بعد أيام من نشر الفيديو الذي يظهر حرق الطيار الأردني على يد تنظيم «داعش» الإرهابي، أكد الرئيس أوباما في مؤتمر «إفطار الصلاة الوطنية» أنه من الممكن تحريف جميع الأديان وإساءة استخدامها باسم «الشر»، وأن الإرهابيين الذين يزعمون أنهم «ينافحون عن الإسلام»، هم في الحقيقة «يخونون تعاليمه». واعتبر المنتقدون أن توقيت تصريحات أوباما غير ملائم، ورسالته عن الإسلام قد تكون مبتذلة، مشيرين إلى أنه كان لابد أن يتفادى المساواة الأخلاقية، ويتوقف عن لعب دور العالم الديني، ويقر بأن لدى الدين عموماً مشكلة مع العنف والتطرف! وبعد أيام من هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، خلع جورج بوش حذاءه، ودخل قاعة الصلاة في مركز واشنطن الإسلامي، وتحدث مع قادة المسلمين، وأدلى بتصريح مقتضب قال فيه: «إن أعمال العنف ضد الأبرياء تخالف التعاليم الأساسية للعقيدة الإسلامية، ولا يمثل الإرهاب جوهر الإسلام الحقيقي». وفي 20 سبتمبر عام 2001، وصف بوش أمام جلسة مشتركة في الكونجرس «تعاليم الدين الإسلامي» بأنها «جيدة وسلمية»، مضيفاً: «إن الإرهابيين خائنون لدينهم، ويحاولون خطف الإسلام ذاته». وفي نهاية فترته الرئاسية الثانية، عندما راج لدى بعض المتشددين اتهام للولايات المتحدة بأنها تخوض حرباً ضد الإسلام، رد بوش قائلاً: «أعتقد أن الإسلام دين عظيم يدعو للسلام، وأتصور أن الناس الذين يقتلون الأبرياء لتحقيق أهداف سياسية ليسوا متدينين، حتى إذا كان مسيحي هو من يفعل ذلك، ولدينا شخص فجر مبنى فيدرالي في أوكلاهوما وصف نفسه بأنه مسيحي، ولكن قتل الأبرياء لا يمت للمسيحية بصلة». غير أن أولئك الذين يرغبون في وصم الطبيعة الإسلامية بالإرهاب، مثل بوبي جيندال الذي قال إن الإسلام فيه مشكلة، ينبغي أن يكونوا واضحين إزاء شيء آخر، وهو أنهم يقترحون تحولاً متشدداً في الاستراتيجية الخطابية للحرب على الإرهاب. وفي منهج بوش وأوباما، يعتبر الإرهاب انحرافاً يجب أن يكون منفصلاً. بينما يعتقد المنتقدون أنه نابع من فهم منحرف يزعم الانتساب للإسلام ولابد أن يتبرأ الإسلام الصحيح منه. والبعض، بدافع اليمينية والتشدد، يحض الرئيس على إعلان أحد الأديان الحنيفية بزعم كونه يمثل تهديداً خاصاً! بيد أن أولئك الذين يتمنون على أوباما أن يتناول هذه الأمور علانية هم من يحضونه أيضاً على أن يتصرف كعالم دين! فتصريحات الرئيس بشأن مثل هذه القضايا لا ينبغي أن تكون دينية، ولكن ظاهراتية، أي مرتبطة بالظواهر. والظاهرة الواضحة أن الغالبية العظمى من المسلمين في العالم، وغالبية إجماعية من المسلمين في أميركا، يعتقدون أن دينهم يعارض على نحو لا ريب فيه ولا تبديل وضع أي شخص في قفص وإضرام النار فيه، أو استغلال المختلين عقلياً في تفجيرات انتحارية، أو وأد الأطفال أحياء. وهذا هو التقسيم الفعلي الذي يهم، والتقسيم الخطابي الذي يخدم بشكل أفضل مصالح الولايات المتحدة: أناس مسالمون في مواجهة إرهابيين! يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»