهي التي ظلت طيلة السنوات السابقة، مستخدمة مراكز القوة والقرار الموالية لها في الولايات المتحدة، رأس الحربة السامة ضد العراق باعتباره خطرا مؤرقا يذكرها بأطياف السبي البابلي وعهود الازدهار والسيطرة التي كانت للمسلمين ذات يوم·
أما فيما يخص السبب الذي بموجبه يتعين على الناتو القيام بضم مصر إلى عضويته، فيقول فريدمان إنه قوتها البشرية · أي باعتبار أنه يمكنها أن تقدم رجالا يقاتلون في إطار مشروعات غزو أميركية في العالم· لذلك يقول إن إدخال الجنود المصريين إلى الناتو ··· سيضفي عليه الشخصية الإسلامية التي··· ستجعل من الأيسر بالنسبة له أن يقوم بمهام في أفغانستان والعراق !
لكن الأخطر من ذلك إجمالا هو ما ينقله فريدمان عن مسؤولي الناتو من قولهم إن مستقبلهم هو الاتجاه جنوبا ، وما ذلك إلا إشارة واضحة إلى غزوات واجتياحات أميركية قادمة في الأفق، فصدق فريدمان وخابت توقعاتنا الطيبة المتفائلة·
ماهر كلش ــ الموصل