قرار مجلس الوزراء، الذي صدر قبل أيام عدة، بتحرير عدد من الوكالات التجارية في المواد الغذائية، يبشر بمرحلة جديدة تصب في مصلحة المستهلك، وتضع حداً للاحتكار الذي فرضه نظام الوكالات على معظم السلع التي تصلنا، والتي يتحكم في أسعارها قله قليلة من أصحاب هذه التوكيلات. وتشمل قائمة السلع المحررة، المواد الغذائية ومياه الشرب بأنواعها، وجميع منتجات الألبان، والمواشي الحية، والدهون والزيوت، والبيض، وغيرها، وجاءت بناء على مذكرة مرفوعة من وزارة الاقتصاد، بهدف الحد من الارتفاعات غير المبررة في أسعار بعض السلع، وتعزيز مبدأ المنافسة في أسواق الدولة، ومحاربة الاحتكار والاستغلال بأنواعه كافة. وأعتقد أن جمهور المتسوقين سيلمس قيمة القرارات، عندما يجد هذه المواد على أرفف الجمعيات بأسعارها المخفضة. ولا شك في أن الحكومة في مسألة إلغاء الوكالات، بدأت بالقطاع الأهم، وهو المنتجات الغذائية، والتي تمس حياة الناس بشكل مباشر، وتعتبر من أساسيات الحياة التي لا يمكن الاستغناء عنها، والتي لا يجوز أن تكون محتكرة من قبل أي جهة، لكن ذلك لا يمنع من التوسع في فكرة إلغاء الوكالات، لتشمل قطاعات أخرى في المستقبل، إلى أن نصل إلى مرحلة التخلص من الوكالات بشكل نهائي. ولا أعتقد أن أحداً يختلف على أن مسألة الاحتكار مرفوضة، وتخدم مصلحة فئة قليلة تستفيد من سيطرتها على سلع معينة، وتتحكم في أسعارها سواء كانت غذائية أو غيرها، بصورة تضر بالصالح العام، وبمصالح المستهلك الذي يجد نفسه مضطراً للانصياع للأسعار التي يحددها الوكيل، لأنه ببساطة لا يملك بديلاً آخر. وقبل أيام قرأت تصريحات للمدير التنفيذي لشركة "شرف دي جي" للإلكترونيات، ياسر شرف، يطالب فيها بتحرير سوق الإلكترونيات من الوكالات التجارية، وإلغائها، والسماح للجميع بالاستيراد المباشر، لأن من شأن ذلك أن يزيد من قوة المنافسة، ويحد من ارتفاع الأسعار في هذا القطاع، ويقدم وجهة نظر معقولة، بأن تعدد قنوات البيع من الوكيل إلى الموزع يزيد في النهاية من التكلفة التي يدفعها المستهلك، حيث يفرض الوكيل سعراً محدداً للبيع، يضاف إليه فائدة الموزع، والمحصلة وصول السلعة للمستهلك بسعر مرتفع، والمفاجأة في كلامه أن الضرر لا يلحق بالمستهلك فقط، ولكن يطال التاجر المواطن نفسه الذي يتوجب عليه أن يرضخ للأسعار التي يحددها الوكيل. والمعنى واضح أن الاحتكار يضر بالكل، بالمستهلك والتاجر، ولا توجد جدوى من التمسك به. لقد استفاد الوكلاء لسنوات طويلة من قانون الوكالات في الدولة، والذي قدم لهم مظلة ساعدتهم على ممارسة الاحتكار، وسيطرتهم على سلع معينة كانوا يلعبون فيها دور الآمر الناهي، وقد آن الأوان أن تنتهي هذه المرحلة، وتبدأ مرحلة جديدة تسقط فيها كل الأشكال البغيضة للاحتكار. salshamsi@admedia.ae