اجتمعت الدورة الاستثنائية الثالثة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في مكة المكرمة يومي 7 و 8-12-2005 وقالت في بيانها الختامي إن تحقيق الأهداف المتوخاة لن يتأتى إلا من خلال الالتزام بالجدية والصدقية في العمل الإسلامي المشترك، وللانطلاق من رؤية جديدة للعالم الإسلامي، فنتعامل مع التحديات الدولية ومتغيراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يحفظ الأمة ومصالحها· وعلى ضوء هذا البيان تم وضع خطة العمل العشرية لمواجهة تحديات الأمة الإسلامية في القرن الـ ·21 وإذ يحدد مفهوم الأمن الوطني أو الإقليمي بأنه مجموعة الوسائل والقوى المادية والمعنوية التي تتوافر للأمة، بحيث تؤمن لها حماية كيانها ودعوتها من الأخطار الداخلية والخارجية التي تهددها، وهو مجموعة العناصر المادية والمعنوية التي تشكّل القوة الوطنية لدولة أو أمة، بحيث تؤمن للفرد والمجتمع السلام والاستقرار والأمن لتقدمها ونموها، فإنه استناداً إلى هذا المفهوم يمكننا أن نحدد أهداف السلام والأمن الوطنيين أو الاقليميين بالشكل التالي: 1- أمن الفرد فتتوافر الثقة بينه وبين الدولة التي عليها أن تعي مشكلاته ووسائل حمايته· 2- أمن المجتمع وذلك بفهم الأمة لمشكلات مجتمعاتها بغية أن تتخذ الأمة مواقف مشتركة تجاهها فتنصهر في مجتمع واحد ما أمكن ذلك·
3- أمن الأمة أو الإقليم وذلك بتوفير أمن الفرد والمجتمع أو الإقليم وذلك بتنمية وعي مجتمعات الأمة أو الإقليم· 4- أمن الأمة أو الإقليم بالتعامل مع تحديات القرن ،21 برؤية استراتيجية تخطط لمستقبل الأمة أو الإقليم وتواكب المتغيرات الدولية وتطوراتها وتستشرف المستقبل وترسم الخطوط العامة المرنة لإرادة جماعية وعمل إسلامي مشترك·
اجتمع القادة المسلمون استثنائياً في مكة بغية تحديد استراتيجية إسلامية تنحصر في المحاور التالية: 1- التضامن الإسلامي مع توفير كل ما يتطلبه هذا التضامن من وسائل ولو أدى ذلك إلى التنازل عن بعض المصالح بكيانه، لكي يتمكن من اللحاق بركب الحضارة· 3- العودة إلى سياسة مقاطعة إسرائيل، فتقطع الدول الإسلامية جميع علاقاتها الدبلوماسية والتجارية والإقتصادية، بالرغم من أن بعض الدول الإسلامية قد تشبه ببعض الدول العربية في إعادة العلاقات مع إسرائيل·
من المعروف أن كلاً من باكستان والهند وإسرائيل لم توقع بعد على معاهدتي حظر انتشار الأسلحة النووية وحظر التجارب النووية، وبذلك تحررت هذه الدول من أي مراقبة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية· وقبل أن تحصل باكستان والهند على السلاح النووي، وجه معظم دول العالم إلى إسرائيل نداءات لكي تلتزم بهاتين المعاهدتين· وبالرغم من هذه النداءات، ضربت بها إسرائيل عرض الحائط كعادتها، في حين احتلت الولايات المتحدة الأميركية العراق بحجة حيازته أسلحة التدمير الشامل واتصاله بتنظيم ''القاعدة'' ومن أجل ترسيخ إسرائيل عضواً أصيلاً في ''الشرق الأوسط الكبير'' ·
إن بناء المجتمع الإسلامي الحضاري لن يكون ممكناً إلا إذا حمته قوة رادعة تحمي استمرار تطوره· وإذا كان جورج بوش الأب استطاع في حربه الأولى (1990-1991) أن يحقق بعض مصالح الولايات المتحدة، فإن ابنه أكمل مشواره بالرغم من أنه لا يتمتع بما لدى أبيه من حنكة ودراية؛ فالتوسع والسيطرة هما هدفان للابن كما كانا للأب· ومن ثم شعر العالم الخارجي بهذه اللعبة الخطرة التي تلعبها الإدارة الإميركية الحالية، باعتمادها أسلوب التهديد و (محاور الشر) والتذرع بـ(محاربة الإرهاب) والأكاذيب لمحاربة كل من لا يستسيغ الإدارة الأميركية الحالية· إن اختيار جورج بوش الابن أفغانستان ثم العراق، لاحتلالهما، يعني وضع الصين والاتحاد الروسي وإيران وباكستان والهند ونفط بحر قزوين وغازه تحت سيطرته· وإذا كان جورج بوش الأب قد وضع بلاده المنتصرة على الاتحاد السوفييتي في أواخر القرن المنصرم في قمة الهرم العالمي، فإن ابنه بسبب طغيان الإدارة الصهيونية الحالية على قراراته سيؤلب دول العالم عليه حتى تجد الولايات المتحدة نفسها محاطة بالكراهية من كل جانب· وإذا كانت هذه القوة العظمى قد استطاعت احتلال العراق، فهذا لا يعني أنها مستعدة لأن تستغني عن خدمات إسرائيل، الشرطي الذي زرعته في منطقة الشرق الأوسط لخدمة مصالحها، ومنها المصالح النفطية·
والعالم الإسلامي يعيش في حالة (انعدام الوزن) فلا هو بقادر على فرض السلم على الكيان الصهيوني ولا هو بقادر على الحرب· إن القدس هي تجربة العالم الإسلامي ومحكه في حالة (انعدام الوزن) هذه·