السبت 27 يوليو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

د. نصر فريد واصل: يجوز لأهل البلاد التي يطول نهارها الصيام وفقا لتوقيت اقرب بلد معتدل

د. نصر فريد واصل: يجوز لأهل البلاد التي يطول نهارها الصيام وفقا لتوقيت اقرب بلد معتدل
22 أكتوبر 2005

القاهرة ـ أحمد شعبان:
حالة من الوعي الديني المرتفع يشهدها رمضان المبارك، حيث يتسابق المسلمون على الإطلاع والتثقف للوقوف على أحكام الصيام الصحيحة، ليتفادوا كل ما يفسد صيامهم ويبطل عباداتهم، وليحققوا غاية الصيام وجوهر رسالته، حتى يكون صومهم مقبولا ويجنوا ثوابه العظيم ولهذا يهتم الصائمون بمعرفة كل كبيرة وصغيرة حول ما يتعلق بالصيام وآدابه وأحكامه وفضائله
د نصر فريد واصل -مفتي مصر الأسبق- يتحدث في الحوار التالي عن فضائل شهر رمضان وعلاقته بوحدة المسلمين، ومبطلات الصوم وبعض الأمور الأخرى المتعلقة بأحكام الصيام والتي تشغل أذهان المسلمين في شهر رمضان
؟ بداية مع حلول شهر رمضان يتذكر الجميع فريضة غائبة ومفقودة بين شعوب الإمة الإسلامية وهي فريضة الوحدة الإسلامية فما علاقة رمضان بوحدة المسلمين؟
؟؟ شهر رمضان شهر يتقرب فيه جميع المسلمين إلى الله، وتزداد طاعاتهم لله تعالى، وتسمو مشاعرهم وتصفو نفوسهم، ويكونوا بذلك مؤهلين للوحدة أكثر من أي وقت آخر، فرمضان يوحد شعوب الأمة في السراء والضراء وفي الآمال والآلام، وهذا ينمي لديهم الرغبة القوية الصادقة في الالتفاف حول قوله تعالى: 'و اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا' حتى يكونوا يدا واحدة مع انفسهم وضد أعدائهم المتربصين بهم وبحضارتهم، وقوله تعالى 'جميعا' دعوة صريحة للمسلمين في كل أرجاء الدنيا وفي كل الأوقات والأزمان ليكونوا أمة واحدة في الهدف والرسالة
ولاشك أن شهر رمضان هو سبيلنا الوحيد لتحقيق ذلك، حيث يصوم المسلمون في جميع انحاء العالم في مواقيت متقاربة تكاد تكون واحدة في كثير من الدول، ويفطرون كذلك في مواقيت واحدة، فتوحدهم شعائر الصيام الذي يدعو أيضا الى الأخذ بما أمر به الله ورسوله والنهي عن ما نهى الله ورسوله، وقد حذر الرسول من الفرقة ونهى عن الخلاف والتناحر بين المسلمين، وحث على جمع الشمل فقال: 'عليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية' ولهذا وجب على المسلمين جميعا في كل عصر ومكان أن يوحدوا صفوفهم، ويلتفوا حول كتاب الله وسنة رسوله، ليظهروا بمظهر القوة والعزة والكرامة والاستعداد لرد العدوان والاعتداء، وليس هناك فرصة أعظم من رمضان تحفز على ذلك، وياليتنا نتخذ من رمضان نقطة الانطلاق نحو هذه الوحدة
مشقة الصيام
؟ شرع الله 'سبحانه وتعالى' الصيام لحكمة جليلة أكد عليها بقوله: 'لعلكم تتقون' ومن هنا لم يكن الصيام أبدا مشقة أو إرهاق، ولكن هناك من المسلمين من يعاني من مشقة الصيام والتي منها زيادة عدد ساعات النهار في بعض الدول الاوروبية، حيث تقترب فيها ساعات الصيام من تسع عشرة ساعة فماذا تقولون في هذا؟
