أحمد مراد (القاهرة)
يقول الله تعالى: (كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَة)، «سورة العلق: الآيتين 15 - 16»، ويقصد بالناصية مقدمة الرأس، وتحديداً في منطقة الجبهة، ونزلت هذه الآية الكريمة رداً على أبي جهل الذي كان يكذّب النبي.
وتحمل الآية الكريمة وجهاً من أوجه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، حيث إنها تحدثت عن هذا الجزء من الدماغ ووظيفته قبل أن يكتشفه العلماء في العصر الحديث باستخدام أحدث الأجهزة التكنولوجية.
وكان السؤال المحير: كيف يصف القرآن الناصية بأنها كاذبة خاطئة رغم أنها لا تنطق ؟، وقد أزال العلماء هذه الحيرة عندما كشفوا عن وظيفة هذا الجزء من المخ وهي توجيه سلوك الإنسان، فالإنسان إذا أراد أن يكذب، فإن القرار يتخذ في الفص الجبهي للمخ الذي هو جبهة الإنسان وناصيته، وإذا أراد الخطيئة، فإن القرار كذلك يتخذ في الناصية.
وهذا المعنى ذهب إليه عالم الأجنة الكندي «كيث إل مور» الذي أكد أن الناصية هي المسؤولة عن المقايسات العليا وتوجيه سلوك الإنسان، وما الجوارح إلا جنود تنفذ هذه القرارات التي تتخذ في الناصية. وتمثل القشرة الأمامية الجبهية الجزء الأكبر من الفص الجبهي للمخ، وترتبط وظيفتها بتكوين شخصية الفرد، وتعتبر مركزاً علوياً من مراكز التركيز والتفكير والذاكرة، وتؤدي دوراً منتظماً لعمق إحساس الفرد بالمشاعر. وبذلك تكون القشرة الأمامية الجبهية هي الموجه لبعض تصرفات الإنسان التي تنم عن شخصيته، مثل: الصدق، والكذب، وغيرها.
كما تطرق كيث إل مور إلى بيان وظيفة الناصية في مخ الحيوانات المختلفة، وقدم صوراً للفصوص الجبهية في عدد منها، وأكد أن دراسة التشريح المقارن لأمخاخ الإنسان والحيوان تدل على تشابه في وظيفة الناصية، وهو الأمر الذي تشير إليه آية قرآنية أخرى يقول تعالى: (... مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، «سورة هود: الآية 56».
عدد اليوم
