انتهت القمة الخليجية التي عقدت في البحرين الأسبوع الماضي باتخاذ قرارات تخص الأمن الجماعي المشترك وتطوير القرارات الدفاعية، وكذلك إقرار الاتفاقية الأمنية بين دول المجلس بصيغتها المعدلة التي تنسجم مع متطلبات كل دولة وخصوصيتها. ولم يوضح البيان الختامي للقمة طبيعة الاتفاقيات الأمنية، هل هي دفاعية أم هجومية؟ والأهم من كل ذلك ما هي طبيعة الخطر الأمني القادم للمنطقة حسب مفهوم القادة؟ وهل المخاطر الأمنية القادمة ذات بعد داخلي أم خارجي؟ وكيف يمكن التعامل مع الخطر الداخلي؟ وهل المنظور الأمني فقط هو المطلوب لمعالجتها أم أن هناك حلولاً سياسية واجتماعية واقتصادية وقانونية ينبغي النظر إليها؟ وهل يمكن اعتبار المطالبات بالإصلاح السياسي والاقتصادي تهديدا أمنيا؟ ومن يتحمل مسؤولية تفشي ظاهرة التسيب وعدم الالتزام بالقوانين واللوائح، المجتمع أم دولة الرعاية؟ ومن المسؤول عن تفشي ظاهرة التطرف والغلو في الدين وظهور الإرهاب... هل هو المجتمع أم الأنظمة التي دأبت طوال الثلاثين عاماً الماضية على مهادنة وترضية تيارات الإسلام السياسي من «إخوان مسلمين» وسلفيين وغيرهم، من أجل التصدي للقوى الديمقراطية والليبرالية والقومية واليسارية في بلدان الخليج، والتي كانت تطالب بالإصلاحات المدنية لتفادي العنف المجتمعي؟ اليوم تجد دول الخليج نفسها في مواجهة جماعات الإسلام السياسي في بلدانها بعد «الربيع العربي»، لا تعرف كيف تتعامل مع هذا «الغول» الذي تركته يتلاعب في مناهج التعليم وسلّمته وزارات الأوقاف. لا نعرف حتى الآن ما هي تصورات دول المجلس للمخاطر الخارجية القادمة للمنطقة. بيان القمة ركّز على الخطر الإيراني وتزايد التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج. لا يوجد من يختلف حول هذا الأمر. نحن كدول خليجية علينا أن نعترف بأن سياساتنا السابقة تحتاج لإعادة النظر فيها، خاصة معاملة الأقليات، مما خلق حالة من عدم الرضا والقبول لفئة مهمة من مجتمعنا، كما خلق فراغاً سياسياً سمح لإيران وبعض الأحزاب المتطرفة بالتدخل في قضايانا الداخلية. وما هو تصور دول الخليج للمنطقة بعد سقوط نظام الأسد؟ كل المؤشرات تدل على أن النظام القادم سيكون إسلامياً متطرفاً، سواء تحت حكم «الإخوان المسلمين» أو الجهاديين... وفي الحالتين فإن الأمر سيؤثر حتماً على العراق ولبنان، لأن النظام الجديد في دمشق سيدعم السنة في العراق ولبنان. وبالنسبة للعراق فهو يعاني اليوم من أزمة سياسية خانقة مزقت نسيجه الاجتماعي؛ الأكراد يريدون استقلالا ذاتياً حسب الفيدرالية بدون تدخل من السلطة المركزية في بغداد، ومنطقة الأنبار السنية تعلن العصيان المدني. وعلى العموم فإن المنطقة مقبلة على متغيرات سريعة تتطلب مفاتحة الأنظمة الخليجية لشعوبها ومشاركتها في كيفية التصدي لهذه المتغيرات.