؟؟ يقول الله جل شأنه: 'يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات، فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطبقونه فدية طعام مسكين، فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون' بهذه الآية الكريمة فرض الله تعالى صوم شهر رمضان على المسلمين، وهذا الخطاب القرآني عام لجميع المسلمين في كل زمان ومكان، ولم يقصد الله تعالى بهذا التكليف مشقة أو إرهاقا 'وما جعل في الدين من حرج'، ومن ثم متى حل شهر رمضان وجب على المسلمين جميعا صيامه أيا كان موقعهم في الأرض دون تفرقة بين بلد يطول فيها النهار أو يقصر، ما دامت شروط الصيام متحققة فيهم من حيث البلوغ والعقل والقدرة
أما في حالة البلاد التي يطول فيها النهار، حتى لا يكون ليلها إلا جزءا يسيرا أو يطول الليل حتى لا يكون النهار فيها إلا ضوءا يسيرا، فيجب على أهل هذه البلاد أن يقدروا للصيام وقتا معتدلا فيصوموا قدر الساعات التي يصومها المسلمون في أقرب البلاد المعتدلة منهم، أو يتخذوا من مواقيت البلاد المعتدلة مثل مكة والمدينة معيارا للصوم وقدرا للساعات التي يصومونها وهذا استنادا لقوله تعالى: 'يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر'، وقوله ايضا: 'لا يكلف الله نفسا إلا وسعها' ومن هنا تنتفي صفة المشقة فالله تعالى لم يفرض فرضا إلا ما هو في وسعنا وطاقتنا
؟ صوم الحامل والمرضع قضية أثير حولها آراء عدة، بعضها يجيز لهن الإفطار والبعض الآخر يرى صيامهن أفضل إذا ملكن القدرة فما هو القول الفصل في ذلك؟
؟؟ قضية صوم الحامل والمرضع فيها أربعة أقوال: الأول هو قول ابن عمرو بن عباس وسعيد بن جبير 'رضى الله عنهما' بأن يفطرن ويطعمن ولا قضاء عليهن والثاني قول عطاء بن أبي رباح والحسن والنخعي والزهري بأن يفطرن ويقضين ولا فدية كالمريض والثالث قول الشافعي وأحمد بأن يفطرن ويقضين ويطعمن والرابع قول مالك بأن الحامل تفطر وتقضي ولا فدية عليها والمرضع تفطر وتقضي وتفدي
وحجة الشافعي وأحمد أن المرضع والحامل يدخلن في منطوق قوله تعالى: 'وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين' لأنه يشمل الرجل المسن والمرأة المسنة وكل من يجهده الصوم، ومن ثم كان عليهن الفدية كالشيخ الكبير وحجة أبي حنيفة أن الحامل والمرضع في حكم المريض سواء خافتا على نفسيهما أم على ولديهما والفصل في ذلك كله أن الحامل والمرضع يفطرن ويقضين في أيام أخر ولا فدية عليهن كالمريض إذا خافتا الهلاك من المرض على نفسيهما أو ولديهما
مبطلات الصوم
؟ وما هي أهم مبطلات الصوم؟ وماذا عمن يفعلها ويصوم؟
؟؟ من المعلوم شرعا أن مبطلات الصوم ومفسداته هي التي تنقضه وتفسده، ولا يصح معها الصوم، ولو نوى العبد الصيام مع الفعل المفسد وقصد بذلك الصيام والمخالفة معا، فقد ارتكب إثما عظيما وكبيرة من الكبائر التي لا يكفرها إلا التوبة الخالصة، والرجوع إلى الله تعالى بالشهادتين، معترفا بالمخالفة والتقصير وطلب العفو والمغفرة والرحمة من الله تعالى، مع القضاء لما أفسده والتكفير عنه بالكفارات الشرعية التي أمر الله بها في كتابه الكريم، وأكد عليها النبي 'صلى الله عليه وسلم' في احاديث كثيرة
ومبطلات الصيام المشروع ومفسداته، منها تعمد إتيان الصائم للمفطرات المنهى عنها من الطعام والشراب والجماع في نهار رمضان وغير ذلك، من طلوع الفجر الى غروب الشمس، لقوله تعالى: 'وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم أتموا الصيام الى الليل'، وقوله تعالى، في حل ليل الصيام دون نهاره في الطعام والشراب وايتاء الزوجات: 'أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود عن الفجر ثم أتموا الصيام الى الليل'
