السبت 27 يوليو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبد الصبور مرزوق: قلبي يكبر عن حجمه واستدعي الطفل الصغير داخلي

عبد الصبور مرزوق: قلبي يكبر عن حجمه واستدعي الطفل الصغير داخلي
25 أكتوبر 2005
د· محمد يونس:
في رمضان أشعر بأن قلبي أكبر من حجمه العادي ويتعمق داخلي إحساس كبير بأن من حق الآخرين علي أن أبادرهم بالخير ··وأقلد الشيخ محمد رفعت ! ·· هذا جزء من تجليات وتداعيات رمضان عند الدكتور عبد الصبور مرزوق نائب رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء ونرصد أيضا - في هذه الحلقة من ' رمضان في حياتهم' ذكريات الشهر الكريم ومعانيه لدى الدكتور هاشم عبد الراضي أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الإمارات- حول الكعبة حيث يتجلى فيض الزمان مع قدسية المكان·
يقول الدكتور عبد الصبور مرزوق: القرآن الكريم رفيقي الدائم في رمضان وفي غيره ··ولكن في هذا الشهر الكريم أقوم بعادة كنت أمارسها منذ الصغر وهي أنني أحاول أن أقلد الشيخ محمد رفعت في تجويده القرآن الكريم ·وأولى اهتماما أكثر بالجانب العملي وبخاصة المساعدة في قضاء حوائج الناس ودعم أشكال التكافل الاجتماعي·
إنفاق يوم واحد أكثر مما أنفقه الخلفاء الراشدون!
و يضيف الدكتور مرزوق -بأسى -: أنه في مطلع رمضان من كل عام يعقد مقارنة بين أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان و أحوالنا اليوم، فحينما نقرأ ما تقوله السيدة عائشة رضي الله عنها حين سألها ابن أختها عبد الله بن الزبير: (كيف كان طعامكم يا أماه ، فأجابت: كان يمر علينا الهلال و الهلال الثاني و الثالث وما يوقد في بيت محمد النار، وسألها: كيف كان عيشكم يا أماه، فقالت: الأسودان للتمر و الماء ) ·· هذا ما كان عليه الرسول الذي حول مسار التاريخ ، ولكن اليوم نجد أن أحد المترفين ينفق في يوم واحد ما أنفقه كل الخلفاء الراشدين ·
وفي الأيام الأخيرة من رمضان و الحديث - لا يزال للدكتور مرزوق - أستعيد بشجن كبير ذكريات الطفولة حينما كنت أمشي خلف المسحراتي الذي يشدو بصوت حزين وهو يودع شهر رمضان قائلاً : ' لا أوحش الله منك يا شهر الصيام فتنهمر دموعي حزناً على قرب نهاية فرح رمضان ' ··
حفاوة الأطفال
ولرمضان ذكريات خاصة في حياة الدكتور هاشم عبد الراضي عيسى أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية المساعد بجامعة الإمارات - الذي يقول: حرصنا منذ نعومة أظفارنا على أن نستقبل رمضان بمشاعر تفيض حفاوة به ،ونترجم هذه الحفاوة إلى سلوك عملي ، قد يتمثل أحيانا في بعض المظاهر التي تشبع أحاسيس الأطفال من زينة ، وفوانيس ( وهى تقاليد مصرية عند استقبال رمضان )· ويضيف شهدت ليالي رمضانية في بعض البلدان العربية الشقيقة، حيث قضيت رمضان في عام ( 1988/1989م ) في دولة الكويت ، وفى الأعوام الثلاثة الماضية هنا في العين ( الإمارات ) ، وكنت قد أبيت أن أقضي أي وقت من رمضان في لندن سنة 1999م ؛ إيمانا مني بأن رمضان لن تكون لأيامه ولا للياليه مذاق في غير البلدان الإسلامية·
رمضان في بيت الله الحرام
وفى عام 2000م حظيت بأن أكون من ضيوف مسجد الرسول- صلى الله عليه وسلم- في بعض أيام رمضان، وأن أرتاد المسجد الحرام في العشر الأواخر ، لأنعم بأيام وليال ـ أشهد الله أنى ما سعدت بمثلها قبلُ أو بعدُ ـ حيث كنا نقضي نهارا طيبا نستمتع فيه بنسمات بيت الله الحرام، وتنعم أبصارنا بالنظر إلى الكعبة ، ما بين طواف نسعى فيه إلى الله بالتقرب والطاعة، أو جلوس نرفع فيه أكفنا بالدعاء والاستغفار ، وكأن عيوننا تأبى أن تطرف، خشية أن تحرم من عبادة النظر إلى الكعبة والطائفين حولها والركع السجود · · وتمضى ساعات النهار ونحن في أروقة المسجد الحرام ، ما بين صلاة ، وقراءة للقرآن ، أو تدارس بعض أمور الشرع ، أو حنين وتلبية بطواف وسعى ، أو إنصات إلى درس علم·
