قبل يوم من الانتخابات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، والذي كان خائفاً، تنصله من التزامه بقيام دولة فلسطينية. وفي يوم الانتخابات سعى لتعبئة أنصار حزبه «الليكود»، وكاد يدعو لتجريد عرب 48 من حق التصويت. لقد أدار نتنياهو حملة فيها الخوف وفيها الاشمئزاز. وفي الأيام الأخيرة من الحملة، حينما أشارت استطلاعات الرأي إلى أن حزبه متأخر عن خصمه حزب «العمل»، كان واضحاً أن نتنياهو قرر استدراج الناخبين بأي وسيلة، إذ لن يذهب ناخب للتصويت وهو يعتقد أن هناك شخصاً يحتقر الفلسطينيين، ويقلل من شأنهم أكثر من نتنياهو. وحتى الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية الإسرائيلية، كان زعماء الأحزاب الواقعة إلى يمين «الليكود» يتفوقون على نتنياهو في اجتذاب الناخبين بتصريحاتهم المتشددة تجاه الفلسطينيين، لكن نتنياهو ضيّق الفجوة، ونجاحه في اجتذاب الخائفين والمتعصبين إلى حزبه قلص نتائج كل الأحزاب اليمينية المتطرفة. وكراهية نتنياهو للإقبال الكبير من العرب على التصويت، لها ما يقابلها عند الحزب الجمهوري الأميركي الذي حارب تصويت الأقليات، ووضع قيوداً كثيرة على توسيع حق التصويت. وبعد حملة نتنياهو الكارثية لن تزداد مشاكل إسرائيل إلا سوءاً، ومعارضته الرسمية الآن لحل الدولتين ستعمق عزلة إسرائيل وتقلص الدعم الأميركي لها. فما الطريقة التي يفترض أن يرد بها عرب إسرائيل والفلسطينيون على التصريحات المتطرفة في النهاية؟ وإذا أغلقت كل المسارات السياسية أمامهم مع النظر إلى تصويتهم، باعتباره تهديداً لإسرائيل، فما المسار الذي يستطيعون سلوكه؟ وأخيراً، أين تترك حملة نتنياهو العدد الكبير من اليهود الذين أيدوا «العمل» وأحزاب الوسط واليسار الأخرى؟ ومع تنامي عزلة إسرائيل خارجياً وتفاقم معدلات الخوف والاشمئزاز داخلياً، إلى أي مدى يبقى هؤلاء اليهود المنتخبون إسرائيليين؟ هارولد مايرسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»