ومبطلات الصيام ومفسداته هذه، منها ما يترتب عليها القضاء فقط ومنها ما يوجب القضاء والكفارة ومثال على ذلك أن جمهور فقهاء المالكية والحنابلة والشافعية يرون أن وضع القطرة للعين خلال الصيام لا يفسد الصوم، إذ لم تصل الى الجوف ولم يوجد أثرها في الحلق، أما إذا وصلت إلى الحلق ووجد أثرها فيه فهى مفسدة للصوم، مستدلين بما أخرجه الدارقطني والبيهقي فيما رواه ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 'الفطر مما دخل والوضوء مما خرج' وذلك لأنه إذا وصلت القطرة إلى الحلق ووجد أثرها فيه، فمعناه أنه دخل شيء من منفذ طبيعي فيفسد الصوم ويجب القضاء دون الكفارة
والحنفية يرون أن وضع القطرة بالعين أثناء الصيام لا يفسد الصوم مطلقا سواء وصلت الى الحلق أم لم تصل وما ذهب إليه الحنفية في هذا الصدد هو الذي نميل إلى الإفتاء والعمل به تيسيرا على الناس لقوله تعالى: 'يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر'، ولقوله صلى الله عليه وسلم: 'يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا'
المرأة والتراويح
؟ صلاة المرأة للتراويح هناك من يرى أن الأفضل أن تكون في المساجد، وهناك من يعترض على ذلك فما قولكم؟
؟؟ يجوز للنساء الخروج إلى المساجد وشهود الجماعة، بشرط أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة والتطيب كما جاء في حديث ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 'لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات' غير أن هناك من يرى أن الأفضل لهن الصلاة في بيوتهن استنادا لما رواه الإمام أحمد والطبراني عن أم حميد الساعدية أنها جاءت إلى رسول الله 'صلى الله عليه وسلم' فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك فقال -صلى الله عليه وسلم: 'قد علمت وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجد الجماعة' وعلى الزوج ألا يحرم زوجته من حضور الصلاة جماعة أيام رمضان، لأن ذلك يقوي العلاقة بينها وبين الله سبحانه وتعالى، ويتيح لها فرصة الاستماع للدرس ومتابعة حلقات العلم
؟ بغرض التمكن من الصلاة والصيام طول شهر رمضان، هناك بعض النساء يتناولن حبوبا لتأخير الحيض في رمضان فهل هذا جائز شرعا أم لا؟
؟؟ معلوم من الفقه الإسلامي أن الحيض إن صادف المرأة في رمضان، وجب عليها الفطر ولزمها القضاء بعد رمضان، فرضا على التراضي لا على الفور، أي عليها القضاء في أي يوم من أيام العام المقبل بعد رمضان، بشرط أن لا يأتي عليها رمضان الجديد وعليها أيام من القضاء، ومن الأفضل أن تأخذ المرأة في رمضان بما رخصه لها الله سبحانه وتعالى·
أما إذا أرادت المرأة أن تزداد حرصا على الدين والعقيدة، وأن تتخلص من الحيض في شهر رمضان عن طريق استخدام الحبوب، لكي تعيش طوال الشهر طاهرة ونظيفة ولا تضيع يوما من الصيام ولا ليلة من الذكر وقراءة القرآن والتمتع بالعيش في ضيافة الرحمن طيلة الشهر كله، حتى تتم صيامه كله إيمانا واحتسابا لله رب العالمين، فالأجر إن شاء الله موصول والصوم مقبول، بشرط أن يقول الطبيب المسلم الثقة أنه لا تأثير لتأخير الدورة الشهرية على صحة المرأة ·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©