في جنوب آسيا، هناك صراع بين تنظيم «داعش» ومجموعة من التنظيمات ذات أيديولوجيا مماثلة: «حركة طالبان باكستان»، التي يوجد مقرها حالياً في أفغانستان، و«طالبان أفغانستان»، و«القاعدة». هذه التنظيمات الإرهابية تسعى إلى إنشاء أحد نظامين إسلاميين سياسيين متنافسين: «نظام الخلافة» أو «نظام أمير المؤمنين». ومعاً أطلقت هذه التنظيمات أربعة أنواع مختلفة من التطرف بهدف إقامة «إقليم خراسان الدولة الإسلامية»، أو «دولة خراسان الإسلامية»، أو إمارة أفغانستان أو «وزيرستان الإسلامية». وعلى خلفية هذه الأنواع المختلفة من التطرف، يبدو أن تنظيم «داعش» يواجه صعوبات كبيرة في إقامة «إقليم خراسان التابع للدولة الإسلامية» الذي يريده في جنوب آسيا. فحالياً، هناك تنافس أيديولوجي محتدم في أفغانستان بين تنظيم «داعش» وتنظيمات أخرى ذات أيديولوجيا مماثلة و«طالبان أفغانستان» إلى جانب تنظيمات تابعة. ونتيجة لذلك، لم يستطع فرع تنظيم «داعش» في أفغانستان تحقيق نجاح من المستوى الذي استطاع تحقيقه سابقاً في العراق وسوريا. وعليه، فإذا لم يستطع «داعش» تحقيق نجاحات في دولة ضعيفة مثل أفغانستان، فإن آفاقه المستقبلية في التجذر والنمو في أماكن أخرى من جنوب آسيا ستكون محدودة على الأرجح. ولفهم أي آفاق مستقبلية ممكنة لـ«داعش» في المنطقة، ينبغي فهم رؤية «داعش» السياسية ومقارنتها مع الرؤى السياسية التي تحرّك «القاعدة» و«طالبان أفغانستان» و«حركة طالبان باكستان». ففي جنوب آسيا، يهدف تنظيم «داعش» إلى إقامة إقليم خراسان تحت نظام الخلافة لأن أبا بكر البغدادي، الذي نصّب نفسه خليفة على «دولة داعش»، أعلن كل «السلطنات» والحركات بما في ذلك حركة «طالبان»، غير شرعية. وقد صوّرت خريطةٌ نشرها «داعش» المناطق التي يطمح التنظيم للتمدد فيها في الشرق الأوسط، وبلدان وسط وجنوب آسيا المسلمة، وشمال أفريقيا، وإسبانيا، وتصوِّرُ ي كلاً من باكستان وأفغانستان باعتبارهما جزءاً من إقليم خراسان. ويَعتبر تنظيم «داعش» الإقليمَ معسكراً للجهاد الدولي ومنصةً يقوم انطلاقاً منها بتمديد حدود «دولته» إلى أجزاء أخرى من العالم، مثل الهند. ومن جانبها، تسعى «القاعدة» إلى إقامة «دولة خراسان الإسلامية» الخاصة بها، وتعتقد أن الكفاح من أجل إنشاء دولة خراسان الإسلامية سينطلق من منطقة مالاكاند الباكستانية وإقليمي نوريستان وكونار في أفغانستان. ولتحقيق هدفها، أعلن أيمن الظواهري في سبتمبر 2014 إقامة «قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية»، المعروفة أيضاً باسم «القاعدة في جنوب آسيا». الإعلان عن هذا التنظيم الإقليمي الجديد، الذي جاء بعيد الانقسام الرسمي بين الظواهري والبغدادي، كان مجرد رد فعل على إعلان الأخير لنظام خلافة. ولكن «القاعدة» «لم تنشر أي خريطة تُظهر حدود المنطقة التي تريدها أن تخصصها لدولة خراسان الإسلامية». ومع أن التنظيم يقول إنه مازال حليفاً وموالياً لـ«أمير المؤمنين» في طالبان أفغانستان، فإنه لم يصدر عنه أي بيان يشير إلى أن ما يسمى «دولة خراسان الإسلامية» ستُحكم من قبل هذا الأخير. في البداية، لم تكن الرؤية السياسية المشار إليها أعلاه جزءاً من أهداف «حركة طالبان باكستان». ذلك أن أهدافها المعلَنة كانت تقتصر على محاربة الدولة الباكستانية، وتطبيق الشريعة (وفق تأويل حركة باكستان طالبان)، وتطبيق استراتيجية ضد قوات «الناتو» بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان. ولكن لاحقاً، أفادت تقارير بأن بيت الله محسود (الذي قُتل في أغسطس 2009) كان يريد إقامة «إمارة وزيرستان الإسلامية» في مناطق باكستان القبلية، كما أن «فضل الله» الزعيم الحالي لـ«حركة طالبان باكستان» متأثرٌ أيضاً بفكرة حركة خراسان ويَعتبره البعض مؤسسها. غير أن «حركة طالبان باكستان» لم تُصدر أي بيان يفيد بأن ما يسمى «إمارة وزيرستان الإسلامية» ستُحكم من قبل «أمير المؤمنين في طالبان أفغانستان. ذلك أن«حركة طالبان باكستان» تشتغل بشكل منفصل عن «طالبان أفغانستان»، على الرغم من أنها تصطف مع الأخيرة بشكل فضفاض وتزعم أنها ستظل موالية لـ«أمير المؤمنين»، وبالمقابل، فإن «حركة طالبان باكستان» رفضت بشكل صريح «خلافة داعش». فوفق «الحركة»، فإن البغدادي ليس خليفة لأن الخليفة في الإسلام يعني امتلاك سلطة على كل العالم الإسلامي، والحال أن البغدادي لا يحكم سوى مجموعة محددة من الناس وسلطته تقتصر على أجزاء محددة من الأراضي. «طالبان أفغانستان» لم ترفض رؤية تنظيم «داعش» المتمثلة في تأسيس إقليم خراسان تحت «الخلافة» فحسب، ولكنها تقاتل أيضاً ضد التنظيم في أفغانستان، وهدفها النهائي هو عودة «إمارة أفغانستان المفقودة». ونظراً لأن تركزيها منصبٌّ فقط على المفهوم السياسي للإمارة، فإن جهاد«طالبان أفغانستان» يقتصر على أراضي أفغانستان، من دون أي طموح إقليمي أو دولي لإقامة أي دولة إسلامية (خلافاً لـ«داعش» و«القاعدة»). ونظراً لكونها محلية النشأة، فقد أثبتت «طالبان أفغانستان» أنها ذات شعبية أكبر في جنوب آسيا مقارنة مع «داعش». محمد نواز خان باحث بمعهد إسلام آباد للبحوث السياسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»