وبعد قليل من الراحة نعود إلى جو الروحانية - والحديث للدكتور هاشم - حيث تستقبل قلوبنا وأعيننا الكعبة في دعاء تلحقه أذكار المساء حتى تدوي في جنبات مكة رنات آذان المغرب ، فتهفو نفوسنا شوقا لاستصحاب ذكريات عاشها الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم- وكأن بلالاً يصدح بالآذان، وتمتد أيدينا إلى تمرات تسابق أهل الخير من أهل مكة وضيوفها لتقديمها إلى المعتمرين الصائمين ، وما أعذب تلك الرشفات التي نحتسيها من ماء زمزم ، ونحن نتمتم بالدعاء ، كل يسأل الله مسألته ، وتختلط دموع استغفارنا برجاء من الله ألا يحرمنا ـ دائما ـ هذه النعمة ، وأمل في مزيد من فضله·
وعقب صلاة المغرب وما يتلوها من سنن ، يحرص كل منا أن يتبوأ مكاناً يستطيع من خلاله أن يستمتع بصلاة العشاء والقيام ، لذلك كنا نكتفي بتلك التمرات، حتى يتسنى لنا البقاء في ساحة المسجد أو على سطحه المكشوف ، ننهل من كتاب الله حتى تتعالى تكبيرات المؤذن بإقامة صلاة العشاء لنتحلق في دوائر روحانية جميلة حول بيت الله الحرام ( منظر لا يمكن وصف جماله ، أو تصويره لسامع ) ، وتتصاعد كلمات الله بتلاوة حسنة ـ ما أطيبها!! ـ من أحد أئمة الحرم المكي ، وتحلق معها أرواحنا في عالم قرآني آخر ·· وصمت من الخشوع لا تقطعه سوى أنات تتحشرج في صدورنا بالبكاء أو التباكى ···ولعل ذلك استجابة تلقائية لقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم- : ' أقرأوا كتاب الله ، وقفوا أمام آياته ، وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا ' ·· وتتجاوب أرواحنا مع طاعة الله والخشوع بالصلاة وفى الصلاة إلى أن تتعالى اناتنا بدعاء عريض يجرأ به إمامنا في قنوت الوتر ··
ثم نغادر المسجد لسويعات نأكل فيها بعضا من الطعام الذي نتقوى به على طاعة الله ··وكثيراً ما تحدث لقاءات بين الأصدقاء في هذه السويعات بصلاة التهجد ، التي تدفعنا إلى التسابق مرة أخرى إلى المسجد للفوز بمكان نحظى من خلاله بازدواج نعمة الطاعة (الصلاة والنظر إلى الكعبة) ·· ما أجمل الخشوع في شعائر صلاة التهجد التي يتلو فيها الإمام القرآن متتابعا ··ثم نمضي في دقائق معدودة للتناول ·· ونتسابق مرة أخرى لصلاة الفجر، وفى يقين كل منا قول النبي : 'ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ' ··· ونمكث تلهج ألسنتنا بذكر الله والدعاء وأذكار الصباح حتى تشرق علينا شمس يوم جديد تتسلل من بين شعاب مكة لتنشر أشعتها على جدار الكعبة ·· حيث نودعها إلى لقاء تال عند صلاة الظهر ··
ويضيف الدكتور هاشم عبد الراضي : تمضى أيام العشر الأواخر التي تجعلنا نقف على أعتاب ليلة ختم القرآن ـ والتي غالبا ما تكون ليلة السابع والعشرين ـ أملا في أن تكون ليلة القدر، فقد قضيت هذه الليلة في أحضان مكة بين أروقة بيت الله الحرام ميمما الكعبة ، تغمرني مشاعر يضيق المقام عن سردها ووصف وقائع ليلة ختم القرآن في المسجد الحرام ··ورنات دعاء أئمة البيت، وتأمين المعتمرين بالدعاء، وارتفاع صيحاتهم بالبكاء الممزوج بالأمل في نعمة الله بتكرار مثل هذه الأيام من رمضان في هذا المكان·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©