السبت 27 يوليو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إقامة إسرائيل كبرى تشمل نصف الضفّة هدف الانسحاب من غزة

8 أكتوبر 2005

ثمّة فجوة مذهلة بين الخطاب العالمي حول خطّة فك الارتباط الخاصة بحكومة أريئيل شارون وبين الواقع في غزة · ففي الوقت الذي يتمّ فيه عرض الانسحاب الإسرائيلي في المنتديات الدولية العامة على أنّه قرار تاريخيّ يوفّر فرصة نادرة لتحقيق السّلام في المنطقة، يحذّر المراقبون - وخصوصًا في فلسطين- من أنّ الخطّة لن تدفع، على الأرجح، بعمليّة السّلام قدمًا؛ وفي الحقيقة هي تُعتبر محاولةً إسرائيليّة مقصودة لإعاقة أيّ تقدّم مستقبليّ نحو حلّ مقبول· عدم التوافق هذا بين الطرح وبين الواقع يجعل تقييم معنى الانسحاب من غزّة ومناقشته من منظور حقوق الإنسان أمرًا صعبًا·
ثمّة إجماع بين مفكّري ومثقّفي الرأي السائد الإسرائيلي والفلسطيني على أنّ فك الارتباط عن غزّة هو أمر لا يتعدّى كونه إعادة انتشار للقوّات الإسرائيليّة، وهو لا يعني تغيير الوضع الراهن أو إنهاء الاحتلال· وتستند هذه المقالة إلى الافتراض ذاته: نظريًا، لا يمنع هذا التصور، في حدّ ذاته، حدوث تحسّن محتمل في حياة وحقوق السكّان الذين يعيشون في المناطق الفلسطينية المحتلّة في العام ،·1967 لكن، من أجل أن يتبلور الانسحاب إلى واقع جديد، يجب على الانسحاب أن يعني انفصالاً إسرائيليًا حقيقيًا عن حياة الفلسطينيين في قطاع غزّة والأجزاء الشمالية من الضفةالغربية، حسب خطة شارون، وللأسف، هنالك القليل من الدلائل المنذرة بأن هذا ما سيحدث في الحقيقة نتيجة فكّ الارتباط·
النذير الأوّل هو إصرار إسرائيل على أنّه لن يكون هناك مزيد من التنازلات المناطقيّة· وفي حين أنّه لا يتمّ، دائمًا، التّعبير عن هذا الموقف بشكل علنيّ، إلا أن دوف فايسغلاس، وهو مستشار رفيع لأريئيل شارون، عبّر عن ذلك بوضوح في مقابلة مع هآرتس مؤخرا ، صرّح فيها: فك الارتباط هو تنازل لن يتكرر في الضفة وأعلن مسؤولون إسرائيليون كبار آخرون، بمن فيهم رئيس الوزراء نفسه، أنّ عملية فكّ الارتباط هي صدمة وطنيّة؛ وهم يقصدون بذلك أنّه لن تقوم أيّ حكومة إسرائيلية بمحاولة السعي لمثل هذه الخطوة مرّة أخرى على الإطلاق· إضافةً إلى ذلك، قلص الإسرائيليون، قدر المستطاع، من التّعاون مع السلطة الفلسطينية بشأن الانسحاب، بغية تجنّب خلق انطباع بأنّ الانسحاب هو جزء من حوار حول السّلام، وأنّه ليس إعادة انتشار للقوّات، كما يرغبون هم في عرضه·
تلائم هذه التصريحات بشكل جيّد الإستراتيجية الشاملة لحكومة شارون، التي تتمتّع بدعم واسع النطاق لدى جمهور الناخبين الإسرائيلي· الهدف هو إقامة إسرائيل الكبرى، تشمل نصف الضفّة الغربية تقريبًا، لكنّها تستثني قطاع غزة ومناطق فلسطينيّة محضة في الضفة الغربية (تنتشر هذه المناطق بشكل متقطّع بين الكتل الاستيطانية اليهودية وهي تفتقر إلى التواصل المناطقي)· ويمكن أن تصبح الجيوب الفلسطينية في الضفة الغربية، بالإضافة إلى قطاع غزة، مناطق ذات حكم ذاتي، وحتى يمكن تسميتها دولة، في مرحلة لاحقة·
وهكذا، فإنّ السياق الأوسع لتحليل تأثير خطّة فك الارتباط على حقوق الإنسان هو التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي العام· وستؤثّر الرؤية الإسرائيلية المستقبلية هذه على حقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية المحتلة، وداخل إسرائيل، بطرق كثيرة·
إنّ الاحتمال بألا تؤدّي خطّة فك الارتباط إلى إنهاء الاحتلال، بل إلى تأبيده هو، بحدّ ذاته، بمثابة أخبار سيّئة لمستقبل حقوق الإنسان والحقوق المدنية للفلسطينيين· كذلك فإنّ أقلّ ما يمكن أن يُقال بالنسبة لاحتمال أن تؤدّي الأعمال الإسرائيلية الوحشية إلى حالات كثيرة من القتل داخل قطاع غزة، هو أنّه أمر مثير للقلق· علاوةً على ذلك، فإنّ الإصرار الإسرائيلي على فصل القطاع عن أيّ تواصل برّي من الشرق والشمال والجنوب، ومواصلة سد الطريق للبحر من الجهة الغربية يثير القلق الجدّي بشأن مستوى الحياة الاقتصادية والرفاهية الاجتماعيّة لأكثر من 1,4 مليون فلسطيني من سكّان القطاع·
باختصار، إنّ خطّة فكّ الارتباط هي خطوة نحو تعزيز نظام إسرائيلي تمييزيّ داخل الدّولة، إضافةً إلى سياسات الاحتلال، الاستعمار، والقتل المكثّف المحتمل في المناطق الفلسطينية المحتلّة· إنّ سوء الفهم المؤسف لهذه الخطوة في وسائل الإعلام العالميّة سيتيح للحكومة الإسرائيلية مواصلة مخطّطاتها· وكما كانت الحال في الماضي، فإنّه من واجب المجتمعات المدنيّة في الغرب أن تكشف النقاب عن هذه الصورة المشوّهة وأن تضغط على حكوماتها من أجل المطالبة بانسحاب إسرائيل الكامل من جميع المناطق الفلسطينيّة المحتلة عام ،1967 وإدخال قوّات حفظ السلام الدولية مكانها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©